حزب الأصالة و المعاصرة, ما العمل بعد عقد من الزمن
بقلم . فتاح أخياط
يوم 8 غشت 2018 كانت الذكرى العاشرة لتأسيس حزب الاصالة و المعاصرة, كامتداد لحركة لكل الديموقراطيين, وفق مرجعية تقوم على المقومات التقليدية للدولة المغربية ” الدين الاسلامي و الملكية الدستورية و الديموقراطية الاجتماعية و الوحدة الترابية, وكذا الانفتاح على قيم الحداثة و كل القيم الانسانية الكونية الضامنة لحرية و كرامة الانسان”. فبين لحظة التأسيس التي وصفت آنذاك بالمبادرة الشجاعة التي تشكل تحولا مهما في المشهد الحزبي, و بين حساسية اللحظة السياسية الراهنة, جرت مياه كثيرة تحت الجسر, فالحقل السياسي الوطني اليوم لازالت بجبته اسئلة كثيرة و إجاباتها تزداد غموضا مع كل تحدي تواجهه الدولة سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.
إذا كان من البديهي أن يترك للتاريخ أمر تقييم حصيلة عشر سنوات من عمر حزب الاصالة و المعاصرة والحكم عليها كحصيلة حزب فتي طبع بحضوره تاريخ المغرب المعاصر و كرقم أساسي لايمكن تخطيه في أي مشروع مجتمعي ديموقراطي, إنطلاقا من همٍّ واحد نحمله جميعا هو مصير شعب, إسمه الشعب المغربي و وطن واحد يجب أن يتسع للجميع. فإن – بالمقابل- من حق أي فاعل أكان سياسيا أو ثقافيا أو إقتصاديا و مهما كان موقعه, أن يدلو بدلوه في هذا التقييم. فبمثل هذه المبادرات سنعمل على تقليص الخصاص التاريخي الدراماتيكي في ثقافتنا الديموقراطية, و سنساهم جميعا في تقييم المسارات السياسية الكبرى للبلاد.
في هذا السياق إذن وعلى ضوء عشر سنوات من التراكمات, و في معرض قرائتي لتجربة حزب الاصالة و المعاصرة خلال عقد من الزمن, قمت بجرد سريع لسلسلة من المطبات و الانكسارات التي طبعت تاريخ الحزب, أهمها:
– إستصغاره لمسألة حسم الخط السياسي للحزب و هو ما خلق غموض في المرجعية الفكرية و السياسية و الأيدولوجية للحزب و عدم إتضاح الرؤى و الإختيارات, إذ لايمكن أن تكون مرجعية الحزب وثيقة مطالب أو إجتهاد إستشرافي لما سيكون عليه مغرب الغد, و هذا ما يتجلى من خلال تبني الحزب لتوصيات هيئة الانصاف و المصالحة و تقرير الخمسينية. هذه الوثائق هي في الاخير أدبيات تبقى خاضعة لمنطق التغيير و التجديد حسب تغير و تجدد الظرفيات الاقتصادية و السياسية للبلاد. و لأجل ذلك كان من الممكن أن يكون لمسلسل النقاشات الذي بدأ منذ التأسيس حول مرجعية الحزب مناسبة لإدراك مناضليه ” لأيديولوجيتهم“وخطهم السياسي الخاص بهم. غير أنه وتحت ذريعة إستعاب كل الأطياف من المؤسسين و الملتحقين, فإن خلاصات هذه النقاشات كان دائما مصيرها الرفوف أو الاهمال.
– إختيار المواجهة الشاملة مع المكونات الاسلامية و المد المحافظ في غياب تام للمرافقة الفكرية و التأطيرية اللازمة لهذا الاختيار,وهو ما فرض على الحزب و حتى على كل الديموقراطيين العمل في ظروف صعبة مما فوت على الحزب فرص سياسية كثيرة من أجل تحصين الخيار الديموقراطي الحداثي. وفي نفس الوقت هذا الاختيار أسس لأرضية خصبة لتطور الطروحات المتطرفة للحركات السياسية المتأسلمة مستغلة بذلك البنية المحافظة للمجتمع, وهوما مكنها من إستثمار هذا الوضع ديماغوجيا بما يخدم تموقعهافي الخارطة السياسية.
من الدروس الصادمة للحزب, أن نكتشف اليوم أنه على الرغم من أهمية التضحيات التي قدمها مناضلوه خلال عقد من الزمن و التي تفرض الاحترام, فهو لم يتمكن من التجذر بما يكفي و سط الشعب, ولم يستطيع الحفاظ على الحماس الذي كان يحركه إبان التأسيس, أضف إلى ذالك عدم قدرته على تجديد كوادره و نخبه وعدم إستطاعته خوض نقاش نظري كاف حول مآل المشروع السياسي بعد عشر سنوات من الاشتغال, مما جعله بعيد الالتصاق بالواقع الذي رسخ نفسه منذ التأسيس لتغييره تحت شعار “السياسة بشكل مغاير”. إذن ما الذي تبقى من المشروعالسياسي لحزب الأصالة و المعاصرة ؟ وكيف السبل لإنقاذ هذا المشروع وسط مشهد سياسي يتآكل يوم بعد يوم؟.
المطروح اليوم في حزب الاصالة والمعاصرة هو تقديم إجابات على هذه الاسئلة, من خلال الإقدام على خطوة سياسية شجاعة تقوم على إعادة قراءة المشهد السياسي المغربي وفق منظور مغاير لحيثيات مرحلة التأسيس و هو ما سيشكل مدخل لتواضح تاريخي شامل بين الحزب والدولة بشكل نهائي وكامل, سيفضي لامحالة إلى إبراز مشروعية المشروع السياسي للحزب.
فتاح اخياط
عضو المجلس الوطني لحزب الاصالة و المعاصرة
أستاذ جامعي.