زنقة 20. الرباط
ينتظر أن تتوافد أعداد كبيرة من مغاربة العالم على المملكة، بداية من منتصف يونيو الجاري، عقب إعلان المغرب فتح الحدود الجوية والبحرية.
و أعلنت شركة ‘الخطوط الملكية المغربية، على حسابها في تويتر، عن إقبال كبير على الحجز عبر طائراتها، وهو ما تسبب في توقف الخدمات عبر الإنترنت بسبب الإكتظاظ على البوابة الإلكترونية.
ودعت الشركة الوطنية الرائدة، زبنائها إلى إستخدام تطبيق الإلكتروني للحجز لتفادي أي تعطيل.
وأكد الخبير بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، محمود عربوش، أن مغاربة العالم يساعدون على نسج علاقات تجارية واستثمارية بين المغرب وبلدان استقبالهم.
وأوضح السيد عربوش، في مقال يحمل عنوان “الجالية، الجهة ال13، من أجل التنمية السوسيو-اقتصادية للمغرب”، أن مغاربة العالم يمكنهم أن يكونوا مسهلين مهمين للتجارة مع المغرب، سواء في ما يخص الواردات أو الصادرات.
وسجل أنه بالإضافة إلى مساهمتهم في عائدات العملة الأجنبية للبلاد، والتي يمكن أن تتجاوز نسبة 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، يحافظ المهاجرون وأبناؤهم عموما على علاقات وثيقة مع المغرب، ويقدمون مساعدتهم بطريقة غير مباشرة.
وأضاف أن تحويلات مغاربة العالم، التي كانت تحتل المركز الثاني للإيرادات في ميزان الأداءات للمغرب، بعد إيرادات السفر، وتشكل ما بين 6 في المائة إلى 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، سجلت زيادة مفاجئة بنسبة 5 في المائة خلال 2020 لتستقر عند 68 مليار درهم.
واعتبر عربوش أن هذا الاتجاه الذي يكذب جميع التوقعات التي كانت تتحدث عن انخفاض بنسبة تتراوح بين 20 و30 في المائة، يظهر أن هناك تقلبات دورية قوية في سياق اقتصادي عالمي بالغ الحساسية.
وتابع أنه بالإضافة إلى تحويل الأموال، يستثمر مغاربة العالم في بلدهم الأصلي ويزورونه كسائحين، لاسيما المقيمين في أوروبا، مشيرا إلى أنه في عام 2019، مثلت الجالية ما يناهز 45 في المائة من إجمالي السياح الوافدين.
وسجل أنه خلال 2019، بلغ إجمالي عائدات السياحة 8 مليارات دولار، لذلك فمن المحتمل أن يكون المهاجرون المغاربة قد ساهموا بحوالي 3 إلى 4 مليارات دولار في ميزان الأداءات، وهو ما يعادل 2 إلى 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وبخصوص الاستثمار، هناك أربع قنوات رئيسية، وفقا لتحليل الخبير، تحفز من خلالها الجالية الاستثمار في المغرب، مشيرا إلى المهاجرين العائدين الذين يستثمرون المدخرات التي جمعوها في دول استقبالهم، والأسر التي تستثمر جزءا من التحويلات، ومغاربة العالم الذين يستثمرون مباشرة في المغرب، وكذلك أولئك الذين يسهلون استثمارات أطراف ثالثة في المملكة.
وتابع الخبير بالقول “لسوء الحظ، لا يمكن معرفة حجم هذه القنوات المختلفة بدقة من خلال البيانات المتاحة. فميزان الأداءات يسجل جميع تحويلات الجالية المغربية كتحويلات جارية، ولا يميز تدفقات الاستثمار. كما لا تقدم البنوك التجارية معلومات عن استخدام هذه التحويلات والودائع”.
وأشار إلى أن الباحثين البشير حمدوش وجاكي وهبة، اللذين قاما بتعريف المقاولين كأشخاص يستثمرون في الأنشطة غير العقارية، في دراسة لهما نشرت سنة 2012، كشفا أن حوالي 47 في المائة من المهاجرين العائدين هم مقاولون ، مقابل 32 في المائة من ساكنة المملكة.
وسجل الخبير أن جزء كبيرا من التحويلات المالية التي يتلقاها المغاربة تخصص للاستثمار في العقار، وهي ظاهرة موجودة بشكل عام في جميع البلدان النامية.
وتشير الدراسات الاستقصائية أيضا إلى أن مغاربة العالم يستثمرون بشكل أساسي في العقار وبشكل أقل في المقاولات العائلية أو المقاولات الصغرى والمتوسطة. وقد تم توجيه أكثر من 85 في المائة من هذه الاستثمارات نحو القطاع العقاري سنة 2005 (آخر بحث حول المغاربة المقيمين بالخارج أجراه المعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي سنة 2005). ولكن ربما تكون القناة الأكثر أهمية وصعوبة في القياس هي الاستثمار الأجنبي المباشر من قبل أطراف ثالثة.
ويشكل مغاربة العالم وسطاء مهمين لمواطنيهم الذين يتطلعون إلى بيع مقاولاتهم أو التطور من خلال اللجوء إلى الاستثمار الأجنبي، كما يعتمد الأجانب الذين يسعون للاستثمار في المغرب على معارف المهاجرين المغاربة. وقد لوحظت هذه الظاهرة في دول أخرى.
وأشار الخبير إلى أن السلطات المغربية، وعيا منها بأهمية الجالية المغربية كرافعة لجهود التنمية في البلاد، وضعت آليات لتشجيع ودعم المبادرات الاستثمارية للمغاربة المقيمين بالخارج.
وأوضح أن الهدف من ذلك هو تحديد القطاعات الرئيسية التي يمكن للمهاجرين أصحاب المشاريع والأفكار المبتكرة الاستثمار فيها، لاسيما خارج قطاع العقار، مسجلا أنه ربما يكون الجيلان الثاني والثالث من المهاجرين المغاربة أكثر استعدادا للاستثمار في مشاريع ابتكارية مقارنة بالجيل الأول، لكنهم بحاجة للمساعدة في تحديد المشاريع وإقامة الشراكات.
وقال إنه لهذا الهدف تم إنشاء صندوق دعم استثمارات مغاربة العالم، رصدت له الدولة مليار درهم، مضيفا أن القطاعات المؤهلة لهذه الآلية تشمل الصناعة التحويلية والخدمات مثل التعليم والسياحة والصحة.