بوعياش : دوافع سياسية وراء اعتقالات الحسيمة و السجناء ضحايا تدبير متعثر !

زنقة 20 | الرباط

بعد الجدل الكبير الذي خلقته تصريحات صادرة عنها فيما يخص “المعتقلين السياسيين” بالمغرب ، نشرت أمينة بوعياش رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان مقالاً مطولاً على موقع المجلس و عنونته بـ”طلقو الدراري”.

بوعياش ، قالت أنها تابعت باهتمام كبير ردود الفعل التي أثارتها إحدى أجوبتها خلال مقابلة صحفية أجرتها يوم الاثنين 22 يوليوز 2019 و قالت فيها أن المغرب لا يوجد فيها معتقلون سياسيون.

ذات المسؤولة ذكرت أن ” ما قلته قد تعرض للبتر كما انتزع من سياقاته هكذا، طغت التشنجات السياسية واللبس على النقاش وطمس.

بوعياش أضافت أن قلة قليلة فقط من وسائل الإعلام قد انتبهت بالفعل إلى أنه لا يوجد تعريف متفق عليه لمصطلح “المعتقل السياسي”.

و ذكرت بوعياش عدداً من قرارات و آراء جمعيات و منظمات حقوقية دولية عرفت مفهوم “المعتقل السياسي” وضمنها منظمة العفو الدولية، حيث تعتبر الأخيرة حسب بوعياش أن ” المعتقل السياسي هو شخص معتقل لأسباب سياسية، أي لمعارضته، باستعمال العنف أو بدونه، للسلطة القائمة في وطنه (سواء كانت الدولة التي ينتمي إليها معترف بها دوليا أم لا).

وتشمل هذه الفئة وفقًا لمنظمة العفو الدولية كل: ” شخص متهم أو مدان في جريمة عادية مثل القتل أو السرقة تم اقترافها لأسباب سياسية، وذلك بغاية دعم أهداف جماعة معارضة؛ و شخص متهم أو مدان في جريمة عادية ترتكب في سياق سياسي، مثل مظاهرة لنقابة أو لمنظمة فلاحين؛ و عضو مشتبه في انتمائه أو معروف بانتمائه إلى جماعة معارضة مسلحة تمت إدانته بالخيانة أو “التآمر”.

و تطرقت كذلك إلى المفهوم الذي أصدرته الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا و التي تقول أن “المعتقل السياسي” هو شخص حرم من حريته الفردية، شريطة أن يتوفر فيه معيار من المعايير التالية، على الأقل: (أ) إذا كان الاعتقال قد شابه خرق لإحدى الضمانات الأساسية المنصوص عليها في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان وبروتوكولاتها، لا سيما حرية الفكر والضمير والدين وحرية التعبير والإعلام وحرية التجمع وتكوين الجمعيات؛ (ب) إذا تم الاعتقال لأسباب سياسية بحتة ولا علاقة لها بأي خرق للقانون كيفما كان؛ (ج) إذا كانت مدة الاحتجاز أو ظروفه، لأسباب سياسية، غير متناسبة بشكل واضح مع الجريمة التي أدين بها الشخص أو المتهم بارتكبها.

و اعتبرت بوعياش أن “مفهوم “الدافع السياسي” شرطا أساسيا للحديث عن “الاعتقال السياسي” ، معتبرةً أن ” هناك خيط رفيع، لكنه حاسم. فاحتمال وجود” دوافع سياسية“ وراء عمليات التوقيف أثناء أحداث الحسيمة أو جرادة احتمال وارد، وهو ما رجحه جزء من جماعة المدافعين عن حقوق الإنسان، إلا أنه لا يمكن القطع في ذلك بشكل لا يدع مجالاً للشك. ومن المجحف أيضا رفض التشكيك في هذا الأمر، أخذا بعين الاعتبار مدة المظاهرات وظروفها”.

و تقول بوعياش في مقالها : ” وفيما يخص أحداث الحسيمة وجرادة، فقد حرص المجلس، في إطار المهام المنوطة به، على ملاحظة وتتبع المظاهرات والاحتجاجات لعدة أسابيع. فلو كان الشباب الذين تم اعتقالهم على خلفية هذه الأحداث يستوفون معايير توصيف “المعتقل السياسي” كما تم تحديدها أعلاه، لكانت محددات عمل المجلس أوضح، بل لكان عمله أيسر، ولكانت رئيسته لتدعو، دون تتردد وبوضوح، للإفراج الفوري عن المعتقلين وتعويضهم؛ وفقًا لأحكام الفصل 23 من الدستور والمادة 9 (5) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛ وليس السعي للعفو عنهم (الفصل 58 من الدستور)”.

و تضيف : ” ونظرًا لعدم استيفاء المعايير المذكورة، فإن استخدام المجلس الوطني لحقوق الإنسان لمصطلح “المعتقل السياسي” كان في هذه الحالة سيكون في غير محله وذا نتائج عكسية وغير مسؤول، وكان بذلك سيكون سابقة واستثناء على المستوى الوطني وعلى المستوى الدولي.”

متسائلةً : ” كيف يمكن إذن توصيف هؤلاء الشباب، إذا لم يكونوا “معتقلين سياسيين”؟ شخصيًا أقول إنهم ضحايا تدبير متعثر تشوبه أوجه قصور كثيرة، ولم يستطع ضمان الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين؛ كما لم يتمكن من أن يضمن لهم عيشا كريما والاستجابة لمطالبهم المشروعة. هذا التعثر، الذي وصفته في 12 يوليوز 2019 ب “أزمة الأداء” سبب “أزمة ثقة” حقيقية.”

“لم يخل أي لقاء من لقاءاتي العديدة مع عائلات المعتقلين من مطلب أساسي سمعته من أفواه كل أم وكل أب وكل أخت وكل زوجة: “طلقوا الدراري” (أطلقوا سراح الشباب)! الظروف الاستثنائية والمأساوية للأحداث التي أدت إلى اعتقال هؤلاء الشباب والظروف الإنسانية الصعبة التي تعيشها الأسر، حشدت وراءهم الأمة بأكملها. لذلك سيواصل المجلس الوطني لحقوق الإنسان دعمهم بنفس النهج القائم على الاستماع والتعبير عن التعاطف وإظهار التقدير والاعتبار، وبنفس الصرامة والالتزام بالقيام بالواجب والتفاني” تقول بوعياش.

و في الأخير خلصت بوعياش إلى أن ”  التقرير الذي سينشره المجلس الوطني لحقوق الإنسان بعد مناقشته خلال جمعيته العامة، التي لم تمر سوى أيام قليلة على تنصيب أعضائها، سيقف على ظروف الاعتقالات والمحاكمات، وكذلك ادعاءات التعذيب وسوء المعاملة، وسيكون مناسبة أيضًا لإجراء تقييم كامل لهذه الأحداث المأساوية التي شهدتها بلدنا والتي ستظل عالقة بذاكرتها، والتي انقسم بشأنها المغاربة بشكل كبير وتركت أثارا عميقة في ذاكرتنا المشتركة”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد