في حاجة ماسة إلى تعلم أبجديات التربية الجنسية
بقلم : ياسين حكان / مدرب مختص في تطوير الذات
تعد التربية إحدى الآليات العملية للتنشئة الاجتماعية، وانتقال الثقافة المجتمعية من جيل لآخر. والتربية الجنسية فرع من شجرة التربية التي تهتم بمختلف عمليات التكيف والتفاعل بين الفرد وبيئته، عن طريق نقل وتلقين العادات والسلوكيات وتعزيز الاتجاهات والتأثيرات، وهي عملية تضم الأفعال والسلوكيات والتأثيرات التي تستهدف نمو الفرد في جميع جوانب شخصيته، وتسير به نحو تكامل وظائفه عن طريق التكيف مع بيئته، مع مراعاة ما تحتاج هذه الوظائف من أنماط سلوكية وأفعال وأقوال.
والتربية الجنسية تهتم أساسا بكل ما يتعلق بالحياة الجنسية للطفل، بدءا من تعليمه الأبجديات الأولى منذ الولادة إلى بلوغه سن الرشد القانوني وصولا به إلى مرحلة الزواج، وتحتل التربية الجنسية مكانة هامة نظرا لأهميتها في حياة الطفل أو دورها الحيوي في عملية التكيف مع بيئته.
وتفاعلا مع الحدث الأليم الذي وقع بمدينة طنجة قبل أيام حيث وجد الطفل عدنان البالغ من العمر إحدى عشر ربيعا مقتولا ومغتصبا، يأتي هذا المقال ليقدم بعض النصائح والتوجيهات العملية التربوية الخاصة بتنمية التربية الجنسية في مجتمعنا، وذلك للإسهام العلمي في النقاش الدائر حول التربية الجنسية بالمغرب ورفع مستوى الوعي الجنسي لدى الأسر لكي تقوم بوظيفتها على أحسن وجه من تعليم وتلقين وتحسيس وتوعية لتجنب المخاطر الناجمة عن ضعف أو غياب التربية الجنسية داخل المجتمع.
لذا، يجب أن يمتلك الأبوان وعيا جديدا مختلفا عن العرف الاجتماعي الذي يرتكز على قول “حشومة” عند تناول كل ما يتعلق بالحياة الجنسية، إذ تفيد دراسات وأبحاث كثيرة أنجزها الباحثون في علم الاجتماع أن ثقافة “حشومة” يضيع علينا الكثير من الفرص التي يمكن استثمارها ويكرس أعطاب كثيرة يصعب إصلاحها عند فوات الآوان مع العلمبأن فعل التربية مستمر وممتد على طول حياة الإنسان، إذ أن هذا الفعل (حشومة) يعفي الأسر من التعلم والمبادرة إلى شرح الأبجديات البسيطة في التربية الجنسية ويُعمّقُ هذا الأمر ثقافة المجتمع المنغلقة في حدود ذاتها والتي لا تسمح بطرح السؤال في ظل ثقافة جامدة ويمكن تسميتها بالمحافظة الزائفة.
ثمة أمور كثيرة يجب مراعاتها في التربية الجنسية، أولها وجب تحسيس الطفل بأن جسده يخصه وحده دون غيره، وليس من حق أحد أن يلمسه أو يقترب منه باستثناء الوالدين خصوصا عند القيام بعملية تغيير ملابسه، ثانيا يجب أن يراعي الآباء عند تغيير ملابس الطفل أن يكون ذلك في مكان آمن دون وجود الآخرين وعدم النظر إلى عورته، ثالثا إخراجه من غرفة نوم والديه أثناء فترة المعاشرة الجنسية، رابعا حاول أن تبني علاقة صحيحة بين الطفل وجسده والتحدث عنه بطريقة إيجابية عند تنظيفه دون الإيحاء له أن رائحته نتنة، خامسا من الضروري تلقينه أبجديات الحياة الجنسية بتعليمه عن طريق إعطاء الأمثلة بالنباتات والحيوانات مع شرح بسيط ودقيق، سادسا وجب إرشاده بأن يصرخ أو يخبرك عندما يحاول شخص ما التقرب من أعضائه التناسلية أو العبث بها، سابعا لابد من تنمية الرقابة الذاتية لديه عندما تقع عيناه على منظر مخل للأدب وتعليمه أن من الواجب عليه الاستئذان عند الدخول إلى أي غرفة أو بيت، ثامنا في سن الثامنة لابد من تقديم توضيحات شاملة له بخصوص الاعتداء الجنسي والتحرش الجنسي وما معنى البلوغ سواء بالنسبة للذكر والأنثى مع توجيههما إلى خلق الحياء باعتماد التعاليم الدينية الواردة في هذا الجانب.