مغربي وشلل بيها فمك

بقلم : رشيد نيني / مدير نشر جريدة “الأخبار”

مغربي وشلل بيها فمك

هذه الأيام نسمع في تلفزيونات بريطانيا وفرنسا وإذاعات إسبانيا شهادات حول المغرب تثير الاعتزاز. كلهم يضربون المثل بالمغرب في وتيرة التلقيح وجدية الحملة والسرعة التي تسير بها. وبالمقابل ينتقدون حكوماتهم ويتهمونها بالفشل ويطالبونها بالرحيل.

اعتدنا أن نسمع اسم المغرب في هذه القنوات والإذاعات مقرونا بالمشاكل والصعوبات والأخبار السيئة، وها نحن اليوم نسمعهم يتحدثون عن المغرب كمثال ناجح.

الفضل كله يعود لملك البلاد محمد السادس الذي كان سباقا إلى اتخاذ قرارات حاسمة في الوقت المناسب، إن على مستوى إغلاق البلد في وجه الملاحة الجوية، أو على مستوى إعلان حالة الطوارئ الصحية وإحداث صندوق مواجهة كورونا، أو على مستوى ضمان اللقاحات بالمجان لكل أبناء الشعب المغربي بتدخل مباشر منه، وإعطاء تعليماته الصارمة للقيام بعملية التلقيح في ظروف شفافة وناجعة، وهي العملية التي يتتبعها بشكل يومي ودائم.

لذلك فهذا النجاح الذي يشهد به العالم للمغرب، والذي يغيظ البعض من جيراننا، لم يأت من فراغ، بل هو ثمرة مجهود ملكي جبار جعل دولا متقدمة اقتصاديا وعلميا وتكنولوجيا تعترف للمغرب بالريادة في عملية التلقيح.

وقد يعتبر البعض موضوع التلقيح موضوعا بسيطا، وهذا خطأ لأن حكومات كثيرة في العالم ستحاسب أمام شعوبها على طريقة تدبيرها للقاحات.

وها نحن قد بدأنا نسمع في فرنسا أصواتا في الإعلام تدعو إلى محاسبة ماكرون وحكومته بسبب فشلهم في تلقيح الفرنسيين، فعلى الرغم من اقتناء الحكومة الفرنسية للقاحات فإنها فشلت في تطعيم الساكنة بالوتيرة المطلوبة، مما دفع بعض المعلقين في البرامج التلفزيونية إلى القول بأنهم اكتشفوا أنهم يعيشون في دولة من دول العالم الثالث وليس في فرنسا الصناعية كما كانوا يعتقدون.

لذلك أعتقد أنه لم يعد لأحد الحق في إعطائنا الدروس لأننا الأجدر بإعطاء الدروس وليس تلقيها.
المغرب بفضل مؤسساته الأمنية أعطى الدروس لدول متقدمة ليس أقلها أمريكا عندما مكنهم من معلومات استخباراتية جنبتهم حمامات دم كان يخطط لها إرهابيون.
المغرب أعطى المثال في مجال الهجرة، فبلدنا لم يعد بلد عبور كما كان في السابق بل بلد استقرار، ولدينا اليوم جالية إفريقية تعد بعشرات الآلاف تقيم وتشتغل بطريقة شرعية.

والأوروبيون الذين يطلبون من المغرب أن يستمر في لعب دور دركي الحدود لكي يمنع عنهم وصول قوارب المهاجرين الهاربين من دول إفريقية يستنزفها هؤلاء الأوروبيون أنفسهم الذين يشتكون من غزو المهاجرين، عليهم أن يفهموا أن المغرب أيضا يصل إليه مهاجرون كل يوم وعليه أن يدبر هذا الملف بالوسائل المحدودة التي لديه.

إن المغرب لا يخلق مهاجرين لكي يصدرهم إلى أوروبا فهم يصلون إليه من كل الدول الإفريقية وهو ضحية في هذا الملف وليس متهما.
المغرب بفضل رؤية ملكه المستقبلية أعطى المثال على مستوى المسارعة لإنجاز الانتقال الطاقي، فالمغرب اليوم يستثمر في الطاقة الشمسية والريحية وبصدد الاستثمار في الهيدروجين الأخضر والسيارات الكهربائية.

المغرب يعطي المثال للعالم بأسره في التسامح الديني، فنحن البلد الإسلامي الوحيد الذي يمكن أن تجد فيه في حي واحد مسجدا وكنيسة وديرا يهوديا.

هل هي مصادفة أن يكون جبل إيغود بنواحي اليوسفية موطن أقدم إنسان عاقل على وجه البسيطة؟

هل هي مصادفة أن سبعين بالمائة من احتياطي العالم من الفوسفاط يوجد بالمغرب؟
هل هي مصادفة أن ‫أخطر منطقة عرفها كوكب الأرض على الإطلاق هي منطقة كمكم بجنوب شرقي المغرب والتي كانت تعيش بها أخطر الحيوانات المفترسة؟
هل هي مصادفة أن تكون الدولة المغربية هي أقدم دولة في العالم؟
هل هي مصادفة أن الحرس الملكي المغربي هو أقدم حرس ملكي في العالم؟
هل هي مصادفة أن تكون أول شهادة تمنح في الطب هي شهادة صادرة عن جامعة القرويين حصل عليها مغربي اسمه عبد الله بن صالح؟
وهل هي مصادفة أن تكون أقدم جامعة في العالم هي جامعة القرويين نفسها؟
هل هي مصادفة أن يكون المغرب أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة الأمريكية؟
هل هي مصادفة أن يكون المغرب مركز الصوفية في العالم؟
هل هي مصادفة أن يكون أقدم مستشفى في العالم بمفهوم المستشفى، يعود تأسيسه إلى عهد الدولة الموحدية، وحمل اسم العالم المغربي والطبيب المشهور «ابن زهر» بمدينة مراكش، والذي يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1270 ميلادية، أي إنه كان قائما قبل 750 سنة من اليوم؟
هل هي مصادفة أن يكون أقدم مستشفى للأمراض العقلية في العالم هو مستشفى بفاس تأسس سنة 1286 ميلادية، وكان يطلق عليه المغرب القديم «سيدي فرج»، حتى أنها كانت كناية للفاسيين على الأمراض النفسية؟
هل هي مصادفة أن يكون المغرب أول بلد في العالم يبني مستشفى خاصا لمعالجة طيور اللقالق المهاجرة؟
وإلى اليوم لازالت دار بلارج في مراكش شاهدة على أن المغاربة اكتشفوا الرفق بالحيوان قبل بريجيت باردو.

كل هذه الأمثلة التي يقدمها المغرب للعالم على أصالته وعراقته وامتداده في الزمن ليست مصادفات، بل علامات تدل على أننا ننحدر من بلد عظيم وأرض معطاءة ومباركة، وأن الله يهيئ هذا البلد لمستقبل زاهر بإذنه ومشيئته، فقط علينا أن نستعيد الثقة في أنفسنا لكي نغير حاضرنا ونقطع مع التجهيل والتخلف ونبني مستقبلنا على العلم والمعرفة لكي نترك للأجيال القادمة ولو الشيء القليل من الحضارة التي تركها لنا أجدادنا.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد