زنقة 20 ا الرباط
أكد رئيس مجلس النواب، راشيد الطالبي العلمي، الذي يمثل الملك محمد السادس في القمة الكورية الإفريقية الأولى، اليوم الثلاثاء في سيول، أن المغرب يظل مقتنعًا بأن الشراكة الإفريقية-الكورية تشكل إضافة أساسية لجهود تقدم القارة، واستقرار العالم، وتحقيق العدالة الدولية. مشيرا إلى أن موضوع القمة الكورية الإفريقية الأولى “المستقبل الذي نضعه معا : النمو المشترك والاستدامة والتضامن”، يكثف الطموحَ المشترك للقارة الإفريقية وجمهورية كوريا من أجل التنمية والتقدم والسعي الجماعي إلى رفع التحديات التي تواجه المجموعة الدولية،
وقال الطالبي العلمي إن هناك “تحدياتٌ، تتعاظم، مع كامل الأسف وتتسع، لتمتد من الجيوسياسي والأمني إلى الاختلالات المناخية وانعكاساتها الكبرى، خاصة على بلدان قارتنا التي ليست مسؤولة إلا بقسط ضعيف عن احترار الكوكب الأرضي، إذ لا تساهم سوى بأقل من % 4 من انبعاثات الغازات المسببة لهذا الاحترار”.
وأبرز العلمي أن “هذه التحديات وغيرُها تجثم على عددٍ كبير من بلدان القارة الإفريقية، وتَكْبَحُ جهودَ التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتُثقل كاهلَ الإِنفاق العمومي، وتنتج حالات من اليأس والإحباط، خاصة في أوساط الشباب الإفريقي المتطلع إلى حياة أفضل وإلى الكرامة، وهو ينظر إلى الرخاء الذي يتمتع به نظراؤه في قارات أخرى”.
وتابع رئيس مجلس النواب “وإذا كانت قارتنا لم تعد تلك القارة المنكوبة، إذ تشهدُ دينامياتٍ عميقةً سياسية ومؤسساتية واقتصادية، وانتقالاتٍ هامةً، فإن مؤشراتِ التنمية، والدخل والفقر، والتجهيز، والولوج إلى الخدمات في إفريقيا لا تزال الأقل على المستوى الدولي”.
وأكد العلمي أنه “ليس هذا الوضع قدرا لا راد له Ce n’est pas une fatalité، لأن قارتَنا تتوفر على إمكانيات هائلة: موارد بشرية شابة هائلة، وموارد أولية معدنية نفيسة وضخمة واستراتيجية، أراضي خصبة شاسعة، إذ تتوفر القارة على 60% من الأراضي القابلة للزراعة في العالم. يضاف إلى ذلك، المواردُ البحرية التي تتوفر عليها القارة، وتشكل مخزنا استراتيجيا للغذاء، ومجالا أزرقَ واعدا للأنشطة والخدمات والنقل”.
وشدد العلمي على أن “هذه الإمكانيات تحتاج إلى الآليات والتمويلات والمهارات التي تحولها إلى ثروات تحقق النهضة الإفريقية المأمولة. وأعتقد أن جمهوريةَ كوريا بحكم تاريخها، وصدقية شراكاتها، وحيادها، وعقيدتها الدبلوماسية، مؤهلةٌ للإسهامِ في تحقيق هذه النهضة من خلال شراكاتٍ تتجاوزُ الثنائيَّ إلى ما هو قارِّي متعدّدِ الأطراف”. مشيرا إلى أن “هذه القمة تشكل منطلقا لتحقيق هذا الهدف”.
وأوضح العلمي أن المملكة المغربية، التي تجمعها بجمهورية كوريا علاقاتُ وِدٍّ وتعاونٍ ومبادلاتٌ تجاريةٌ متنوعة، تفخر بالروابط المتينة المتنوعة التي تجمعها بالأغلبية الساحقة من البلدان الإفريقية. فمنذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش في 1999، وقعت بلادُنا أكثر من ألف (1000) اتفاقية وبروتوكول تعاون مع أربعين دولة إفريقية أخرى ليتجاوز عدد الاتفاقيات التي تجمع المملكة مع أشقائها الأفارقة 1500. ويعكس هذا الكمُّ الهائلُ من الاتفاقيات التزامَ المغرب الصادقِ، القَارِّ والهادفِ من أجل تعاونٍ إفريقي-إفريقي”.
واعتبر أن “الالتزام ليس وليدَ اليوم، إذ إنه جزء من تاريخ المملكة العريق، ومن تقاليدها وثقافتها. وقد تعزّز، ذلك خلال مرحلة كفاح إفريقيا من أجل الاستقلال وفي فجر الاستقلالات الوطنية، إذ بادر جلالة المغفور له الملك محمد الخامس طيب الله ثراه، إلى الدعوة إلى مؤتمر الدار البيضاء الذي انعقد في بداية يناير 1961، وانبثق عنه “ميثاق إفريقيا الجديدة”. وتوخى هذا الحدث توحيد جهود القارة، أولا من أجل استرجاع ما تبقى من أجزائها، وثانيا من أجل الوحدة الإفريقية. وقد تُوِّجَ هذا المسلسل بإحداث منظمة الوحدة الإفريقية”.
وأشار إلى أنه “وربطا للحاضر والمستقبل، بالماضي باعتباره تاريخا حَيّاً، حَرَصَ صاحب الجلالة نصره الله منذ 2000 على إطلاق عدة مبادرات، وأطلق مع أشقائه رؤساء الدول الأفارقة مشاريع إنمائية مهيكلة، بناء على رؤيةٍ بعيدة المدى تتوخى انبثاق إفريقيا جديدة : إفريقيا قوية، وإفريقيا جريئة تتولى الدفاع عن مصالحها. وإدراكا من المغرب، لمركزية الفلاحة والتنمية المستدامة في التنمية الشاملة بالقارة، حَرَصَ جلالة الملك مع عدد من أشقائه الأفارقة منذ 2016 بمناسبة قمة المناخ بمراكش على إطلاق عدة مبادرات لفائدة القارة، منها مبادرة ملاءمة الفلاحة الإفريقية (AAA). وترافَع المغرب من أجل جعل إفريقيا في قلب الانشغالات المناخية على المستوى العالمي، وهو ما تجسد في إحداث ثلاث لجان حول المناخ والتنمية المستدامة بإفريقيا (منطقة الساحل وحوض الكونغو والدول الجزرية الصغيرة)”.
وكشف العلمي أن “هذا الترافعَ يواكب ما ينجزُه المغرب من أجل جعل الفلاحة الإفريقية مستدامة وذات مردودية عالية ومنتجة للدخل والشغل الضامن للكرامة، ومُساهِمَةٍ في الأمن الغذائي”.
ومن جهة أخرى، يضيف العلمي “ينبغي التذكير بالأهمية الاستراتيجية لمشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب الذي يهدف إلى المساهمة في تنمية 13 بلدا إفريقيا وتمكينها من مادة حيوية للتقدم : الطاقة”.
وأبرز أن “هذا المشروع يتكامل مع المبادرة الدولية التي أعلن عنها صاحب الجلالة في نونبر 2023 والتي تتوخى، تأسيسا على تشخيص الخصاص في التجهيزات الأساسية في بلدان الساحل الإفريقية، تمكين هذه البلدان من الولوج إلى المحيط الأطلسي وفك العزلة عن تلك التي لا تتوفر على منافذ بحرية وتنفيذ مشاريع مهيكلة عابرة للحدود تربط إفريقيا بالعالم وتشرك مختلف القوى الاقتصادية في هذا المشروع الإنمائي الطموح.
يتعلق الأمر، يؤكد العلمي، إذن بمشاريع ذات أهداف نبيلة إنسانية، قبل أن تكون تجارية، وهي تجسد الإرادة في تمكين الشعوب الإفريقية من الحق في التنمية، والاستفادة من التطور الصناعي والتكنولوجي والعلمي، والولوج إلى الخدمات الأساسية.