قراءة فيما بين سطور قرار مجلس الامن بخصوص الصحراء
بقلم : عزيز ادمين
لا يمكن قراءة قرار مجلس الامن رقم 2285 الصادر بتاريخ 29 أبريل 2016، والمتعلق بقضية الصحراء، بشكل ستاتيكو (ثابت) بل لابد من ربطه بسياقاته الدولية أو أيضا بالتقارير الصادرة عن الأمين العالم للأمم المتحدة.
في هذا الصدد، فإنه من خلال قراءة هذا القرار بشكل “ماكرو” MACRO، يمكن القول أنه في صالح المغرب وذلك نظرا لعدة أسباب:
• تحويل النقاش الذي كان يتم خلال السنوات الاخيرة، والمتعلق بتوسيع صلاحيات المينورسو لتمشل مراقبة حقوق الإنسان إلى النقاش حول قدرة هذه البعثة على أداء مهامها بعد أن طالبت الدولة 84 عضوا فيها بمغادرة المغرب.
• اتضح من خلال القرار بشكل جلي ومكشوف من هم الحلفاء الدائمون والاستراتجيون للمغرب، ومن هم هؤلاء القادرين على “طعنه من الخلف”.
• أعاد القرار الزمن في علاقة المغرب بالأمم المتحدة إلى ما قبل مارس 2016. ولكن قراءة بنود القرار بشكل “ميكرو”، تمكن من ملامسة عناصر تهديد للمغرب، لاسيما التوصية التي تدعو الامين العام الى تقديم إحاطة إلى المجلس في غضون 90 يوما عما إذا كانت البعثة قد عادت إلى أداء وظائفها “كاملة”، حيث تضيف التوصية، “ويعرب عن عزمه، في حالة عدم أداء البعثة لكامل وظائفها، على أن ينظر في أفضل السبل لتيسير تحقيق هذا الهدف.”
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الامين العام هو الموكول له تقييم الوظائف الكاملة للبعثة، فحسب تقاريره الاخيرة يمكن تلخيص هذه المهام في الشق الكمي، والشق الكيفي. فمن ىالناحية الكمية، يرى الأمين العام أن عدد أعضاء البعثة الحالي غير كافي، لهذا فهو دائما يطالب بإضافة عناصر وأعضاء جدد.
ففي سنة 2015 طالب بإضافة 15 مراقب (الفقرة 35 من تقرير 2015)، وفي تقريره لسنة 2016 طالب بإضافة 14 عنصرا، منهم 11 مساعد طبيب عسكري وثلاثة أطباء إضافيين.
من خلال ذلك فإن التقرير المرتقب والذي سيصدر عن الامين العام بعد ثلاثة أشهر، لن يقتصر فقط على تأكيد عودة الـ 84 عنصرا الذين طلب منهم المغرب مغادرة ترابه بل سيشير إلى عدد العناصر التي يرى (بان كي مون) أنها سوف تسمح للبعثة بأداء وظائفها بشكل كامل. أما من الناحية الكيفية، فإن البعثة حسب تقارير الامين العام تعاني في أداء وظائفها من عدة إكراهات منها ما هو مسطري ومنها ما هو بنيوي.
فالاكراهات المسطرية حسب بان كي مون تتمثل في الآثار السلبية لمفهوم حيادية البعثة والمتعلقة بالأعلام الوطنية المجاورة لمقرات البعثة، وأيضا أرقام لوحات المركبات التي تستعملها داخل المنطقة.
وفي هذا الصدد، عبر في تقريره لسنة 2014 (الفقرة 50) أن هناك اتفاقات بين ممثله الخاص والسلطات المغربية لحل هذه المسائل، ولكن في تقريره لسنة 2016 (الفقرة 50) يؤكد أن السلطات المغربية لم تلتزم بتنفيذ اتفاقها الشفوي في مارس 2014 لحل هذه المسائل.
أما الإشكال البنيوي الذي حذر منه الأمين العام في تقاريره السابقة، فهو المتعلق بالتفسير المتباين لولاية البعثة ما بين طرفي النزاع، فالمغرب يفسرها بكونها مرتبطة بمراقبة وقف إطلاق النار وإزالة الالغام وتنفيذ تدابير الثقة، في حين أن جبهة البوليزاريو تعتبر أن ولاية البعثة تتمثل في إجراء الاستفتاء.
وفي هذا الصدد يقول بان كي مون إنه لاحظ “وجود اختلاف ملحوظ في تفسير الطرفين لولاية البعثة. فالمغرب يعتبر أن هذه الولاية تقتصر على وقف إطلاق النار والمسائل العسكرية، وإزالة الألغام وتقديم الدعم اللوجستي لتدابير بناء الثقة.
أما جبهة البوليساريو، فترى أن تنظيم استفتاء لتقرير المصير يبقى هو العنصر المحوري للولاية.
وتؤثر هذه الآراء المتعارضة بشكل مباشر في مصداقية البعثة لدى الطرفين، مما يؤثر في قدرتها على تنفيذ ولايتها وممارسة مهام حفظ السلام الأساسية بشكل كامل”.
و”ترى” الأمم المتحدة بلغة آمرة وغير ديبلوماسية ” أن قرارات مجلس الأمن المتعاقبة تحدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية”.
ومهام حفظ السلام الأساسية التي تضطلعها عمليات الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم تشكل الأساس الذي يمكّنها من تنفيذ ولايتها بفعالية، بما في ذلك إجراء التقييمات وإعداد التقارير عن الظروف المحلية التي قد تؤثر في أنشطتها وفي عملياتها السياسية” (الفقرة 39 من تقرير الأمين العام للأمم المتحدة سنة 2015).
نفس الملاحظة يبديها الامين العام في تقرير لسنة 2016 (الفقرة 51) ويشدد فيها أنه “بالنسـبة للأمم المتحـدة، فـإن ولايـة البعثة تحددها قرارات مجلس الامن المتعاقبة، ولتلبية توقعات المجلس، فـإن التنفيذ الفعـال لولايـة البعثة يتطلب منها أن تكون قادرة على أداء طائفـة كاملـة مـن مهـام حفـظ السـلام الاعتياديـة الـتي تضــطلع بهـا عمليـا الأمـم المتحـدة في مختلـف أنحـاء العـالم.
ويمكــن للتــوترات المتصــلة بتفسيرات الطرفين المتباينة لولايـة البعثـة، وبشـكل أعـم تلـك المتصـلة بعمليـة التفـاوض وبفهـم الأمم المتحدة لهذه العملية، أن تؤثر علـى عمليـات البعثـة. وهـذا أمـر لـه آثـار مضـرة بمصـداقية البعثة والأمم المتحدة في علاقتهما مع الطرفين والسكان ويعـوق قدرتهما علـى التنفيـذ الكامـل للمهام التي حددها مجلس الأمن.
فمن خلال الملاحظات السابقة والمتعلقة بتصور الأمين العام للوظيفة الكاملة للبعثة على المستوى الكيفي، يمكنه أن يقدم ملاحظاته في هذا الشأن في تقريره المقبل، وهو ما عبر عنه في تقريره الأخير (لسنة 2016 الفقرتين 94 و95) “في انتظار إجراء تقييم شامل لاحتياجات البعثة من الدعم” فإنه يدعو أيضا مجلس الأمن “إلى استعادة الدور الكامل للبعثة ودعمها، وصيانة معايير حفظ السلام وحياد الأمم المتحدة”.