زنقة 20. الرباط
يستعرض محمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين السابق ووزير الصحة السابق، في الحوار التالي، تطورات ملف الصحراء المغربية، مؤكدا أن المغرب كسب معركة الانتصار لسيادته الترابية. كما يستعرض بيد الله دلالات الخطاب الملكي الأخير بمناسبة تخليد حدث المسيرة الخضراء، خاصة في ما يتعلق بتأكيد جلالة الملك على أن لا تفاوض بشأن مغربية الصحراء. ويبرز بيد الله التحديات المطروحة مستقبلا وسبل مواجهتها…
زنقة 20/ الرباط حاوره : جمال بورفيسي
كيف تقيمون مسار قضية الوحدة الترابية للمملكة؟
حقق المغرب مكتسبات هامة بفضل القيادة الحكيمة لجلالة الملك محمد السادس. ويمكن التأكيد على أننا كسبنا معركة الوحدة الترابية للمملكة بصفة نهائية. ومن بين تجليات ذلك أنه حدثت تعبئة قوية للرأي العام الوطني الملتف حول السيادة الترابية للمملكة.
كما نسجل الانخراط القوي لسكان الأقاليم الجنوبية الذين يدافعون عن المكتسبات التي تحققت في هذه الأقاليم من تنمية اجتماعية واقتصادية، وليسوا مستعدين للتفريط في هذه المكاسب. هناك الجبهة الداخلية التي تعززت وكل مكونات المجتمع المغربي ملتفة حولجلالة الملك. كما أن ميزان القوى على الصعيد العالمي أصبح لصالحنا، وبالأخص بعد عودة المغرب إلى حضن الاتحاد الإفريقيوانخراطه القوي في نسج علاقات اقتصادية وسياسية وثقافية مع الدول الإفريقية، خلال الخمس سنوات الأخيرة.
لقد ربحنا القضية لأن التنمية بالمغرب قطعت أشواطا مهمة لا تقارن بما يقع عند الجيران، وذلك بفضل استراتيجية اقتصادية تعتمد على التنويع وتشجيع المقاولة والمنتوج المحلي. هذه الطفرة الاقتصادية هي التي تفسر وجود تقرير لمركز أبحاث ألماني يثير التقدم المذهل الذي ينجزه المغرب في مختلف المجالات، والذي يجعل المغرب قاطرة التنمية في شمال افريقيا بل وعلى الصعيد القاري، وبالتالي يدعو التقريرإلى الحفاظ على ميزان القوى بين بلدان شمال افريقيا وعدم السماح للمغرب بتحقيق الريادة. هذه الريادة التي تحققت بفضل اعتماد المغرب على القطاعات الصناعية الواعدة، على غرار قطاع السيارات والطائرات والصناعات الكيماوية. وهذه معطيات موضوعية يعرفها شركاؤنا الأوربيين. لكن أكبر وأقوى صناعة تميز بها المغرب وحقق فيها الفرادة في المنطقة هي صناعة الاستقرار بفضل قيادة جلالة الملك محمد السادس.
ما رأيكم في القرار الأممي الأخير بشأن قضية الصحراء المغربية؟
القرار الأممي جاء لصالح المغرب، وهو إيجابي وجاء مسايراللتطورات الداخلية التي يشهدها المغرب في كافة مناحي الحياة.فالمغرب نقطة مضيئة في منطقة متفجرة، وبالتالي فمن مصلحة الدول الغربية أن تدعم المنحى الإيجابي للتطور الذي تعرفه فضية الصحراء المغربية، على غرار ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية التي اعترفت بمغربية الصحراء. وأتحدث هنا، بالأخص عن فرنسا واسبانيا لأن ذلك من مصلحتهما. ولكن ثمة معيقات تحول دون ذلك، لأن دوائر القرار ما تزال تتحكم فيها خلفيات استعمارية.
لماذا لم تنح الدول الأوربية منحى الولايات المتحدة الأمريكية، في نظركم؟
هناك تضارب المصالح. اللعب على الحبلين يخدم مصلحة بعض البلدان ولذلك ترفض الحسم في موقفها رغم أنها تعرف أن المغرب على حق ويدافع عن سيادته الترابية. ثم إن بعض البلدان لا تنظر بعين الرضى إلى ولوج المغرب للسوق الافريقية لأنها تعتبر أن ذلك يشكل منافسة لها.
لكن رغم ذلك، فالمغرب سيواصل الدفاع عن وحدته الترابية، بعزم وثقة. وهذا ما جعل جلالة الملك يؤكد في خطابه الأخير بمناسبة تخليد الذكرى ال46 للمسيرة الخضراء، أن لا مفاوضات حول مغربية الصحراء، بل إن التفاوض سينصب حول إيجاد حل سياسي للنزاع المفتعل مع الجزائر. الأمم المتحدة منذ 2007 لم تتحدث في أية وثيقة عن الاستفتاء بل عن حل سياسي. لقد تحدث فان فالسوم عن استحالة الاعتماد على آلية الاستفتاء. فالحل السياسي هو المطروح وهذا الحل ينبغي أن يتم بين المغرب والجزائر.
لكن يلاحظ أن الجزائر تتشبث بترديد أسطوانتها حول قضية الاستفتاء وتقرير المصير؟
الجزائر لم تغير خطابها منذ 50 سنة، رغم التحولات الجارية، إنها تتصرف كأن دينامية التطور توقفت، لأن النخب الجديدة في الجزائر لم تتمكن بعد من الوصول إلى دائرة القرار. الحرس القديم ما يزال يفكر بمنطق الحرب الباردة. لو تمكنت النخب الجديدة في الجزائر من الوصول إلى مراكز القرار لحدث تحول في النزاع المفتعل، مع الأسف أصبح القادة الجزائريين عبء على البلاد، فهم يعتمدون علىالدعاية والتضليل والكذب.
هل تعتقدون أن آلية الموائد المستديرة هو السبيل الأنجع للوصول إلى التسوية السياسية للملف؟
لقد اتضح للأمم المتحدة التي تتوفر على خبرة وتجربة طويلة في مجال حل النزاعات، أن الموائد المستديرة هي الكفيلة بحل النزاعات بين الدول ولهذا يقع التركيز على هذه الآلية. ومبدأ التفاوض مهموينبغي أن تتم المفاوضات بين المغرب والجزائر لأنه لا جدوى من التفاوض مع البوليساريو التي لا استقلالية لها في اتخاذ القرار حتى لو توصلت إلى توافق مع المغرب.
هل تعتقدون أنه بإمكان المبعوث الأممي الجديدة إلى الصحراء دي ميستورا أن يسهم في تقدم الملف وحلحلة النزاع المفتعل؟
أملنا هو أن يتحقق هذا بالذات. نتطلع إلى أن تتكلل مهمة المبعوث الجديد بالنجاح ويسهم فعلا في حلحلة الملف. والمقترح المغربي القاضي بمنح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية يشكل القاعدة للحل السياسي لأنه ينطلق من مبدأ رابح رابح. نتطلع إلى أن يتم الطي النهائي للنزاع المفتعل لكي نفتح المجال أمام سكان الصحراء المغربية كلهم، حتى الذين يوجدون في الضفة الأخرى، لكي يسهموافي تنمية المنطقة. نتطلع إلى ان يشاركوا و يساهموا في تنمية الأقاليم الجنوبية.
هناك عدة مشاريع في طور الإنجاز في الأقاليم الجنوبية، نخص بالذكر خمسة مشاريع ضخمة، تهم مشروع ميناء الداخلة، و تحليةمياه البحر، والطاقة الشمسية والريحية، والطريق السريع تزنيت الداخلة، والمنطقة الصناعية للداخلة، وهذه مشاريع مهيكلة ستكرس التنمية في المنطقة وتسهم في خلق مناصب شغل في كل التخصصات. الصحراء تسع لكل أبنائها.
ما هي التحديات المطروحة أمام المغرب مستقبلا؟
علينا مواصلة تعزيز الجبهة الداخلية والالتفاف حول جلالة الملك لتحصين المكتسبات. يتعين أيضا العمل على تكثيف جهود التنمية وتعزيز المسار التنموي للمغرب. يجب أن نراهن على تحقيق نسبة نمو لا تقل عن 7 في المائة، لكي تتاح لنا إمكانية حل المشاكل الاقتصاديةومنها مشكل البطالة وتوفير فرص الشغل الضرورية، والمطلوب هنا، هو الاستفادة من خبرات مغاربة الداخل والخارج.