الأصالة والمعاصرة والفعل التنظيمي

بقلم : الكزان عبد المنعم

ترددت كثيرا في أن أكتب في ظل ضياع المعنى، بين ارتِجاف الدًلالاًت، و انْشِِطار المدْلُول ما يفضي إلى عَمََاء التأويل، فلا انشطار المدلول يسقطه من الوجود، ولا عَمَاء  تأويله يحوله إلى عدم !!

هو ذا كذلك  واقعنا الذي ننتمي إليه ، إنه واقعنا الاجتماعي هو الذي يحدد وعينا بل ووجودنا الآني والمتحقق ، وليست تأملاتُنا تراجيدية عندما يكون الناس نيام .

من هذا المنطلق واعتبارا لحقي في إبداء الرأي شفويا أو كتابيا في ظل الاحترام التام للأشخاص ، كما نص على ذلك المقرر التنظيمي الذي صودق عليه في المؤتمر، واعتبارا لاستحالة التعبير الشفوي لأسباب مرتبطة بالتنظيم ،ألحت علي هذه الكلمات المتواضعة في الإنْكِشاف،فوجودنا لا يتحقق بالتأمل والصمت ، أليس  البدء كان للفعل !! وما الفكر  إلا عبارات، و وإشارات منكشفة، أو فعل متحقق في  إبداع الأشياء والمدلولات المستًحدثًة ،

فلا وجود للفكر والأنا إلا بظُهوِرِهما ،و انكشاف أَثير و تجِِِِريديَات،  تأمُلاتِهما المنعزلة ، خصوصا بعد طرح  مجموعة من الرفاق  للمسألة التنظيمية  إما بشكل مباشر بادي للعيان أو من خلال إشارات  يمكن أن نستشفها من خلال كتاباتهم أو شتى تعبيراتهم .

لا أحد يختلف، في كون الحزب حقق مرتبة مشرفة جدا سواء في الانتخابات الجماعية ، أو في الانتخابات التشريعة الفارطة فليس من السهل الوصول إلى هذا العدد من المقاعد إن على المستوى الجماعي أو على المستوى التشريعي ، وهذا نتاج للسياسة الإعلامية المتطورة من جهة ، ومن جهة أخرى الاختيارات الموفقة للمرشحين اعتبارا لتبني  لجنة الإنتخابات  معطى  السوسيو ثقافي التقليدي للدوائر، أكثر من الاعتبار السوسيو سياسي النضالي، اللهم على المستوى اللوائح  الوطنية ، والتي و إن كانت على المستوى الإستراتيجية النضالية حققت طفرة على مستوى النظرة الجنسانية، إلى قضية المساواة  وهو أمر إيجابي ، لكنه في نفس الوقت خلف استياء لدى المناضلا ت والمناضلين على مستوى  مضمون وطبيعة الاختيار المسطري ، وهو طموح مشروع  ومستحق .

 تتأرجح تصورات المناضلين للمسألة التنظيمية، إما من خلال سؤال التكتل الديمقراطي أو من خلال القول بضرورة توسيع أدوار المجلس الوطني ، بارتباطه مع التنظيمات الجهوية و ألإقليمية و المحلية، كإجابة على الهندسة التنظيمية وفق متطلبات المصلحة الموضوعية للفئات المعنية.

غني عن الذكر، أن حزبنا كان سباقا لطرح بدائل جديدة، على مستوى الهندسة التنظيمية، وهو أمر نادر في الأحزاب السياسية،  باستثناء بعض اللحظات من الحياة السياسية المغربية ، التي شكلت استثناءا في صيرورة الأحزاب، والتنظيمات السياسية المغربية ، خصوصا  اليسارية منها، فما هو ملاحظ، أن المسألة التنظيمية، غالبا ما تكون لاحقة على التصور المذهبي ، بل أحيانا لا تتجاوز نسخ نفس أشكال الهياكل التنظيمية.

وعليه و اعتبارا لإيماننا العميق، بأهمية المسألة  التنظيمية، في حزبنا ،حزب الأصالة والمعاصرة ، كحتمية في بناء مجتمع الكرامة، والحرية والمساواة ،العدالة الاجتماعية، خصوصا  في ظل موقفنا المبدئي، من المشاركة الحكومية ،التي  أثبت  بالممارسة في علاقتنا بأحزاب نقتسم معها مجموعة من القيم، أنها لا يمكن إلا أن تؤدي إلا تأكل الرصيد النضالي للحزب ليتحول في ما بعد إلى ملحقة  لأحزاب أخرى ، سيما  في ظل الاختلافات القيمية بيننا ، وبين الإطار المتصدر للإ نتخابات التشريعية ، وعليه أعتقد  أن برنامجنا النضالي، يجب أن يتجه إلى  الدفع على مستوى إعادة في اتجاهين من جهة اعادة الاعتبار للبناء القاعدي   إلى أقصى ما يمكن ، ومن جهة أخرى تطوير التنظيم القطاعي في إطار تصور وطني عام بغية تكثيف الجهود، فقوة الحزب ،لا تتحقق في قدرته على التعبير  على نضالات الجماهير في المؤسسات فقط ، خصوصا أن التصويت في الانتخابات السابقة، يؤكد نفس النتيجة التي عبرنا عليها سابقا في مقال الوضوح القيمي ، بأن الأحزاب لازالت طبقة مستقلة عن عامة الشعب ، وبأن الحراك الشعبي المستقل هو المعبر الحقيقي عن إرادة الجماهير ، وعليه نعتقد أنه لابد من إعادة الاعتبار  للمضمون النضالي الجماهري، وهذا يقتضي منا  التفكير في الآليات التي من خلالها  يمكن تأطير الفئات المعنية، على المستوى الميداني ، كأمتحان أساسي في المحطات النضالية الكبرى 8مارس..فاتح ماي . المتقاعدين ..إلخ، إن السؤال وفق هذا المنظور يبقى،ليس كيف يمكن أن نحول تنظيمنا  إلى قاعدة إنتخابية؟ بل  كيف نحول تنظيمنا  إلى حركة جماهرية ؟

وعليه يجب التركيز بالدرجة الأولى على التنظيمات الاجتماعية وتقويتها، بغية احتضان   نضالات الجماهير  بدل التخلي عن الارتباط العضوي بالمجتمع ،والتركيز على المحطات الانتخابية فقط ،مما يؤدي من جهة إلى الانفصال عن المجتمع وتركه للمجهول ، ومن جهة توجيه طموحات المناضلين إلى الترقية الإنتخابوية فقط، وبالتالي يتم تشويه الممارسة العامة للحزب وتحويل تنظيماته إلى هياكل فارغة ، فالأشكال بهذا المعنى ليس ترابيا بالدرجة الأولى، لأن  الحزب حقق نتائج ايجابية في هذا المجال ، بل  إن الإشكال على ما أعتقد هو  إجتماعي قطاعي، فالإشكال ليس في الهيمنة الانتخابية، بل الإشكال في الهيمنة الإجتماعية والثقافية وهو جوهر الهيمنة السياسية، في سعي أي حزب سياسي للسلطة، بحيث أن  فعاليتة وحركيته ترتكز  أساسا على الفئة  التي تكمن مصلحتها الموضوعية ، في ذلك التغيير.، لتتوحد في الأخير في أطار مصلحة عامة يجسدها الانتماء للعقل الجماعي

 ( الحزب) ،أي أن يستحضر عصارة فضاءاته العمومية المتعددة ،ونقاشات أعضائه المتكوثرة، في إستحضار تام لكل القضايا والرغبات و الطموحات) والجهالات)المعبرعنها  بدل “حجبها” ،

 وعليه  في الختام يمكن أن نؤكد إذن، أنّه من الأمور الملحة اليوم على المستوى  الحزبي ، العمل على ضرورة  أعادة الاعتبار للحضور الثقافي والاجتماعي وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا من خلال التنظيمات القطاعية والبناء القاعدي ، تنظيم يشكل  حاملة للفكر الحر والديمقراطي ، لمواجهة العبث والتشوه القيمي، و ألإنغلاقات النصية ، والسياسات التفقيرية والتجهيلية، وينخرط في نضالات الجماهير من فقراء و محرومين ومظلومين ، ينخرط في المعارك الكفاحية للمهمشين والمقصين إجتماعيا، مسلحين بقيم الدولة والمواطنة، في  ظل معركة مفتوحة  بل وطويلة الأمد، مع قوى الارتزاق الديني والتاريخي والنضالي ،من أجل الكرامة والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة، من أجل وطن لكل أبناءه، وطن يتسع للجميع.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد