زنقة 20 . الأناضول
أثار تصريح منسوب لمسؤول بوزارة التعليم الجزائرية، حول وجود مقترح لتدريس اللهجة العامية لتلاميذ السنة الأولى الابتدائية، موجة انتقادات من أحزاب إسلامية في البلاد، وصفته بـ”السابقة الخطيرة، التي تهدد انسجام المجتمع، وتخلق صراعًا لغويًا مستقبلًا”.
وكانت وسائل إعلام محلية، نقلت مطلع الأسبوع الجاري، عن المفتش العام بوزارة التعليم، نجادي مسقم، قوله خلال مؤتمر صحفي عقده للحديث عن نتائج ملتقى لإصلاح منظومة التعليم، إنه “سيتم تدريس العامية خلال الفصل الأول (مدته نحو ثلاثة أشهر) من السنة أولى ابتدائي، مراعاة لبيئة الطفل القادم منها، قبل التدرج في تلقينه الفصحى ابتداءًا من الفصل الثاني من نفس السنة”.
وقال بيان لتكتل الجزائر الخضراء، وهو تحالف برلماني معارض يضم 49 نائبًا (من بين 466 نائبًا بالبرلمان)، ينتمون إلى ثلاثة أحزاب إسلامية، هي حركات “مجتمع السلم”، و”النهضة”، و”الإصلاح الوطني”، إن “اعتماد التعليم بالعامية بدلًا من الفصحى، يعد سابقة خطيرة في تاريخ التعليم في الجزائر”.
وأضاف البيان، الذي تلقت الأناضول نسخة منه، أمس الخميس، أن “اعتماد هذا القرار من شأنه نسف الوحدة الوطنية وانسجام المجتمع الجزائري”.
وطالب التكتل النيابي، “برحيل وزيرة التربية الوطنية (التعليم)، نورية بن غبريط، نظراً لتجاوزها الخطوط الحمراء، باستهداف مقومات الشعب الجزائري”، في إشارة إلى اللغة العربية.
وتتواجد في الجزائر لهجات عدة، البعض أصلها عربي، والآخر أمازيغي، وهي لغة العامة والتواصل، لكن المنظومة التعليمية تعتمد اللغة العربية كلغة رسمية، وبعدها اللغة الفرنسية في تخصصات جامعية أخرى.
وقال المفتش العام بالوزارة، نجادي مسقم، يوم أمس، للإذاعة الجزائرية الرسمية، إن هذا الموضوع، “أُسيئ فهمه، والحديث حول اعتماد اللهجة الدارجة، أو بما يسمى العامية بدلًا من اللغة العربية الفصحى في المناهج التعليمية في الأقسام الابتدائية مجرد إشاعات مغرضة”.
بدورها، قالت وزيرة التربية، للإذاعة نفسها، إن “الإشاعة المتضمنة اعتماد العامية في التعليم الابتدائي، هي مجرد ضجيج غير مقبول”.
وأضافت، أن “كل ما في الأمر هو أن اقتراحات الخبراء المشاركين في الندوة الوطنية حول تقييم تطبيق إصلاح المدرسة (ملتقى عُقد الأسبوع الماضي)، أكدت على ضرورة مراعاة، بصفة تدريجية، ما يحمله الطفل من رصيد لغوي معين (اللهجة العامية للطفل) مع دخوله المدرسة” .
ونشر ناصر حمدادوش، النائب في البرلمان الجزائري، عن حركة مجتمع السلم، يوم أمس، تدوينة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الإجتماعي “فيس بوك”، قال فيها، “إن وزارة التعليم حذفت من صفحتها الرسمية مقطع فيديو للمؤتمر الصحفي، الذي عقده مفتشها العام، وتحدث فيه عن تدريس العامية”.
وتساءل حمدادوش، “أهكذا تعالج الأزمة التي أحدثتها وزيرة التربية بحذف الفيديو فقط؟ سبحان الله!”.
من جهته، قال عبد القادر فضيل، وهو مسؤول سابق بوزارة التعليم، للأناضول: “قرارات الوزارة يغلب عليها الارتجال، والاستعجال، والغموض، ومثل هذا القرار بتدريس العامية لا يطرح هكذا، فهو يوكل لخبراء من مختلف الهيئات المختصة قبل البت فيه”.
واعتبر فضيل، أن “تدريس العامية بدلًا من العربية في الجزائر، معناه خلق جيل لا علاقة له بتراثه”، مشيرًا إلى أن العامية “ليست لغة فكر، والأمر فيه رجوع لما قام به الاستعمار الفرنسي في الجزائر (1830/1962)، عندما كان يخير الجزائريون بين الدراسة بالفرنسية، أو اللهجة العامية لتكسير العربية”.
وذكر فضيل، أنه عندما كان مسؤولًا عن دائرة التعليم الأساسي في الوزارة سابقًا، “تم تقديم توصيات لمعلمي التلاميذ الجدد بتركهم يتكلمون اللهجة العامية بحرية، والتصحيح لهم بالعربية الفصحى، لكي نبين لهم أن الفصحى هي الأصل، ولكي يشعروا بأن اللغة العربية هي لغة الفكر والعلم”