زنقة 20 | الرباط
يرى متتبعون للقضية الوطنية الأولى ، أن بريطانيا تقترب من الإعتراف بمغربية الصحراء، والانضمام إلى البلدان الداعمة لسيادة المغرب على صحرائه ، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية الحليف القوي لبريطانيا.
آخر البوادر التي تشي بقرب الاعتراف البريطاني كانت صدور تقرير عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة لدراسات الدفاع والأمن RUSI ، والذي دعا المملكة المتحدة لدعم الخطة المغربية للحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية.
و قال التقرير أن “مخطط الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في أبريل 2007 يعد أساسا للمفاوضات ورؤية للرخاء المشترك بمنطقة شمال أفريقيا ككل، ذلك أن هذا المخطط يتماشى إلى حد كبير في جوهره مع العملية السياسية الداخلية الشاملة التي يجري تنفيذها بالمغرب منذ سنة 2010”.
وفد بريطاني يقوم حاليا بزيارة الأقاليم الجنوبية للمملكة ، عبر من جهته عن إعجابه بمظاهر التنمية القائمة بجهة الداخلة وادي الذهب.
وأشاد الوفد البريطاني الذي يضم اللورد دانيال كواكزينسكي واللورد سيمون مايال بالمؤهلات التنموية التي تحظى بها جهة الداخلة وادي الذهب مبرزا أنعا منطقة خصة للإستثمار.
وفي هذا السياق ،قال اللورد دانيال كواكزينسكي في تصريح لوسائل إعلام، إن جهة الداخلة وادي الذهب توفر فرصا مهمة للمقاولات لبريطانية المهمتمة بالمجال وانه يرحب بتبادل الزيارات بين لندن والرباط للإستثمار في هذه المنطقة الغنية بالمؤهلات.
وعلى صعيد آخر ؛ أكد كواكزينسكي خلال ذات اللقاء عزمه الانخراط في حملة داخل البرلمان البريطاني من أجل الإعتراف، في أقرب وقت ممكن بمغربية الصحراء كجزء لا يتجزأ من المملكة المغربية.
أصوات برلمانية بريطانية اخرى دعت الحكومة بضرورة اتخاذ هذه الخطوة في أقرب الآجال، تعزيزا للعلاقات بين المملكتين في شقها السياسي وأيضا التجاري باعتبار الرباط باتت حليفا هاما.
قرار سابق صدر عن محكمة الاستئناف بلندن في ماي 2022 كان قد قضى برفض طلب استئناف تقدمت به منظمات غير حكومية داعمة للبوليساريو من أجل إبطال اتفاق الشراكة الذي يربط المغرب ببريطانيا بتاريخ 30 ديسمبر من عام 2020.
ومن أحدث المؤشرات المعبر عنها، الدعوة التي وجهها البرلماني عن الحزب المحافظ البريطاني، دانييل كواكزينسكي، لحكومة المملكة المتحدة من أجل الاعتراف بمغربية الصحراء، موردا في تصريح للصحافة عقب مباحثات أجراها وفد من البرلمانيين البريطانيين مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة.
وليست هذه المرة الأولى التي يدعو فيها برلماني بريطاني إلى الاعتراف الكامل بمغربية الصحراء، حيث دعا عضو مجلس اللوردات البريطاني، دانيال هانان، إلى الاعتراف بـ”سيادة المغرب الكاملة” على صحرائه وتعزيز العلاقات التجارية بين المملكتين.
من جهته، وجه النائب البريطاني، ليام فوكس، رسالة إلى وزير الشؤون الخارجية، ديفيد كامرون، أكد فيها على ضرورة اتخاذ “موقف أكثر فاعلية ودعما من قبل المملكة المتحدة” بشأن مغربية الصحراء، بوصفه ” أساسي ليس فقط للعلاقات الدبلوماسية، بل أيضا من أجل السلام والتعاون الدولي”.
وأضاف أنه بـ” اعتماد هذا الموقف فإن المملكة المتحدة ستسير على منوال أقرب حلفائها مثل الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وهولندا الذين يدعمون، جميعهم مبادرة الحكم الذاتي”.
ومنذ توقيع العديد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية بين الرباط ولندن عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، تواصل العلاقات بين البلدين زخمها المتواصل حيث تراهن بريطانيا على المغرب في تعويض المبادلات التجارية مع الاتحاد الأوروبي والحصول على حاجياتها وهو ما تحقق بالفعل من خلال رفع المبادلات التجارية خصوصا من وارداتها من الخضراوات والفواكه المغربية.
وكانت بريطانيا قد ابدت رغبتها في الاستثمار بالأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث أعلنت شركة “أوبلين” البريطانية عزمها على الاستثمار في مشروع لإنتاج الهيدروجين بمدينة الداخلة.
واعتبر ليام فوكس أن “التقدم المحرز في مجال البنيات الأساسية؛ المرافق الاجتماعية والنمو الاقتصادي، يشهد على التزام المغرب من أجل ازدهار المنطقة، وخصوصا الصحراء” لافتا إلى أن “أهمية التوصل إلى حل مستقر وبناء لقضية الصحراء، وهو ما تسعى إلى تقديمه المبادرة المغربية للحكم الذاتي”.
ولا يمكن أن ننسى خطة بريطانيا لمد كابل تحت سطح البحر لنقل الطاقة المتجددة من المغرب ، و مؤخرا صنفته بكونه مشروع “له أهمية وطنية” بعدما تم توفير التمويلات اللازمة لتنفيذه.
وترغب شركة إكس لينكس، في مد كابلات بحرية لنقل إمدادات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من الصحراء المغربية إلى سبعة ملايين منزل بريطاني بحلول 2030.
صحيفة الإكسبريس البريطانية ، كانت قد كشفت في تقرير حديث لها أن بريطانيا و المغرب يتطلعان إلى التوصل الى اتفاق تجاري وأمني كبير.
و ذكرت الصحيفة البريطانية، أن المغرب الذي يعتبر اليوم لاعبًا إقليميًا رئيسيًا في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، سيشترط انضمام المملكة المتحدة إلى الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا وإسبانيا في دعم مغربية الصحراء.
و قال السفير المغربي بريطانيا محمد الحجوي للصحيفة : “على مدى السنوات القليلة الماضية، حصلنا على دعم هائل من الولايات المتحدة، ومن الدول الأوروبية، بما في ذلك إسبانيا وألمانيا ولكن أيضًا هولندا وبلجيكا وغيرها. هذا بالإضافة إلى عشرات الدول العربية والإفريقية التي فتحت قنصلياتها بالصحراء، كاعتراف واضح بسيادة المغرب على صحرائه. إذن ماذا عن المملكة المتحدة؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه الجميع.”
التقرير قال أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فتح لها فرصًا هائلة للتعاون التجاري مع القارة الأفريقية.
و أورد تقرير الإكسبريس ، أن بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني السابق من الداعمين الكبار لهذا الاتفاق مع المغرب و سبق أن أخبر مقربيه بأن التبادل التجاري مع المغرب تضاعف منذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
التقرير ذكر أن المغرب يبحث عن اتفاق تجاري وأمني مع المملكة المتحدة، حيث اصبح بدون منازع بوابة افريقيا من حيث التبادل التجاري.
وحسب التقرير، فإن الجانب المغربي في تواصل مستمر مع فريق وزيرة التجارة البريطانية كيمي بادينوك في هذا الصدد.
و نقل التقرير أن المغرب يعتبر نفسه شريكًا تجاريًا أفريقيًا مثاليًا لبريطانيا التي خرجت من الاتحاد الأوروبي لأنها واحدة من أكثر الدول استقرارًا في المنطقة، وباعتباره نظامًا ملكيًا مشابها للنظام في المملكة المتحدة
وفي حديث حصري لصحيفة ديلي إكسبريس، قال سفير المغرب لدى المملكة المتحدة حكيم حجوي ، أن البريطانيين الذين يشكون من أسعار المنتجات الفلاحية مثل الطماطم القادمة من الاتحاد الأوروبي يمكنهم الحصول عليها بجودة افضل وأرخص من المغرب.
وحسب التقرير ، فإن المغرب يوفر حاليا 45 بالمائة من احتياجات الطماطم لسوق المملكة المتحدة، بثمن أرخص وجودة افضل ، ولا تستخدم أنظمة التدفئة الاصطناعية مثل تلك المنتجة في هولندا.
السفير الحجوي قال للصحيفة البريطانية ، أن المغرب يمكن أن يوفر العديد من فرص الإستثمار لبريطانيا و ليس تصدير الطماطم والتوت الطازج فقط.
و أشار السفير المغربي الى مجالات مثل الطاقة الخضراء ، حيث قال أن المغرب لديه القدرة على المساهمة في تأمين الطاقة لشركائه الاستراتيجيين.
و تابع: “فيما يتعلق بالتعاون، فإن آفاق التوصل إلى اتفاق مع المملكة المتحدة واعدة للغاية، وتشمل قطاعي الأعمال والأمن.
وأشار الحجوي إلى أن المغرب يتجه ثقافيا نحو المملكة المتحدة مبتعدا عن الثقافة الفرنسية.
وقال: “كل هذا في سياق التحول الذي يحدث في المغرب بطريقة طبيعية بين الأجيال الشابة، التي تتحدث الآن الإنجليزية بطلاقة، وهو أمر مهم للغاية بالنسبة للأعمال التجارية”.
و أكد تقرير الاكسبريس ، أن العلاقات المتنامية بين البلدين تقوت عندما اختار المغرب المساعدات المتأتية من المملكة المتحدة وليس فرنسا في أعقاب الزلزال الكارثي الذي ضرب الحوز في شتنبر.
و قال السفير المغربي للصحيفة البريطانية : “المغرب هو بوابة أفريقيا للمملكة المتحدة. وبالنظر إلى إمكانيات التجارة والأعمال بالنسبة للمملكة المتحدة، هناك فرصة كبيرة ليس فقط في المغرب ولكن أيضًا للاستفادة من أفريقيا، التي من المتوقع أن تصبح أكبر سوق استهلاكي في المستقبل”.