منتخبون بالجنوب.. بين الريع واستباحة المال العام وفشل رهان تنزيل الحكم الذاتي

زنقة 20 |متابعة

تعيش جل مدن الصحراء في الآونة الأخيرة هدوء مشوب بالكثير من الحذر على المستوى السياسي، وذلك وسط انسداد الأفق الإقتصادي وتراكم الأزمات الإجتماعية، حيث ومنذ محطة الثامن من شهر شتنبر المنصرم ،أعلنت أغلب الأحزاب السياسية طلاقها لأدوارها التأطيرية، وإنكفأت على نفسها، وتسيد إغلاق المقرات الحزبية المشهد، يحدث هذا في وقت يشتد الخناق في ملف الصحراء وتتواصل المؤامرات المستهدفة للوحدة الترابية.

وضع كان يقتضي بل يحتم تكثيف الأنشطة التعبوية والرفع من زخمها لإجهاض المؤامرات والدسائس، غير أن النخب السياسية المحلية وفي تجلي لا يمت للوطنية بصلة إختارت الإنزواء والإنسحاب من المشهد، متخلية عن دورها المحورية، تاركة الدولة ومؤسساتها في مواجهة مباشرة مع المواطن داخليا، ومع خصوم وحدتنا الترابية خارجيا .

واقع يفرض التساؤل عن جدوائية اصباغ التمثيلية الشرعية على المنتخبين للساكنة المحلية دون أن يضطلعوا بأي دور حقيقي على هذا المستوى، ودون أن يسجل لهم أنهم بذلوا أدنى جهد دبلوماسي لإقتحام معاقل خصوم بلادنا، ودون أن يشكلوا قيمة مضافة في دحر إنفصاليي الداخل، على الرغم من أن الدولة رصدت ميزانيات ضخمة وشيدت المنازل لإستقطاب العائدين لأرض الوطن.

وبعد أن أدركت الدولة أن لا حياة لمن تناد بادرت أجهزة الدولة في إقناع الكثيرين من قيادات الصف الأول للبوليساريو للعودة، فيما المنتفعين من العملية الإنتخابية وعوائدها الريعية لم يرق لهم جفن ولم يتحرك لهم ساكن، ولا زالو في موقع المتفرج ذاته يرفلون في نعيم الريع واستباحة المال العام.

إن كسب رهان نزاع الصحراء يحتم كسب المعركة الداخلية وتوحيد الجبهة الوطنية، بيد أنه ورغم مرارة الأمر بات ينبغي علينا أن ننظر للواقع بدون مساحيق تجميل، وأن نكون صرحاء مع ذواتنا لننتج سياسة عمومية حقيقية على المستوى الدبلوماسي كما التنموي، وأول هذه الحقائق أن فئة المنتخبين ودونما مواربة باتت تشكل عقبة كبرى في تحقيق التنمية الحقيقة، كما تمثل حجر عثرة في تسوية هذا الملف المفتعل، وأن تردد او تريث الدولة في تنزيل الحكم الذاتي نابع من قناعة راسخة أن هذه الفئة تحديدا بشخوصها الحالية ليست مؤهلة بالبات والمطلق لحمل لواء تنزيل هذا الورش الملكي الواعد.

فهل من المعقول أنه وبعد إنصرام ما يناهز السنتين منذ الإستحقاقات التشريعية والجماعية والجهوية هناك منتخبين لم يسجل لهم أي ظهور ولو بتصريح إعلامي واحد في الدفاع عن القضية الاولى للمغاربة، وهل من المنطقي أن بعض المنتخبين لم يضعوا حجر أساس او تدشين أي مشروع مهما قل شأنه كل هذه المدة الزمنية، ناهيك عن وجود بعض رؤساء المجالس المنتخبة خارج المجال الجغرافي للمجالس التي من المفترض أنهم مسؤولين عن تسييرها وتدبيرها منذ إنتهاء المحطة الانتخابية.

لقد بات لزاما وضع النقاط على الحروف وربط المسؤولية بالمحاسبة، وبأن يعرف جميع المنتخبين على مستوى الجهات الجنوبية الثلاث، أن لا مكان لإزدواجية المواقف وأن المعارك الكبرى والمصيرية التي تواجهها بلادنا تحتم عليهم تسجيل مواقف واضحة لا تعتريها أي شائبة، كما أنه بات لزاما عليهم تقديم كشف الحساب كاملا عن ما قدموه خدمة للقضية الوطنية وتنزيل الرؤية الملكية في هذا المضمار، حيث لم يمضي خطاب ملكي واحد طيلة السنوات الأخيرة دون الاشارة ضمنيا أو صراحة لأهمية الدبلوماسية الإنتخابية في صون الوحدة الترابية.

وفيما يخص الجانب التنموي فإن المنتخبين مدعون اليوم أكثر من أي وقت مضى للتشمير عن سواعدهم والنزول للميدان، والكف عن العبث بمقدرات الدولة وتبديد المال العام، وتحويل مسؤولية تدبير الشأن المحلية الى وسيلة مفروشة بالحرير للإغتناء السريع ونهب الإمكانات المادية للدولة، دون أن ينعكس ذلك على الأوضاع التنموية بالمنطقة ولا الواقع المعيشي للسكان.

كما أن واقع الحال على هذا المستوى بات يبوح بالكثير من الأسرار والفضائح التي قد يماط عنها اللثام قريبا من لدن قضاة المجلس الأعلى للحسابات، فما تلكوه اللسان بمدن الصحراء يدمي القلوب، ويضع السلطات المحلية هي الأخرى وادوارها الرقابية وتفاعلها من التوجيهات الملكية على المحك .

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد