تراجيديا الحب الممنوع داخل حكومة بنكيران الإسلامية
زنقة 20 . وكالات
انشغل الرأي العام في المغرب، على مدى الأسبوعين الماضيين، بقصة حب حكومية، لا شك أن نهايتها لن تكون سعيدة، بعد أن نزل رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، بكل ثقله، مسنوداً بصقور حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية.
ففي الوقت الذي كان فيه التيار المحافظ في البلاد سجل نقطة حسنة، وأرغم التيار الليبرالي على الانحناء قليلاً في موضوع تقنين الإجهاض، عندما تدخل القصر، كي يحكم في الخلاف، فإن قنبلة صغيرة ستنفجر، وهذه المرة داخل بيت “العدالة والتنمية”، وليس أي بيت، بل أحد عناصر قيادته السياسية التي كان ينظر إليها بشكل واعد، بعد الأداء الذي قدمه الحبيب الشوباني، عندما نجح على الرغم من المعارضات، في إنهاء مسلسل الحوار حول المجتمع المدني.
وما كاد الشوباني يتنفس الصعداء، حتى فاجأته هذه الضربة القاتلة، فقد صعق بالكشف عن حيثيات علاقة ناشئة بينه وبين زميلته في الحكومة وفي الحزب، الوزيرة في قطاع التعليم العالي، سمية بن خلدون، لم يسقط في ذهنه أن شيئاً من هذا القبيل سيتسرب إلى الصحافة، لكنه نسي أن العيون كلها كانت تراقبه، وتهتبل فرصة الخطأ القاتل الذي سيرتكبه، مثل نقلة غير موفقة في لعبة الشطرنج، وهذا ما كان.
ثم رافق ذلك ضغط إعلامي أدى، بسرعة، إلى انكشاف السر، عندما اعترف الوزير الشوباني بنيته في الزواج من زميلته، وأرسل زوجته لخطبتها.
هنا جن جنون المنظمات النسائية والجمعيات الحقوقية الداعية إلى التشدد، بخصوص تعدد الزوجات، وتناولت الصحافة العالمية الموضوع بسخرية ولمز كثيرين لحكومة يقودها الإسلاميون.
ثم تحولت الأنظار إلى رئيس الحكومة لمعرفة كيف سيعالج هذه النازلة التي لم يتصورها، ولو في الخيال، وفجأة تحول الحدث من مسألة شخصية إلى قضية سياسية، اضطرت بنكيران إلى الحديث عن الموضوع عرضاً في اجتماع الأمانة العامة لحزبه، وألمح إلى الورطة التي وضعه فيها الوزيران، تمهيداً للهجوم الكاسح، وفض هذا “الاشتباك” نهائيّاً، حيث استدعى، بعد يومين، الحبيب الشوباني، بحضور رئيس المجلس الوطني والطبيب النفساني، سعد الدين العثماني، وخير وزيره بين الوزارة وسمية بنخلدون.
وبمساعدة البسيكولوج والرجل الهادئ، سعد الدين العثماني، تمكن بنكيران من زم فم جراح الشوباني العاطفية، فلا زواج في حكومة بنكيران، وإلا فليقدم الوزيران استقالتهما، ويذهبا معاً إلى ترتيب حياتهما الخاصة، كيفما أرادا.
إنها بالفعل نهاية تراجيدية لحب ممنوع، لم تحل بينه، هذه المرة، المواضعات الاجتماعية، ولا القانون الذي يبيح التعدد، لكن العرف السياسي دمره بدون رحمة، كما دمر أشياء كثيرة.
وليس من شك أن بنكيران قد تدخل، في الوقت المناسب، ومد حبل النجاة لوزيريه من أجل إنقاذ مستقبلهما السياسي.
فعل ذلك بالكثير من الحسم، وربما انتظر إشارات عليا تحفظ ماء الوجه للحزب الذي قدم تضحيات كبيرة، عندما لم ينسق إلى حراك الشارع المغربي، ودافع عن مشروعية العمل من داخل “الاستثناء المغربي”.
والنتيجة، لن يغادر الوزيران منصبيهما في الحكومة، ولن يدفعا إلى الاستقالة، كما تجري الأعراف السياسية في المغرب، ذلك أن الملك لا يقيل وزراءه، بل هم من يتقدمون إليه بخطاب استعطاف من أجل الإعفاء من المهام.
أما مصير الحب الممنوع فسيبقى قصة رومانسية تروى، ودرساً للطبقة السياسية، فلا لهو مع الحب، ولا لعب مع المسؤولية، فعين الدولة تحصي الأنفاس، وعلامة بما في ذات الصدور. وربما يتحقق في زمن آخر غير الزمن السياسي الحالي.