زنقة 20| الرباط
كشف تقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2019-2020، أن عددا من المشاريع التي صرفت عليها أموالا طائلة ذات الطابع الاقتصادي أو اجتماعي أو صحي أو تعليمي أو ثقافي أو رياضي، طالها الإهمال ولم تكتمل فأصبحت من المشاريع المهجورة.
وأوضح التقرير، أن المشاريع التي رصدها قضاة المجلس، إلى غاية متم سنة 2020، عرفت تراجعا مهما، ذلك أن عدد تلك التي تجاوزت، بعد هذا التاريخ، الصعوبات التي كانت تعاني منها قد بلغ 1.147 مشروعا بمبلغ إجمالي ناهز 8,8 مليار درهم، أي ما يعادل 44 % من حيث العدد و46 % من حيث التكلفة الأولية لمجموع المشاريع التي تعرف صعوبات.
أما من حيث طبيعة المشاريع التي تجاوزت الصعوبات التي كانت تعرفها، يضيف التقرير، فتشمل مؤسسات استشفائية وأخرى تعليمية أو للتكوين المهني أو مرتبطة بالجوانب الاجتماعية والثقافية والرياضية وكذا مشاريع ذات طبيعة تجارية، علما أن بعضها ظل لمدد طويلة يواجه عدة صعوبات.
وأشار التقرير، إلى أن وضعية هذه المشاريع، المحصورة عند متم سنة 2020 ،كانت تشير إلى عدد أكبر من المشاريع التي تواجه صعوبات، حيث بلغ عددها آنذاك 2.635 مشروعا بقيمة إجمالية ناهزت 19.4 مليار درهم، منها 1.369 مشروعا بقيمة مالية ناهزت 14.8 مليار درهم تعرف صعوبات على مستوى تنفيذ الأشغال، و1.266 مشروعا بتكلفة مالية
تقدر بحوالي 4.6 مليار درهم تعرف صعوبات على مستوى الاستغلال.
ويتعلق الأمر بمشاريع توقفت بعد إنجاز الدراسات، وبمشاريع غير مكتملة تم التخلي عنها أثناء تنفيذ الأشغال أو مكتملة غير قابلة للاستغلال، وبمشاريع منجزة لم يتم تسليمها للجهة
المعنية بالاستغلال وبمشاريع منجزة ومجهزة لكنها غير مستغلة أو مستغلة بطريقة غير منتظمة.
أما بخصوص الأسباب التي أدت إلى الصعوبات التي عرفتها مجموعة من المشاريع فهي متعددة وتتداخل، في بعض الأحيان، فيما بينها، وترتبط بالأساس بمراحل التخطيط، وتنفيذ الأشغال واستغلال المنجزات.
وكشف التقرير، أن المجالس الجهوية للحسابات وقف على مجموعة من النواقص التي تهم المرحلة القبلية لإنجاز المشاريع العمومية، وخصوصا فترة التخطيط والدراسات، مما أثر سلبا على
نجاحها وأدى، بالتالي، إلى عدم تحقيق الأهداف التي برمجت من أجلها. وتتمثل أهم الأسباب المرتبطة بمرحلة التخطيط في غياب أو ضعف الدراسات التقنية والمالية ودراسات الجدوى، ومحدودية التنسيق بين الأطراف المعنية بالمشروع خلال مرحلة التخطيط وعدم تحديد التزامات هذه الأطراف أو عدم توثيقها من خلال إبرام اتفاقيات.
وخلص التقرير في الشق المتعلق بالمشاريع العمومية، أن مرحلة إنجاز الأشغال تعرف عدة نقائص كانت وراء الصعوبات التي واجهتها هذه المشاريع، والمتمثلة أساسا في محدودية وفاء أطراف المشروع بالتزاماتهم التعاقدية، مما ترتب عنه تأخير كبير في تنفيذ المشاريع، بلغ حد التخلي عنها في بعض الحالات، فضلا عن التدبير غير الملائم للمنازعات التي نشأت بين الأطراف المتدخلة في التنفيذ والتعاقد مع مقاوالت غير قادرة على االستجابة المالئمة للحاجيات المعبر عنها. كما شكلت محدودية الإشراف على الأشغال وتتبعها وعدم كفاية مراقبة جودتها أحد الأسباب المهمة التي أدت إلى بروز صعوبات في تدبير المشاريع ذات الصلة.
وتابع التقرير، أنه من بين الأسباب أيضا التي حالت دون استغلال مجموعة من المشاريع أو استغلالها بكيفية غير ملائمة وغير منتظمة، فترتبط أساسا بعدم توفير الموارد البشرية والتجهيزات اللازمة أو عدم كفايتها نتيجة غياب تصور مندمج ومتكامل لهذه المشاريع خلال مرحلة الإعداد.
كما ترتبط هذه الأسباب أيضا بعدم تلبية المواصفات التقنية للمشروع لمتطلبات مستغليه وبعدم توفر الخبرة اللازمة للتسيير، بالإضافة إلى عدم ربط مجموعة من المنشآت بالشبكات الأساسية، مما يؤثر سلبا على سيرها وعلى جودة الخدمات المقدمة.
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات على الخصوص بإحداث لجنة على الصعيد الجهوي برئاسة والي الجهة وعضوية عمال عمالات وأقاليم الجهة فضلا عن ممثلي جميع المصالح
اللامركزية للقطاعات الحكومية والمؤسسات العمومية وكذا الجماعات الترابية، تُعنى أساسا بجرد المشاريع العمومية المقرر إنجازها فوق تراب الجهة وتتبع تنفيذها والتأكد من ملائمة موضوع المشاريع المبرمجة وأهدافها مع توجهات المخططات والبرامج على الصعيد الجهوي والوطني، مع إيلاء عناية خاصة للمشاريع التي تعرف صعوبات ووضع خطط لإجاد الحلول الكفيلة لتجاوز الإكراهات التي تعتري تنفيذ واستغلال هذه المشاريع.
كما أوصى المجلس بالنسبة للمشاريع التي ما زالت تعرف صعوبات على مستوى الاستغلال بإيجاد حلول بديلة ومبتكرة مع تغيير تخصيصها عند الاقتضاء.
أما بشأن المشاريع المزمع إنجازها مستقبال، فقد أوصى المجلس على الخصوص بتوخي الدقة والوضوح أثناء دراسة الحاجيات وتحديد موضوع المشاريع وأهدافها، مع القيام بالاستشارات القبلية والتنسيق وضمان الإلتقائية وإشراك جميع المتدخلين المحتملين، خاصة القطاعات الوصية والفئات المستفيدة من المشاريع المزمع إنجازها، وذلك قبل إعداد التصور الأولي للمشروع.
وأوصى أيضا بالتأكد من توفير عقارات في وضعية قانونية سليمة وملائمة للمشاريع المزمع إنجازها، من حيث مساحتها وتكلفتها، وموقعها بالنظر إلى خصائص المشروع وطبيعة الفئات المستفيدة، فضلا على التحديد القبلي للنموذج الأنسب لاستغلال المشروع وتحديد الطرف المسؤول عن ذلك والموارد والعناصر.
الغاية ليست في إبرام الصفقات ( بغض النظر عن كل ما قد يعتريها من اختلالات او تبديد للمال العام) يا الغاية في استفادة المواطن من ماهية و غاية تلك المشاريع، لذلك من باب ربط المسؤولية بالمحاسبة يجب على كل الأطراف تقديم التوضيحات الكافية حول هذه الوضعية .