زنقة 20 . الرباط
الغضب غريزة في الإنسان كيفما كان، ورئيس الدولة يغضب ليس فقط كإنسان، ولكن كمسؤول يدبر أمور بلد بتعقيداته الداخلية والخارجية، وإذا كان الملك الراحل الحسن الثاني قد اشتهر بغضبات عنيفة وقاسية، فإن الملك محمد السادس يعبر عن غضبه غالبا عبر خطب مكتوبة.
أسبوعية “الأيام” في غلافها لهذا الأسبوع رصدت أهم الخطب واللحظات التي عبر فيها الملك محمد السادس عن غضبه واستيائه من قضية معينة.
* الصحراء قضية وجود وليست مسألة حدود :
قال الملك محمد السادس وهو يتحدث عن قضية الصحراء المغربية ” لقد مرت أربعون سنة من التضحيات، من أجل استرجاع الأرض، وتحرير الإنسان، وتكريم المواطن المغربي بالصحراء، وكسب قلبه، وتعزيز ارتباطه بوطنه.
وإننا لنستحضر، بكل تقدير، جميع الذين قدموا حياتهم، في سبيل الدفاع عن الصحراء. فهناك أمهات وآباء من جميع أنحاء الوطن، فقدوا أبناءهم في الصحراء. “وهناك أرامل تحملن أعباء الحياة وحدهن، وأيتام لم يعرفوا حنان الأب، من أجل الصحراء. وهناك شباب فقدوا حريتهم، وعاشوا أسرى لسنوات طويلة، في سبيل الصحراء.
“فالصحراء ليست قضية الصحراويين وحدهم. الصحراء قضية كل المغاربة. وكما قلت في خطاب سابق : الصحراء قضية وجود وليست مسألة حدود.”
*سبق لي أن تفاوضت مع مغاربة تندوف:
كشف الملك محمد السادس عن جزء من عمله التفاوضي مع مغاربة تندوف عندما كان وليا للعهد ، حيث قال في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة و الثلاثين للمسيرة الخضراء “قد سبق لي أن تفاوضت مع بعض المغاربة من تندوف، لما كنت وليا للعهد”.
وأضاف الملك أنه ليس لديه مشكل في مفاوضة مغاربة تندوف “لأنني كنت أفاوض مواطنين مغاربة، ولأن الأمر يتعلق بالدفاع عن حقوق المغرب”. مؤكدا أن المغرب “ليس لديه أي عقدة، لا في التفاوض المباشر، ولا عن طريق الوساطة الأممية مع أي كان. ولكن يجب التأكيد هنا، على أن سيادة المغرب، على كامل أراضيه ثابتة، وغير قابلة للتصرف أو المساومة”.
و اعتبر الملك أن اختيار المغرب للتعاون، مع جميع الأطراف، بصدق وحسن نية، لا ينبغي فهمه على أنه ضعف، أو اتخاذه كدافع لطلب المزيد من التنازلات موضحا أن مبادرة الحكم الذاتي، هي أقصى ما يمكن أن يقدمه المغرب، في إطار التفاوض، من أجل إيجاد حل نهائي، لهذا النزاع الإقليمي.
* إما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا :
شدد الملك محمد السادس في خطاب وجهه إلى الأمة، بمناسبة الذكرى ال 34 للمسيرة الخضراء، على أن وقت ازدواجية المواقف قد انتهى فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي.
وقال الملك محمد السادس إنه “وبروح المسؤولية، نؤكد أنه لم يعد هناك مجال للغموض أو الخداع فإما أن يكون المواطن مغربيا أو غير مغربي، وقد انتهى وقت ازدواجية المواقف والتملص من الواجب، ودقت ساعة الوضوح وتحمل الأمانة; فإما أن يكون الشخص وطنيا أو خائنا، إذ لا توجد منزلة وسطى بين الوطنية والخيانة، ولا مجال للتمتع بحقوق المواطنة والتنكر لها، بالتآمر مع أعداء الوطن”.
وأضاف الملك محمد السادس أن الوقت قد حان حيث “يتعين على كافة السلطات العمومية مضاعفة جهود اليقظة والتعبئة للتصدي بقوة القانون لكل مساس بسيادة الوطن والحزم في صيانة الأمن والاستقرار والنظام العام و الضمان الحقيقي لممارسة الحريات”.
* كفى من الاسترزاق بالوطن :
دعا الملك محمد السادس في خطاب المسيرة الخضراء الى الكف عن سياسة الريع والامتيازات والاسترزاق بالوطن، مشيرا الى أن نمط التدبير بالصحراء عرف بعض الاختلالات جعلتها مع توالي السنوات مجالا لاقتصاد الريع وللامتيازات المجانية، وهو ما أدى حسب ملك البلاد إلى حالة من الاستياء لدى البعض وتزايد الشعور بالغبن والإقصاء لدى فئات من المواطنين.
“إننا نعرف جيدا أن هناك من يخدم الوطن، بكل غيرة وصدق. كما أن هناك من يريد وضع الوطن في خدمة مصالحه، مشيرا الى أن هؤلاء الذين جعلوا من الابتزاز مذهبا راسخا ومن الريع والامتيازات حقا ثابتا ومن المتاجرة بالقضية الوطنية مطية لتحقيق مصالح ذاتية، وكذلك الذين يضعون رجلا في الوطن، إذا استفادوا من خيراته، ورجلا مع أعدائه إذا لم يستفيدوا.
هم بعض الانتهازيون قلة قليلة وليس لهم أي مكان بين المغاربة. ولن يؤثروا على تشبث الصحراويين بوطنهم”.
* الاستعمار خلف أضرارا جسيمة :
وجه الملك محمد السادس خطابا الى المشاركين في لقاء عالمي حول التنمية حيث تبنى خطابا يقترب الى اليسار باتهامه الواضح للإستعمار العالمي بعرقلة تنمية الدول ومنها الإفريقية. ويعتبر الخطاب الذي ألقاه رئيس الحكومة عبد الإله ابن كيران مفاجأة على شاكلة خطاب عيد العرش الذي تساءل فيه عن مآل الثروة وفاجأ الرأي العام المغربي، والآن تنتقل النبرة اليسارية الى مخاطبة الرأي العام الدولي في قضايا التنمية وسياسة الغرب في فرض تصورات على الدول الإفريقية.
في هذا الصدد، يقول الملك في خطابه “لقد خلف الاستعمار أضرارا كبيرة، للدول التي كانت تخضع لحكمه. فقد عرقل مسار التنمية بها، لسنوات طويلة، واستغل خيراتها وطاقات أبنائها، وكرس تغييرا عميقا في عادات وثقافات شعوبها. كما رسخ أسباب التفرقة بين أبناء الشعب الواحد، وزرع أسباب النزاع والفتنة بين دول الجوار”.
* هناك من يعتبرون مقاعدهم البرلمانية ريعا أو إرثا خالدا :
في الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس ، يوم الجمعة 10 اكتوبر 2014, في افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة، أكد أن الكثير من البرلمانيين يضعون حساباتهم الشخصية الضيقة في المرتبة الاولى بعد اهتمامات المواطنين، حيث أكد أن هناك من يعتبرون مقاعدهم البرلمانية ريعا أو إرثا خالدا إلى الأبد.
* الدار البيضاء… فضاء للتناقضات الكبرى :
خصص الملك محمد السادس مساحة كبيرة من خطابه في البرلمان لانتقاد تدبير الشأن العام المحلي بالدار البيضاء، المدينة التي قال عنها: “أعرفها جيدا، وتربطني بأهلها مشاعر عاطفية من المحبة والوفاء، التي أكنها لجميع المغاربة.. اعتبارا لمكانة الدار البيضاء كقاطرة للتنمية الاقتصادية، فإن هناك إرادة قوية لجعلها قطبا ماليا دوليا.
إلا أن تحقيق هذا المشروع الكبير لا يتم بمجرد اتخاذ قرار، أو بإنشاء بنايات ضخمة وفق أرقى التصاميم المعمارية”. وتساءل الملك أنذاك بالقول “لكن لماذا لا تعرف هذه المدينة ،التي هي من أغنى مدن المغرب ، التقدم الملموس الذي يتطلع إليه البيضاويون والبيضاويات على غرار العديد من المدن الأخرى؟ وهل يعقل أن تظل فضاء للتناقضات الكبرى إلى الحد الذي قد يجعلها من أضعف النماذج في مجال التدبير الترابي؟” يقول الملك أمام أعضاء غرفتي البرلمان.
المشكل الذي تعاني منه العاصمة الاقتصادية يقول الملك يتعلق بالأساس بضعف الحكامة.. رغم أن ميزانية المجلس الجماعي للدار البيضاء تفوق بثلاثة إلى أربعة أضعاف تلك التي تتوفر عليها فاس أو مراكش، مثلا، فإن المنجزات المحققة بهاتين المدينتين في مجال توفير وجودة الخدمات الأساسية تتجاوز بكثير ما تم إنجازه بالدار البيضاء”، داعيا إلى “تشخيص عاجل يحدد أسباب الداء، وسبل الدواء”.