قضية الصحراء والخيار الاخير
بقلم : عزيز ادامين
تناولت مجموعة من وسائل الاعلام الاليكترونية عزم الامين العام للأمم المتحدة القيام بزيارة الى مجموعة من الدولة المعنية بمشكل الصحراء، وأضافت القصاصات الاليكترونية أن “بان كي مون” يتعزم أيضا القيام بزيارة لمنطقة بيئر لحلو، وهي منطقة عمليا توجد في المنطقة التي يعتبرها المغرب منطقة عازلة غرب الجدار الرملي، في حين أن جبهة “البوليزاريو” تعتبرها من أراضيها “المحررة” بل وأن أنها أعلنتها عاصمة “الجمهورية العربية الصحرواية” المزعومة.
إن من شأن هذه الزيارة لهذه المنطقة أن تضفي شرعية دولية على سيادة “جبهة البوليزاريو” على هذه المنطقة، ويعيد قضية الصحراء إلى نقطة الصفر و إلى ما قبل 1991، ونسف كل المفاوضات والقرارات الصادرة عن مجلس الامن، رغم التبريرات التي قدمها المتحدث باسم بان كي مون، عن كون الغرض من الزيارة يتعلق بتفقد قاعدة عسكرية تابعة “للمينورسو” في بيئر لحلو.
لقد أدى المغرب ثمن كبير في تدويل قضية الصحراء، وإدخلها إلى أروقة الامم المتحدة، ثمن سياسي واقتصادي واجتماعي، ومع ذلك لازال يؤدي الضريبة بتقديمه عدة تنازلات في إطار المفاوضات مع الدول الكبرى، في سياق المكائد والدسائس الذي تقوم بها الدولة الجزائرية وأعداء الوحدة الترابية.
كما أن الديبلوماسية المغربية أبانت في كثير من المحطات عن ضعفها، وقيامها على استراتيجية “رد الفعل” عوض “المبادرة”، و”الدفاع” عوض “الهجوم”، وتبين ذلك جليا مع مقترح توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الانسان، أو في اتفاقيات الصيد البحري مع الاتحاد الاوربي.
إن الوضع الحالي، ينذر بشؤم حول مصير الصحراء، بعد اشتداد الخناق على المغرب وفق استراتيجية دقيقة تقودها الجزائر، على عدة جبهات، منها الحقوقية ومنها التجارية وأخيرا قضائية.
إن قرار المحكمة الاوربية ليس غاية في حد ذاته، وإنما الغاية تكمن في خلق سوابق قضائية في محاكم وطنية واقليمية، وهو ما سيؤسس لواقعة قانونية دولية تتمثل في كون “البوليزاريو” هو الممثل الوحيد “للشعب الصحراوي” ومن جهة ثانية اعتراف قضائي وقانوني بسيادة الجبهة على المنطقة العازلة.
إن مشكلة الصحراء، هي مشكلة اقليمية بين المغرب والدولة الجزائرية، وعلى هذه القاعدة يجب أن تعود الامور لنصابها، وإن تحققت زيارة الامين العام للامم المتحدة للمنطقة العازلة، فللمغرب كافة الصلاحيات والسيادة من أجل سحب الملف من دواليب الامم المتحدة، ومطالبة بعثة المينورسو الخروج من الاراضي الصحراوية، وإعمار المنطقة العازلة، ومخاطبة الدولة الجزائر بشكل مباشر بجميع الاعراف والقواعد الدولية للدفاع عن الوحدة الوطنية.
إن احتضان الجزائر لجبهة “البوليزاريو” على أراضيها، فإنها مسؤولة بمقتضى القانون الدولي على كل الانتهاكات أو الخروقات التي تقوم بها مجموعات مسلحة على أراضيها سواء بعلمها أو بغير علمها.
أكيد أن إرجاع ملف الصحراء إلى نزاع اقليمي بأدوات إقليمية غير أممية، له “تكلفة”، لكنها تظل أقل “تكلفة” من الزيارة التي “قد” يقوم بها الامين العام للمنطقة العازلة على المدى المتوسط.
إن السيد الامين العام للامم المتحدة مرحب به لزيارة الرباط والعيون وزيارة المنطقة العازلة، ولكن في سياق زيارته للمغرب وبترتيب ديبلوماسي وسيادي للدولة المغربية، وإلا فالشعب المغربي الذي قدم ماله ودماؤها في سبيل تحرير صحرائه، لازال متعطشا للتضحية والشهادة في سبيل الوطن.