بقلم : محمد الغلوسي
بدأت وزارة الداخلية في عقد لقاءات مع الأحزاب السياسية الهدف منها الإعداد للإنتخابات المقبلة وطالبت من الأحزاب تقديم مقترحاتها بخصوص العملية الإنتخابية.
وقد نقل عن مسوؤلي الداخلية حسب ماتم تداوله إعلاميا أنها ستلتزم بالحياد وضمان نزاهة وشفافية الإقتراع.
وفي إعتقادي المتواضع فإنه إذا كان من المهم ضمان نزاهة وشفافية الإنتخابات فإن هذا الإلتزام الأخلاقي يبقى لوحده غير كاف خاصة في ظل سياق سياسي يتميز بضعف النخبة السياسية وهشاشتها وإفتقاد جزء كبير منها للمصداقية وإرتهان وجودها وديمومتها وإستمرارها بسيادة الريع والفساد والرشوة.
فيما الجزء الآخر من النخبة السياسية الممانعة والذي يتوفر على رصيد مهم من القيم ،ومستقل عن المراكز والمواقع المحافظة والمعادية لأي تطور ديمقراطي ،وله طموح لبناء مجتمع آخر قوامه فصل السلط والتوزيع العادل للثروة ،فهذا الجزء لازال ضعيفا وغير قادر على توحيد الأصوات المتعددة الصادرة عنه رغم وحدتها في الجوهر وواقعه الذاتي يشكل أكبر معيق لتطوره وتأثيره في صيرورة الواقع المعقد ويحتاج إلى جرأة وشجاعة لتشريح الذات المريضة.
إن الإعداد للإنتخابات لايجب أن يشكل مجرد لحظة تقنية للمذاكرة حول كيفية وآليات إجرائها ،بل يجب أن تكون مناسبة لإعادة النظر في القوانين المؤطرة لها والتقطيع الإنتخابي ،واعتماد البطاقة الوطنية كوسيلة وحيدة للتصويت ولجنة مستقلة للإشراف على المسلسل الإنتخابي برمته
وقبل ذلك كله فتح المجال السياسي أمام تعددية سياسية حقيقية تتنافس فيها الأحزاب على برامج واضحة بنخب مستقلة كفؤة ومؤهلة لرفع التحديات التي تنتظر بلادنا على كافة المستويات لكون جزءمهم من النخب التي تعتلي المشهد السياسي اليوم هي مجرد رجع الصدى لثقافة الريع والفساد ونفخ البطون لن تقنع أحدًا وأحسن مايمكن أن تقدمه للمجتمع هوالدرس التالي تحت عنوان: “كيف تنشئ وتنمي ثروتك وتصبح مفسدا ولصا للمال العام في ظرف ولاية إنتخابية”.
إن نخبة كهذه لايمكن إلا أن تعمق معاناة الناس وتضرب في العمق صبيب الثقة الضعيف وهامش الأمل المتبقي ،لذلك فالتوجه للإنتخابات يقتضي بناء أسس الثقة والأمل في المؤسسات والمستقبل ولن يتحقق ذلك إلا بالقطع مع الفساد والرشوة والريع ونهب المال العام وربط المسوؤلية بالمحاسبة وتحريك المتابعات القضائية ضد المفسدين وناهبي المال العام وإسترجاع الأموال المنهوبة وتوسيع دائرة الحريات والحقوق ووقف كل أشكال التضييق ضد الفاعلين ونشطاء حقوق الإنسان وكل ذلك هو الكفيل بأن يعزز قيم المواطنة والمشاركة السياسية والإنتماء للوطن وسيسرع الناس نحو صناديق الإقتراع دون الحاجة إلى “البراح”.