زنقة20ا الرباط
حذر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من أن الاقتصاد غير المنظم، باستثناء المعيشي، يشكل تهديدا حقيقيا للمغرب، ويعتبر ظاهرة مستعصية في منظومتنا الاقتصادية.
واعتبر المجلس في رأي له بعنوان “مقاربة مندمجة للحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب” أن حجم هذا الاقتصاد يصل إلى نحو 30 في المائة من الناتج الدّاخلي الإجمالي حسب معطيات بنك المغرب لسنة 2018 في حين تذهب تقديرات المؤسسات الوطنية والدولية إلى أن نسبة تتراوح بين 60 و 80 في المائة من الساكنة النشيطة المشتغلة بالمغرب تزاول أنشطة تندرج ضن الاقتصاد غير المنظم.
ورصد رأي المجلس أن عدة أشكال مقلقة يتخذها هذا الاقتصاد من قبيل التهريب، والأنشطة الاقتصادية المستترة التي تمارسها مقاولات مهيكلة؛ من قبيل التصريح الناقص برقم المعاملات وبعدد الأجراء، بالإضافة إلى الوحدات الإنتاجية غير المنظمة التي تتملص عمدا من التزاماتها الاجتماعية والضريبية، رغم توفرها على الموارد اللازمة لذلك.
وسجل المجلس أنه ورغم إطلاق السلطات العمومية للعديد من البرامج الرامية إلى إدماج القطاع غير المنظم، غير أن تأثير المبادرات المتخذة في هذا المضمار يظل محدوداً.
وحول أسباب محدودية التأثير، أشار المجلس إلى مستوى التأهيل غير الكافي الذي يقصي العديد من السكان النشيطين من الاشتغال في الاقتصاد المنظم، وضعف منظومة الحماية الاجتماعية، إضافة إلى الحواجز القانونية والتنظيمية التي تعيق مسلسل إدماج هذا الاقتصاد، وغيرها.
وأكد المجلس أنه إذا كانت الأنشطة الاقتصادية غير المنظمة تمكن شرائح واسعة من السّاكنَة من إيجاد مصدر للعيْش، والهروب من البطالة، غير أنها تعمق في الوقت نفسه الهشاشة في سوق الشغل، وتمارس منافسة غير مشروعة للمقاولات المنظمة، وتلحق الضرر بالاقتصاد الوطني، إذ تُضَيع على الدولة مداخيل ضريبية مهمة، يضيف ذات المصدر.
ولفت رأي المجلس إلى أن غياب ما يكفي من البدائل الناجعة، نشأ عنه نوع من التغاضي عن أنشطة الاقتصاد غير المنظم، توخيا لسلم اجتماعي يظل هشا رغم ذلك، وهو ما لا يتماشى وإعمال فعلية سيادة القانون.
واعتبر المجلس أنه بات من الضرورة بمكان التعجيل بوضع التدابير الكفيلة بتفادي تحول القطاع غير المنظم إلى عامل لعدم الاستقرار على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.
وللقضاء على هذه الظاهرة دعا المجلس إلى وضع استراتيجية مندمجة وواقعية تهدف مرحليا إلى الحد من حجم الاقتصاد غير المنظم بالمغرب، لتقليص حصته تدريجيا إلى 20 في المائة من إجمالي مناصب الشغل، فيما يتعلق بالجانب المعيشي، مقابل الصرامة مع الوحدات الإنتاجية غير المشروعة والمستترة، ومع ممارسات الوحدات الإنتاجية غير المنظمة المنافسة للقطاع المنظم.
وقدم المجلس عدة مقترحات في هذا الشأن، منها وضع قواعد مرجعية حسب كل قطاع ومنطقة، بما يسمح بتوفير إطار موضوعي لتقدير ومراقبة نشاط المقاولات والإحصائيات المرتبطة به، وإزالة الحواجز التشريعية، ودعم إحداث جمعيات للمهن والحرف المزاوَلة في الاقتصاد غير المنظم، وتشجيعها على الانتظام.
كما اقترح إحداث مناطق أنشطة اقتصادية ومناطق صناعية تضم أماكن للإنتاج معروضة للكراء مناسبة وملائمة، مع تيسير وسائل التمويل، وتعزيز العرض المتعلق بالمواكبة في مجال الدعم التقني وتقديم الاستشارة.