زنقة 20 | الرباط
احتفاء باليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، بادر المجلس الوطني لحقوق الإنسان، ابتداء من 10 أكتوبر 2022، بنشر شهادات لعدد من المحكومين بعقوبة الإعدام، بهدف إطلاع الرأي العام على أوضاع هذه الفئة وملامسة بعض القضايا والإشكالات التي تطرحها هذه العقوبة القاتلة من الناحية الحقوقية والإنسانية، وذلك بإعطاء الكلمة للذين يترقبون الموت على أمل أن يتم الحفاظ على حياتهم.
وثمن المجلس العفو الملكي السامي من عقوبة الإعدام الذي استفاد منه أربعة محكومين بالإعدام، من بينهم سيدة، عرض المجلس شهادتها.
السيدة المذكورة هي من مواليد سنة 1956، غير متعلمة، متزوجة وأم لطفلة واحدة، مهنتها عاملة مداومة، تم اعتقالها بتاريخ 4. 4. 2015 حيث وجهت لها تهمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والتمثيل بالجثة وارتكاب عمل من الأعمال الوحشية عليها، وطبقا لذلك أصدرت محكمة الاستئناف بطنجة عقوبة الإعدام في حق السيدة ح.ل في تاريخ 7. 7. 2015 كما تم تأييد الحكم المستأنف في جميع ما قضي به مع تحميل الصائر دون إجبار.
وتقول في شهادتها المنشورة بالموقع الرسمي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن الشهور الأولى لدخولها السجن كانت جد صعبة.
وتضيف : ” أحسست بصداع في رأسي ولم أتمكن من النوم طيلة عدة أيام، فارتأت الإدارة أن تحملني إلى الطبيب … بخصوص وضعي الصحي داخل المؤسسة السجينة أعاني من آلام في ظهري، وعتامة في عيناي، حيث سبق أن فحصني الطبيب ووصف لي نظارات طبية لكن بعد أن كسرت لم أتمكن من الحصول على أخرى”.
وزادت : ” أتصل بعائلتي بواسطة هاتف السجن، بينما أختي تزورني من فترة لأخرى وتساعدني على قدر استطاعتها، عموما تتراوح مدة المكالمة بين سبعة وعشرة دقائق، ويمكننا استعمال الهاتف ثلاث مرات خلال الأسبوع، أما الزيارة فتكون يوم الجمعة فقط”.
و قالت أنها تعاني من مشاكل نفسية و تتناول دواء للأعصاب، مشيرة الى ان علاقتها مع باقي السجينات على ما يرام.
لكنه تستطرد بالقول : ” غالبا ما أتنازل على حقوقي حتى أحافظ على استقرار علاقتي بهن… لكن ذلك غير مهم فلو كنت تنازلت عن حقي من قبل لما وجدتني اليوم في السجن”.
وتقول : ” ابنتي لازالت مصدومة بفعل الواقعة، فقد انقطعت عن دراستها وهي في المستوى الرابع ابتدائي لكن بفضل دعم الجمعية ودعم أختي تم إرجاعها لدراستها… كل ما أتمنى لها هو مستقبل مشرق فأنا أعيش قدري ولن أنفعها في شيء، أرجو منها فقط أن تحاول نسياني وإقناع نفسها بأن أمها ماتت، فخالتها الآن تحل محلي فقد ربتها منذ أن كان عمرها عشرة سنوات… ابنتي لحد الساعة لا تعرف لماذا أنا هنا أو لماذا أسجن، ربما قد تخفي علمها بذلك لكن على أية حال نحن لا نتكلم في هذه الأمور فلم يسبق لها أن سألتني”.
وفيما يخص العفو الملكي ، قالت المحكومة بالاعدام المفرج عنها بعفو ملكي : “لقد جددت بطاقتي الوطنية، لكنني لم أطلب العفو فقد كنت أنتظر أن تمر فترة على إصدار الحكم النهائي… لقد تلقيت دروسا في محاربة الأمية، وتكوينا في الحلاقة والخياطة…مؤخرا كنت عصبية قليلا، ولذلك كنت أفكر في طلب الانتقال إلى سجن آخر، لكن بعد أن أمعنت التفكير، ارتأيت أن أبقى فليس هناك من سيرافق ابنتي لزيارتي في السجن إن كان بعيدا”.
الشهادة الثانية، التي نشرها المجلس الوطني لحقوق الإنسان ، تتعلق بشخص من مواليد سنة 1943 مغربي الجنسية، متزوج وبدون أطفال، لم يتلق أي تعليم طيلة حياته بينما عمل كبائع متجول، تم اعتقاله بتاريخ 11.3.2006 حيث وجهت له تهم: لقتل خمسة أشخاص عمدا مع سبق الإصرار والترصد، ارتكاب أعمال وحشية في حق الضحايا،محاولة قتل ثلاثة أشخاصعمدامع سبق الإصرار والترصد، العصيان وإهانة موظفين أثناء قيامهم بمهامهم وتهديدهم بواسطة السلاح الناري، الهجوم على مسكن الغير بالكسروالقتل بدون نية إحداثه ، محاولة قتل رجال الدرك واحتجاز شخصين وحبسهما بدون إذن من السلطات المختصة، وبناء على ذلك تمت مؤاخذته على جميع التهم المنسوبة إليه، حيث أصدرت محكمة الاستئناف بالناظور حكمها بعقوبة الإعدام في تاريخ 14.11.2007 كما أيدت القرار الجنائي المستأنف بالإعدام بتاريخ 24.11.2008.
و يقول الشخص المدان بالاعدام : “حاليا ماذا عساي أقول، حياتي كما تراها، فأنا أعاني الكثير من المشاكل الصحية والنفسية. خصوصا على مستوى ظهري الذي يؤلمني كثيرا، كما أنني أعاني من فقدان شهية الأكل… في جل الأوقات أظل فقط جالسا في زنزانتي أمام تلفازي، فقليلا ما أتجول في السجن…أخرج إلى الفسحة لأتمشى أحيانا، لكنني أكون أكثر راحة في وضعية الاستلقاء على الظهر بسبب آلام الظهر في وضعية الجلوس”.
و أضاف : “لقد سبق وأعطاني بعض الأشخاص في الناظور الكثير من الملابس … فقد سلبني أبناء أخي كل ما أملك …ولاأحصل على أي دعم مادي، أقوم ببيع حصصي من الغذاء…لا أحد هنا يحصل على شيء سوى الذين يشتغلون… كلما احتجت شيئا ما من اللوازم الشخصية، كآلةالحلاقة أو غيرها أبيع حصصي من الغذاء، بكل بساطة”.
“كل شيء على ما يرام، الإدارة تعاملنا معاملة جيدة وحسنة وعلاقتي بها طيبة…كلما أردت زيارة الطبيب أطلب ذلك من المسؤول عن الحي فيرافقني إلى المصحة ليفحصني الطبيب. أتناول فقط دواء الضغط أما دواء الأعصاب فقد اعتدت على تناوله طيلة أربعة عشرة سنة… قرص أو قرصان ربما، تمنحها لي الإدارة، بينما هناك من تراقبه ليتناول دواءه خوفا من أن يسلمه لأشخاص آخرين” يقول ذات الشخص.
وزاد بالقول : ” ليس لي أخبار عن عائلتي إلا بنت أختي هي من تخبرني بآخر مستجدات العائلة فهي من تتصل بي باستمرار… تتلقى زوجتي عناية كبيرة من عائلتها، فقد حافظت على علاقة جيدة بها، بينما أنا لا أحد يعتني بي … لكي أجري مكالمات هاتفية، أبيع اللحم وغيره من المساعدات لأقتني تعبئة الاتصال من مالي الخاص،… أحاول العيش فقط والحمد لله”.
وفيما يخص حياته اليومية داخل السجن ، قال : “بالنسبة لعلاقتي مع باقي السجناء لا أحد يساعدني هنا … أنا المسن بينهم فغالبيتهم تتراوح أعمارهم بين الثلاثين والستين سنة… ليست هنالك أي مساعدة”.
و فيما يتعلق بإمكانية حصوله على عفو ملكي ، قال ذات الشخص : “لي أمل في المستقبل كي يتغير حكم الإعدام ويصبح مؤبدا أو أحصل على عفو ملكي… لما لا إن أراد الله…لم يسبق لي أن طلبت العفو الملكي…إذ لا أملك بطاقة التعريف الوطنية لكي أتمكن من دفع الملف…لقد رأيتهم يمنحون بطاقة صغيرة الحجم للبعض هنا في السجن، وقد طلب مني أحد الأشخاص الذين أعرفهم أن أقدم له بعض المستندات للحصول عليها، قمت بوضع التوقيع على مجموعة من الوثائق ووضع ملفي لدى المصلحة المختصة داخل السجن، لكنني لم أعلم مصيره منذ ذلك الحين”.