عقيقة المولود في المغرب بين التقاليد والتدين

زنقة20 وكالات

تنتقل عقيقة المولود في المغرب من مجرد احتفال ديني بـ “الموهوب”، يحضره حفظة القرآن ودعوات المباركة، إلى احتفال اجتماعي تدخل فيه العادات وتحكمه التقاليد.

وفيما تتباين مظاهره من منطقة إلى أخرى في المغرب، يتوحد المغاربة في عناصر أساسية كالزغرودة والتكبير والاحتفال في سابع أيام الولادة وأكلتي “الرفيسة” و”الزرورة”.

وما يزال عدد من سكان المغرب في مناطق مختلفة يحرصون على إطلاق زغرودة عند ولادة مولودة أنثى وثلاث عند إعلان ولادة ذكر، وهو ما يعكس المنظور الذكوري للولادة. إلا أنه مع تطور مستويات الوعي بدأت هذه العادة في الانقراض. وتواصل التكبير في الأذن اليمنى ثم اليسرى للمولود تيمناً بالسنّة النبوية.

وفي كل مناطق المغرب وبالرغم من توجه غالبية الحوامل للولادة في المستشفيات، ما يعني نظاماً غذائياً خاصاً تفرضه أوامر الطبيب، إلا أن العائلات تحرص على تزويد الأمهات والمواليد بمشروبات ساخنة  كـ “حبّ الرشاد” مع الحليب للأم و”اللويزة” للمولود. كذلك يطهى للأم الدجاج بأعشاب تختارها وتعني بها والدتها، ويحرص على أن تأكل البيض.

الرفيسة أكلة الولادة

عندما يعلن عن ولادة في بيت مغربي، فأول ما يطلبه الأهل والجيران بعد الاطمئنان إلى سلامة الأم والمولود، هو “الرفيسة” أو “الحميسة” كما تسمّى في بعض المناطق، وهي أكلة تعدّ من رقائق العجين بطريقة خاصة، ويطبخ لأجلها الدجاج ويفضل أن يكون “بلدياً” أي تمت تربيته في بيوت القرى، يضاف إليه الفول والعدس والحلبة والثوم وبيض السمان.

الأكلة اللذيذة التي تتفنّن المغربيات في صنعها وتنسب إليهن عبر أنحاء العالم، تسمى الثريد أيضاً، وتمنح طاقة وقوة للأم حديثة الولادة، ويدعى إليها الأهل والجيران رسمياً في اليوم الثالث للولادة.

وعندما يجتمع الأهل والجيران في بيت النفساء للمباركة وأكل “الرفيسة” يبدأ طقس نسائي جميل بعد “الوليمة”، وهو مرادف لاسم حفل العقيقة، بالأخص في مدينة مراكش ونواحيها. وتقدم النساء “الزرورة” للأم، بركة للمولود “الموهوب”، ولا يشترط أن تكون قدراً مالياً معيناً، بل كل وقدرته المالية وقد تكون هدية عينية.

بعد ذلك توزع كؤوس الشاي وتوضع أمام المدعوات صينية تضم كحلاً عربياً صنع بيتياً وحناء “والحركوس” والسواك والعطر، وتصدح في البيت الموسيقى الأندلسية أو أغاني المنشدين الدينية، كل واختياره.

ووسط الضحكات والأحاديث وصوت الشاي يصبه “الساقي”، تتناوب المدعوات الزاهيات في قفاطينهن الجميلة على تبادل الصينية وتضميخ أياديهن بالحناء وتكحيل أعينهن وسواك أسنانهن والتعطر بماء الزهر المعتق، وتتبادلن الدعوات بالعمر المديد السعيد للوليد والدعوات “للعويتقات” أي غير المتزوجات بالزوج والذرية الصالحين.

التسمية والطابع الديني

اليوم السابع أو “السبوع”، هو اليوم الفعلي لعقيقة المولود، إذ يشترط شراء عقيقة حيّة تذبح بنيّة العقيقة، يذبحها الموهوب له أو يوكّل من ينوب عنه في ذبحها. وتكون العقيقة كبشاً أو أكثر بحسب القدرة المالية لأهل المولود، وهو ما يحرص المغاربة على الوفاء به.

وفي هذا اليوم يتبدّى الطابع الديني للحدث أكثر، وإن تداخلت معه التقاليد، إذ يظل حضور حفظة القرآن والمنشدين محافظاً على الطابع الديني لليوم. ويبارك الحضور في العرف للمولود وأهله، ويدعى الرجال بالأساس إلى “وليمة” اليوم السابع، وإن كانت تدعى النساء أيضاً.

ويرتبط اليوم السابع بإقرار تسمية المولود، فبعد أن يكون الخلاف الودي قد استفحل بين الوالدين والإخوة والأهل حول تسمية للمولود، وبعد أن يكون قد عمد في الأغلب إلى “العود” أي القرعة. تذبح ذبيحة العقيقة بالاسم المتوصل إليه وتطلق لأجله التكبيرات ودعوات المباركة والزغاريد.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد