رئيس المحكمة العليا الإسبانية يُشيدُ بالتعاون القضائي مع الرباط ويصف السلطة القضائية المغربية بالمِثالية في العالم العربي
زنقة 20. الرباط
أكد رئيس المحكمة العليا والمجلس العام للسلطة القضائية بالمملكة الإسبانية، السيد كارلوس ليسميس سيرانو، اليوم الاثنين بمراكش، أن السلطة القضائية المغربية “مثال يحتذى به” بالنسبة للعالم العربي.
وأشاد السيد ليسميس سيرانو، خلال الجلسة الافتتاحية لأشغال اللقاء القضائي المغربي الإسباني السابع، بـ”التقدم الحازم للمملكة المغربية في التزامها باستقلال وفعالية نظامها القضائي منذ المصادقة على الدستور الجديد لعام 2011″، مشيرا إلى أن النموذج المغربي للسلطة القضائية الذي بدأ منذ ذلك التاريخ “هو بدون شك مثال يحتذى به بالنسبة للعالم العربي”.
وشدد على الأهمية الفائقة للتعاون الدولي بين إسبانيا والمغرب، مؤكدا أن اللقاء القضائي الذي افتتح بمراكش “هو انعكاس واضح للوضع الأمثل للعلاقة التي تربط بين المملكتين الإسبانية والمغربية”، على اعتبار أن “السلطة القضائية هي واحدة من المؤسسات التي ترتكز عليها دولة الحق والقانون”.
وأبرز أن “اللقاءات القضائية بين المغرب وإسبانيا تكتسي أهمية قصوى، لأننا نتعلم من بعضنا من خلال تبادل الأفكار والخبرات في المجال القضائي، ونتشارك بيننا المعرفة التي تساعدنا على التفكير، فلا يمكننا الرفع من قدراتنا المؤسسية والقضائية إلا من خلال توحيد الجهود”.
وعبر رئيس السلطة القضائية في إسبانيا عن “وثوقه” في أن الأفكار والخلاصات التي سيتم التوصل إليها خلال هذا اللقاء القضائي ستساعد على إيجاد حلول لمختلف الإشكالات التي يتعين على قضاة البلدين مواجهتها في عملهم اليومي.
بدوره، أكد نائب المدعي العام للمحكمة العليا بالمملكة الإسبانية، السيد لويس مانويل ناباخاس راموس، أن مقتضيات الدستور المغربي لسنة 2011، تنص بشكل صريح، على آليات الفصل بين السلط الثلاث، منوها بالعلاقات الوثيقة بين الجهازين القضائي بإسبانيا والمغرب.
وأبرز أن هذا المنعطف الدستوري “سيساعد على المضي قدما في مسا تعزيز استقلال السلطة القضائية بشكل عام، ومؤسسة النيابة العامة بشكل خاص، بشكل يجعلها قريبة من تنظيم النيابة العامة في إسبانيا، خاصة على مستوى الصلاحيات والتنظيم”.
وأوضح السيد راموس، أن هذا “التعاون المؤسسي سيساعد على التصدي للظواهر الإجرامية التي تهدد مجتمعاتنا، الأمر الذي يقتضي الاشتغال، جنبا إلى جنب، لرفع هذه التحديات، لاسيما أمام تطور أشكال الجريمة وتنامي موجات الاتجار بالبشر”.
وشدد، في هذا السياق، على أهمية “إشراك ممثلين للنيابة العامة على مستوى البلدين وعلى الصعيد الأوروبي قصد تطويق التحديات القائمة وبلوغ الأهداف المرجوة وتطوير أداء العدالة، بما يحفظ حقوق المواطنين”.
من جانبه، وصف سفير إسبانيا بالمغرب، السيد ريكاردو دياز هوتشلاينتر، التعاون بين البلدين في المجال القضائي بـ”المثالي”، وذلك بفضل العمل الدؤوب لقضاة الاتصال الذين يلتزمون بالعمل لفائدة دولة الحق والقانون والدفاع عن القيم الكفيلة بضمان مزيد من التطور في العلاقات الثنائية.
وأشاد السفير الإسباني بتأسيس مؤسسة النيابة العامة في المغرب، والتي تعكس “التزام المملكة في اتجاه تحديث وعصرنة جميع المؤسسات، تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس”، قصد تحقيق التنمية والازدهار المنشودين.
وبعد أن ذكر بأن إسبانيا “أصبحت الشريك الاقتصادي الأول للمغرب بمبادلات تجارية تصل إلى 15 مليون أورو”، أكد السفير الإسباني أن هذه العلاقات مدعوة إلى مزيد من “التطور والنجاعة” على كافة الأصعدة، بما يخدم مصلحة البلدين.
وانطلقت، في وقت سابق من اليوم، أشغال اللقاء القضائي المغربي الإسباني السابع، بين محكمة النقض بالمملكة المغربية والمحكمة العليا والمجلس العام للسلطة القضائية بالمملكة الإسبانية، وذلك بحضور شخصيات قضائية رفيعة المستوى من كلا البلدين.
ويؤكد هذا اللقاء، الذي يأتي تفعيلا لاتفاقية التوأمة والتعاون الموقعة سنة 1999 بين الطرفين وتزامنا مع الاحتفاء بمرور 20 سنة على توقيع الاتفاقية المذكورة، متانة العلاقات بين المؤسستين وتقاسمهما تاريخا قضائيا مشتركا.
كما يبرز رغبة الجانبين المغربي والإسباني في تعزيز آليات التعاون والتواصل وتبادل الخبرات والتجارب، التي من شأنها أن تساهم في توحيد وتجويد العمل القضائي خدمة للقضايا المشتركة بين البلدين.
ويمثل هذا اللقاء، الممتد على مدى يومين، مناسبة سانحة لاستحضار التجربة المغربية القضائية في سبيل تعزيز استقلال القضاء واستحضار المنجزات الهامة التي حققها القضاء المغربي في سبيل تكريس الأمن القضائي وحماية الحقوق والحريات.
وتتوزع أشغال هذا الحدث القضائي الدولي الهام إلى أربع ورشات حول السلطة القضائية والقانون المدني والأحوال الشخصية والقانون الجنائي والقانون التجاري والاجتماعي، تؤطرها شخصيات قضائية رفيعة المستوى.
وتتسم مواضيع هذه الورشات بأبعاد وطنية وحقوقية ومهنية واجتماعية. ويتعلق الأمر بـ”دور السلطة القضائية في تخليق الحياة العامة” و”الحماية الاجتماعية للقاضي”، و”الكفالة والتبني الدولي” و”العدالة البيئية”، و”الجرائم الإلكترونية في مواقع التواصل الاجتماعي” و”جرائم الاتجار بالبشر”، و”المفاوضة الجماعية وحقوق العمال الموسميين” و”الضمانات القضائية لتشجيع الاستثمار وتحسين مناخ الأعمال”.