أنصفوا_الشباب .. القضية المغيبة
بقلم :
لم يصدمني وأنا أتابع النقاش الذي حضرته ، بعد دعوة كريمة واستضافة طيبة من مؤسسة شبيبة العدل والإحسان بمدينة أسفي بوطني المغرب ، أن الدولة رسميا منذ الاستقلال لا تتوفر على مخطط استراتيجي للشباب ماعدا “الترقيع” .
وتحسر أنت على الويلات المحيطة بهذه الفئة و الوضع المأساوي الذي يطالها و الأرقام الخطيرة للإدمان ، ومعدلات البطالة ، ونسب الفشل .
وتحدث عن قتل الإبداع الذي “اغتيلت” على إثره أجيال مسرحية وموسيقية ورياضية كبيرة وغيبت ، فقد تجد بطلا وطنيا أو لاعبا كرويا يتسول ولا عجب .
اسأل عن دُور الشباب المهجورة و أنفاس الجمعويين المحصية كي لا يتسرب فكر ممانع مناضل ، فلا يهم الجهات الرسمية إلا الأسماء واللوائح لتبرير الأموال المصروفة و المنح الأجنبية ، وإعداد تقارير شكلية للتسويق .
الشباب الطاقة، الإبداع، الحياة، الجمال والقوة، في وطننا العربي تحول بقدرة قادر، إلى ذاك الجسم المهمل الكسول، والعقل اليائس البائس، والروح التائهة التافهة، نموذجا في اللامبالاة، مدمنا لكثير من الموبقات .
وقائع وحيثيات تفسر توجه الكثيرين إلى قوارب الموت والسفر إلى “سوريا”.
و استثناءات ، انتشلتها يد “التربية” بسابق عناية سماوية كريمة أو مسحت على رأسها يد فاضل ، يأبى الضيم وينتصر للحق والخير .
قضية الشباب كما التعليم وبقية الملفات الكبرى والإستراتيجية ، أريد لها أن تظل محتكرة ومعطلة ، لأن شابا متعلما واعيا له مشروع وقضية ويعيش لمعنى من المعاني الإنسانية السامية ، أشد على أنظمتنا الشمولية .
هل نسير في ركب “محبي الكارثة” مقتنصي الفرص فنلطم ونشجب فقط ونتفرج !!
أم نشمر للعمل والمبادرة والتأطير رغم ضنك وضيق المساحة التعبيرية التي يسمح بها ؟
من هذا الواقع المر ، انطلقت مبادرة #أنصفوا_الشباب بهذه الأرض الطيبة المغربية ، من وسط العنف المحدق ، الخطر المقلق ، واليأس المطبق صيحة وطنية سلمية غيورة ، صادقة واثقة ، مؤمنة بما يمتلك هذا الجيل وكل الأجيال من فكر وثقافة وفن وموسيقى وشعر ورسم وتمثيل وكتابة وابتكار .
خرجت إلى العدم، لفسح فرصة، انتهكتها وضيقت عليها أيادي العبث في العديد من المدن، بدل أن تحتضن و تأخذ حظها الطبيعي والقانوني .
مبادرة تروم إسماع صوت الشباب ولفت الانتباه وإشعال شمعة في وسط الظلام، بعيدا عن برامج العهر والرداءة المبثوثة ليل نهار والتي انتشرت للتبخيس والتيئيس .
خرجت في ظل إجماع على المعضلة التي تتعدد حولها المقاربات بموقع كل واحد في المجتمع ، نظرة الموجود داخل النسق السياسي الرسمي قد تختلف زاوية معالجته وتبريراته عن الذي يشتغل من خارج اللعبة السياسية ويناضل ويشتغل في ظل الحصار والمنع بوصفه معارضا .
إن مكانة “الفتوة” ضرورية وأساسية في بناء رجولة مجتمع ، غيبت قسرا للإستخفاف .
ولهذا نريد إرادة متحررة تشاركية جامعة للنهوض بهذه الفئة بعيدا عن الحزبية الضيقة والاصطفاف الإيديولوجي والوصاية المتحكمة .
ونظرا لضخامة المسؤولية وجسامة الوضع لا ولن يستطيع تنظيم سياسي وحيد أن يعالج المسألة مهما بلغت جماهيريته أو قوته ورأسماله الأخلاقي الرمزي والشعبي .