زنقة 20. الرباط
دعا قادة وسياسيون أفارقة ، اليوم الأربعاء بطنجة ، إلى تعزيز دور الاتحاد الإفريقي وعمله كمحفز لتحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي في القارة.
وأكد متدخلون مختلفون ، خلال مائدة مستديرة تحت عنوان “تحديات الاتحاد الأفريقي: كيف يمكن تبسيط بنية التكامل السياسي والاقتصادي للقارة؟” ، المنعقدة على هامش الدورة الرابعة عشرة لمنتدى ميدايز (2-5 نونبر)، الحاجة لتقوية الاتحاد الأفريقي من خلال تكامل ثقافي وسياسي واقتصادي أقوى.
وإنظلقت فعاليات المنتدى اليوم الأربعاء، لتمتد على مدى أربعة أيام، بعد توقف اضطراري دام لسنتين بسبب ظروف جائحة كوفيد 19. موضوع هذه الدورة يقارب توالي الأزمات التي يعيشها العالم منذ سنوات، والتي عمقتها الحرب الروسية الأوكرانية.
وقد تميزت الجلسة الافتتاحية الرسمية، لهذه الدورة، بحضور السيد جورج تاولون مانه أوپونگ أوسمان ويا، رئيس جمهورية ليبيريا، وعدة شخصيات وخبراء في عالم السياسة والاقتصاد واكاديميين، والذين سيساهمون في النقاش والتفكير واقتراح حلول عملية ناجعة، قادرة للمساهمة في تخطي الأزمات الراهنة، خصوصا في دول الجنوب.
وألقى خلال الجلسة، السيد عمر مورو ، رئيس مجلس الجهة، كلمة في الجلسة الافتتاحية الرسمية للمنتدى، أشاد فيها بأهمية موضوع هذه الدورة، الذي يعبر عن وعي عميق بدقة المرحلة التي تمر بها دول الجنوب.
و دعا بنفس المناسبة، إلى التسلح بروح التفاؤل والعمل من أجل مستقبل أفضل للأجيال المقبلة. و ذكر بالتوجهات الجديدة للمغرب، بعد تداعيات أزمة كوفيد 19، تحت القيادة المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، وآثارها على المجال الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في ظل وضعية مناخية وطنية مطبوعة بالجفاف وندرة المياه.
كما تطرق السيد عمر مورو، إلى التحديات التي تواجهها دول الجنوب بفعل الصراعات، والأزمات الاقتصادية، والتغيرات المناخية.
وأكد على ضرورة التحلي بالشجاعة والإرادة القوية بهدف إنجاز استثمارات ذكية ونوعية تناسب حجم هذه التحديات. وأضاف في كلمته، أن الكفاءات المشاركة بالمنتدى وجودة أشغاله، من شأنهما المساهمة في اقتراح حلول فعالة قادرة على بلورة مشاريع مشتركة تمكن من ابتكار مستقبل أحسن، لأن التاريخ قد علمنا، يقول عمر مورو، أن زمن الأزمات، يزول وينقضِي مهما طال الوقت، وأن الازمات قد تفقدنا أشياء كثيرة.
ولكن نفسَ التاريخ، يوصِينا بأن لا نفقد صوابنا، وحكمتنا، وبصيرتنا. كما أن الاقتصاديين علمونا، كذلك، وفي نفس الاتجاه، بأن أحسن الأوقات للاستثمار، هي زمن الأزمات.
ولم ينس رئيس مجلس جهة طنجة-تطوان -الحسيمة أن يثير في كلمته إحدى أخطر الأزمات التي تواجهها أغلب دول إفريقيا، وهي ندرة المياه.
وأكد في هذا الصدد، على أن أزمة الماء قد تزيد من حدة أزمة الغذاء إن لم يتم العمل بشكل جماعي على إيجاد حلول مبتكرة تمكن من الحفاظ على الثروات المائية وضمان التزود بها.
وأضاف أن حكومة المملكة المغربية، تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة نصره الله، جعلت من الماء أولوية أساسية في السياسات العمومية، نظراً لارتباطه القوي بالأمن الغذائي، وبالنمو وبالتنمية وبالرفاهية المجتمعية، وبتقليص الفوارق المجالية، وبترشيد الطاقة.
وفي هذا السياق ، حدد المشاركون في هذه المائدة المستديرة التي نشطتها شخصيات من المستوى الرفيع ، عددا كبيرا من الإشكالات والعقبات التي تواجه إفريقيا ، بما في ذلك أزمات الطاقة والمناخ والأزمة الاقتصادية وقبل كل شيء الأمن ، مبرزين مسألة تمكين القارة وقدرتها على حل مشاكلها داخليا ، دون تدخل أو مناشدة أي جهات من “خارج القارة ” .
وبهذا الخصوص ، سجل رئيس الوزراء السابق لجمهورية إفريقيا الوسطى ، مارتن زيغويل ، أن “إفريقيا بحاجة إلى دراسة نفسها بنفسها ، لاكتساب المعرفة حول إفريقيا ، وأن يأتي إنتاج المعرفة من القارة نفسها وليس من مراكز الدراسة الغربية” ، مضيقا أنه من المستحيل التفكير في تطوير القارة والنهوض بها دون إنتاج معرفتها الخاصة على أراضها.
ودعا السيد زيغويل ، في هذا الصدد ، إلى تكامل أكبر للبلدان الأفريقية ، “للتخلي عن الميكروقومية لصالح اتحاد حقيقي” ، معربا عن اعتقاده أن هذا ممكن فقط من خلال إعطاء الأولوية للتنمية والتعليم لدعم التكامل أكثر فأكثر بين الدول الأفريقية ،وبالتالي مواجهة مختلف الأزمات.
من جانبه ، قال رئيس الوزراء المالي السابق موسى مارا إن الاتحاد الإفريقي حقق تقدما كبيرا في القارة خاصة فيما يتعلق بدعم الديمقراطية والسلام ، موضحا بدوره أن الصعوبات في حل جميع الأزمات التي تمر بها القارة تنبع من الافتقار إلى التكامل السياسي للبلدان الأفريقية.
ومن أجل التغلب على هذه المشاكل ومنح “المزيد من الصلاحيات” للاتحاد الأفريقي ، اقترح السيد مارا على وجه الخصوص إنشاء جواز سفر أفريقي ، والحصول على مقعد دائم للاتحاد الأفريقي في مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة ، وقبل كل شيء ، مراجعة نظام تمويل المنظمة ، مطالبا ،في هذا الصدد ، بمساهمة تعتمد على الناتج المحلي الإجمالي للدول الأعضاء في تمويل المنظمة ، بالإضافة إلى إنشاء مجموعات إقليمية ذات أهمية ، مثل مجموعة السبع G7.
وعلى نفس المنوال ، أشار مدير ديوان رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي ، تورديتا راتباي ، إلى أن مسألة تمويل الاتحاد الأفريقي هو موضوع لطالما كان من صميم أولويات القارة ، ملاحظا وجود فجوة معينة بين المؤسسة والمواطنين الأفارقة ، مما أدى إلى نقص المعرفة من جانب الأفارقة بدور الاتحاد الأفريقي.
ودعا المسؤول الإفريقي إلى تعريف المواطنين الأفارقة بخصوصيات وأدوار مختلف لجان الاتحاد الأفريقي ومؤسساته الإقليمية والدول الأعضاء فيه.
ويعد منتدى “ميدايز”، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس من طرف معهد “أماديوس”، عبارة عن 4 أيام من النقاشات والتفاعلات، عبر 50 جلسة ومائدة مستديرة، بمشاركة أزيد من 250 متدخلا رفيعي المستوى، من بينهم رؤساء دول وحكومات ووزراء وحائزي جوائز نوبل ومسؤولي منظمات دولية ورؤساء شركات ومستثمرين وعدد من الشخصيات من 100 بلد، والذين سيطرحون آراءهم وقراءاتهم بخصوص التحولات الكبرى والاضطرابات العديدة مع أزيد من 5 آلاف مشارك.