هكذا عارضت السويد إتفاق الصيد البحري بين الإتحاد الأوربي و المغرب قبل سنتين

زنقة 20 . الرباط

تشهد العلاقات بين المغرب والسويد أخيراً تدهوراً كبيراً بعدما اقترحت أحزاب يسارية تقود الحكومة السويدية الامتناع عن استيراد السلع المغربية ذات المنشأ من أقاليم الصحراء في الجنوب المغربي، ما اعتبرته الرباط منافياً للأعراف والقوانين الدولية والعلاقات بين البلدين.

وأشار بيان أصدرته وزارة الإتصال إلى أن «ما صدر عن السويد من مواقف بدأ يمتد داخل الدول الأوروبية حيث تشن حملات للتصويت ضد الاتفاقات التي يبرمها الاتحاد الأوروبي مع المغرب، وتعبئة دول أخرى للهدف ذاته».

ويتمتع المغرب بوضع «الشريك المتميز» داخل الاتحاد الأوروبي منذ العام 2009 وهو موقع تفضيلي يقل عن العضوية الكاملة في الاتحاد ويزيد على مجرد الشراكة الاقتصادية والتجارية الموقعة عام 1996.

وتتفاوض الرباط مع دول الإتحاد للتوصل إلى اتفاقات جديدة تشمل المجالات الزراعية والمناطق التجارية الحرة التي تغطي كل البلد بما فيها المناطق الصحراوية جنوب غرب البلاد.

وكانت السويد الوحيدة في دول الاتحاد الأوروبي التي عارضت إتفاق الصيد البحري مع المغرب قبل سنتين، بذريعة ان عائدات الدعم الأوروبي المقدرة بنحو 36 مليون يورو سنوياً لا تستثمر محلياً بالكامل، وهو الرأي الذي فنده المغرب مرات عدة، وكشف حجم الاستثمارات الهائلة التي انفقتها الرباط في المناطق الجنوبية والتي تجاوزت 11 بليون دولار في السنوات الماضية، ما جعل الدخل الفردي في تلك المناطق يفوق مثيله في مدن كبرى مثل مراكش أو فاس أو طنجة .

وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي إن ” الحكومة تفكر في اتخاذ إجراءات مماثلة لتلك التي تقترحها حكومة السويد وفقاً لمبدأ المعاملة بالمثل، لأن الأمر يتعلق بعيش المغاربة واقتصادهم وشركاتهم ومؤسساتهم الاقتصادية، وسنتجه إلى مقاطعة الشركات السويدية عملاً بالمثل بعد حملة المقاطعة ضد الشركات المغربية”.

وكان المغرب أوقف الأسبوع الماضي إجراءات افتتاح مركز تجاري كبير في مدينة المحمدية أنجزته شركة «إيكيا» السويدية وقيمته 50 مليون دولار، وهو متخصص في بيع المفروشات والتجهيزات المنزلية والمكتبية السويدية، فضلاً عن مساحات مخصصة للمطاعم الاسكندينافية.

وأفادت مصادر للـ”الحياة” بأن القرار ليس موجهاً ضد نشاط الشركات السويدية أو الاستثمارات الإسكندينافية في المغرب، بقدر ما يسعى إلى إثارة الانتباه إلى خطورة المواقف المتهورة التي اقترحتها الحكومة السويدية وتداعياتها على العلاقات التجارية والاقتصادية بين ضفتي البحر المتوسط، خصوصاً أن المغرب يملك اكبر ميناء تجاري في جنوب المتوسط تتولى فيه شركة “مايريكس” السويدية مناولة الحاويات الدولية، وهو نشاط يغطي كل شمال أفريقيا وغربها ومضيق جبل طارق الذي تعبره يوميا 800 باخرة نحو أربع قارات، وشددت المصادر على أن أي أزمة مع السويد قد تمتد في الاتجاهات الأربعة.

وتراهن الرباط على وساطات فرنسية وخليجية وحتى ألمانية وإسبانية وأمريكية لثني السويد عن المضي في قرار مقاطعة السلع المغربية ذات المنشأ الصحراوي ومنع الاعتراف بأي مجموعة انفصالية والخضوع للقرارات الأوروبية والاممية في الموضوع.

و كانت سفارة السويد في الرباط قد أعلنت ان حكومة بلادها «تدعم جهود الأمم المتحدة لإيجاد حل سياسي عادل دائم ومقبول من الاطراف كافة لإنهاء نزاع الصحراء».

لكن المراقبين يعتقدون أن التيارات اليسارية والعلمانية داخل الحكومة السويدية تتجاوز القرارات الأممية، وهي غير محايدة وتتعامل مع القضايا الداخلية للدول بمنطق التعالي والوصاية وأحياناً التحريض، كما حصل مع دول عربية أخرى في الخليج، وهو موقف غير مقبول من دولة ديموقراطية ومتحضرة.

وتستند الرباط في مواقفها الى اتفاقات الشراكة التجارية والاقتصادية والثقافية والأمنية التي تربطها مع الاتحاد الأوروبي منذ العام 2000، وهو إطار عام يشمل كل المناطق من دون تمييز جغرافي، كما يرتبط المغرب باتفاق المنطقة التجارية الحرة مع الولايات المتحدة منذ العام 2006 ويغطي الإقليم الجنوبي أيضاً ولا يقيم أي اعتراض على أي منشأ داخل المغرب.

وتملك الرباط 53 إتفاقاً للتجارة الحرة منها «إعلان أكادير 2004» الذي يشمل مصر و تونس والأردن، واتفاقات أخرى مع دول مجلس التعاون الخليجي ومع تركيا ودول أميركا اللاتينية، إضافة إلى اتفاقات تجارية ثنائية أو متعددة الطرف مع عدد من الدول الأفريقية.

وتقدر تجارة المغرب الخارجية بنحو 70 بليون دولار. وتعترف الأمم المتحدة بالسلطة الإدارية للمغرب على الأقاليم الصحراوية في الجنوب، ورحب مجلس الأمن في قراره الأخير بمبادرة الحكم الذاتي التي شرع المغرب في تنفيذها، من خلال إرساء “جهوية موسعة” تشمل 12 محافظة تدير أمورها الاقتصادية والتجارية والاستثمارية والثقافية بمعزل عن العاصمة الرباط، في صيغة حكومة وبرلمان محليين يرأسها رئيس “الجهة”، وهو شخصية محلية ذات سلطات واسعة يمنع عليه أن يكون وزيراً في حكومة مركزية أو نائباً في البرلمان .

عن صحيفة “الحياة”

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد