زنقة 20 . العرائش/ روبورتاج مصور
تقع مدينة العرائش ضمن التقسيم الترابي التابع لجهة طنجة تطوان الحسيمة، على بعد حوالي 85 كم من طنجة و 105 كم من تطوان شمال غرب البلاد وعلى بعد 170 كلم من العاصمة الرباط.
هي مدينة تقع على ساحل المحيط الأطلسي، على الضفة اليسرى من واد لوكوس، حيث تتوفر على محطة للقطار ومحطة لركاب الحافلات يسهل وصول السائحين إليها.
يبلغ عدد سكان مدينة العرائش 125,008 نسمة (وفقا لإحصاء عام 2014). في المناطق المجاورة لها (على الضفة اليسرى لمصب لوكوس) تقع أطلال ليكسوس، وهي مستوطنة فينيقية استوطنها بعدهم القرطاجيون قبل أن تصبح فيما بعد مستعمرة رومانية وجزء من مقاطعة موريطنية الطنجية.
الموقع الجغرافي للعرائش والتعاقب الحضاري حولها إلى جوهرة المحيط
تعد مدينة العرئش أقدم المدن المغربية، حيث عرفت أربع حقب فينيقية وقرطاجية ورومانية وإسلامية، كما تسبب موقعها الإستراتيجي في تعرضها للغزوات الإيبيرية، هذا التعاقب الحضاري ساهم في منح المدينة العديد من المعالم التاريخية التي تعكس غنى ثقافة المدينة والتي حافظت بالخصوص على آثار الوجود الإيبيري الذي اندمج مع العمارة الإسلامية بجانب طابعها الأمازيغي الدائم، في حين تظل ليكسوس المدينة القديمة شاهدة على عظمة فترة تاريخ المغرب القديم .
وتقع مدينة ليكسوس على بعد 3 كيلومترات من العرائش على ربوة في مدخل المدينة شمالا وعلى ضفة نهر اللوكوس وقد تم اختيار الموقع من طرف الفنيقيين لسهولة الاتصال عبر النهر المؤدي إلى المحيط الأطلسي ثم تعاقب على المنطقة الرومان الذين شيدوا مجموعة من المدن المغربية القديمة.
تاريخ تأسيس العرائش حوالي 1100
أما تاريخها فيرجع إلى مدينة ليكسوس الشهيرة، وهي مدينة قديمة أسسها الفينيقيون حوالي 1100 سنة قبل الميلاد، إذ خطفت العرائش الأضواء من المدينة الفينيقية بعد بنائها على الجانب الآخر من النهر. وازدادت الأهمية الاستراتيجية للعرائش وتطورت كثيرا مع بلوغ التوسعات الإسبانية والبرتغالية أوجها في المنطقة.
التاريخ والمآثر التاريخية للعرائش قوتي جذب للسياحة
تتميز المدينة بشواطئها الجميلة والرملية، والتي تعتبر وجهة مثالية للراغبين في الاستمتاع بالشمس والبحر. كما تحتوي المدينة على العديد من المعالم السياحية الهامة، مثل قلعة العرائش التي تعود إلى القرن السادس عشر، والتي تشكل واحدة من أهم المواقع التاريخية في المدينة.
المتحف الأثري
يقع المتحف الأثري بالقرب من حي القصبة بجانب مبنى الكوماندوز، ويعدّ المتحف من أشهر المتاحف ومعالم السياحة في مدينة العرائش المغربيّة.
وشُيدَ المتحف في البداية كقلعة بأمر من السلطان يوسف بن عبد الحق المريني، وبعد ذلك استخدم الإسبان القلعة لتخزين أسلحتهم، ومن ثم تم تحويلها إلى متحف عام 1973، ويوجد فيه العديد من التحف الأثرية التي تعود إلى العصور الفينيقيّة واليونانيّة والرومانية والإسلاميّة، ومن أهم التحف التي ستجدها في المتحف آلات الحرب القديمة، والفخار، والحُليّ .
وخصص هذا الموقع لعرض الآثار التي تم اكتشافها في موقع ليكسوس، إذ تعود القطع المعروضة به إلى عصر الحضارات الفينيقية والقرطاجية والموريتانية والرومانية والإسلامية.
كما يضم المتحف بداخله مجموعة من القطع السيراميكية، إلى جانب عدد من المزهريات والفوانيس والأواني التي تم استيرادها من روما وفسيفساء تستخدم لتزيين المنازل، بالإضافة إلى أعداد مهمة من العملات المعدنية .
مدينة ليكسوس القديمة:
وهي من أهم المدن السياحيّة في العرائش، فشهدت العديد من التجمعات البشريّة الضخمة على مدى أربعة عصور متتاليّة بدءًا من العصر الفينيقي وانتهاءً بالعصر الإسلامي، وأجرى الباحثون الكثير من الأبحاث العلمية حتى وصولوا لجذور هذه المدينة التاريخيّة وحللوا النصوص والزخارف المحفورة بعدّة لغات، ودلّت هذه النصوص على مرور مجموعة من العصور التاريخيّة على هذه المدينة، وستجد داخلها عددًا من الآثار منها المدرّج، ومنزل إله الشمس، ومعبدين، وقصر العدل .
ويكاد التاريخ الخاص لمدينة العرائش أن يغطي على تاريخ مدينة أثرية بجوارها وهي ليكسوس، لكن هذه الأخيرة تظل حاضرة في زيارات السياح الأجانب والمغاربة على حد سواء، الجميع يريد أخذ نصيبه من بهاء التاريخ .
وليكسوس، تبعد ما يقارب 3 كيلومترات عن مدينة العرائش، وتفيد المراجع التاريخية أنها شيدت سنة 1180 قبل الميلاد على يد أحد ملوك الأمازيغ، واستوطنها كما أسلفنا الفينيقيون، وبعدهم القرطاجيون ثم الرومان، وكانت جزءًا من مقاطعة موريطنية الطنجية.
وتضم مسرحا مدرجا، ومنزل إله الشمس ومعبدين وحي قصر العدالة. بالنسبة لمساحتها فتقدر بأكثر من 75 هكتارا، وبنيت على الضفة اليمنى لوادي اللوكوس من المدخل الشمالي لمدينة العرائش، فوق هضبة تسمى التشوميس، يناديها أهل المنطقة الشميش، تطل على الساحل الأطلسي على علو 80 مترا.
إلى جانب ما سبق ذكره، نجد ليكسوس تضم أيضا مجموعة من بقايا المساكن والقصور ذات الأعمدة الضخمة وأرضيتها المزينة بالفسيفساء. وبعض أماكن تجفيف وتمليح السمك التي امتاز بها سكان المدينة في تلك الفترة .
قبر جان جينيه:
هو شاعر وناشط سياسي فرنسي كتب الكثير من كتب الخيال عن الحب والسياسة، عاش الشاعر في مدينة العرائش 10 سنوات ودفن فيها .
وتفتَح المقبرة الإسبانيّة التي دُفن فيها أبوابها للزيارة يوميًا من الصباح وحتى فترة ما بعد الظهر .
ويستدعي وجود قبر الكاتب الفرنسي “جان جينيه ” في مدينة العرائش المغربية بحثا سينمائيا، ليس فقط لكونه يعود إلى كاتب كبير متعدد المواهب ذاع صيته عالميا وترجمت أعماله إلى لغات كثيرة من بينها العربية، بل لغرابة العلاقة الطيبة التي تربط بينه وبين سكان المنطقة، رغم أن أكثريتهم لم يقرؤوا له، ومع ذلك يكنّون لتاريخه احتراما، ويعاملون قبره كما لو كان قبر أحد أقاربهم.
منارة رأس الناظور صرح معماري متميز
وهي من المعالم التاريخيّة المميزة التي بنيت عام 1919، ويمكن لأي شخص أن يرى المنارة على بُعد 42 كيلومترًا، والمنارة شبيهة بالمسجد خاصة عند رؤيتها خلال النهار، وترتفع المنارة عن الأرض مسافة 144 قدمًا/ 44 مترًا، وتقع خلف المقبرة الإسبانيّة .
ومنارة رأس الناظور بالعرائش ” El Faro de Punta Nador de Larache “ تعد صرحا معماريا متميزا، و شاهد عيان على مرحلة الطفرة والانطلاق إلى مصاف الحواضر العالمية.
وشيدت الإدارة العامة للأشغال العمومية الإسبانية هذا الصرح المعماري سنة 1914 بميزانية أولية قدرها 290208 بسيطة إسبانية، و ذلك بدل المنارة البدائية القديمة التي كانت متواجدة بنفس المكان في موقع رأس الناظور منذ سنة 1882 زمن السلطان العلوي مولاي الحسن الأول، مرت عملية البناء عبر ثلاث مراحل سنوات 1914 ، 1919 ، و 1929 الذي أخذت المنارة فيه شكلها الحالي .
مبنى كوماندانسيا أو الكوماندوز :
شَيّد هذا المبنى مولاي إسماعيل والمعروف باسم القائد العام وذلك عام 1911 ، وعندما احتل الإسبان العرائش أصبح المبنى المقر الرئيسي للحاكم الإسباني العام، وأصبح فيما بعد مقر عسكري للقوات الإسبانيّة.
وفي عام 1956 حصل المغرب على استقلاله عن إسبانيا وتُرك المبنى خاليًا، والمبنى موجود في شارع محمد الخامس في العرائش مقابل المتحف الأثري، وتمّ تحويل المبنى إلى معهد موسيقي.
حديقة الأسود:
عرف هذا الفضاء في بداية القرن العشرين عند ساكنة مدينة العرائش تداولا باسم “حجرة الكنايز” أي صخرة الجنائز وذلك قبل أن يحوله الإسبان إلى حديقة للأطفال ومنتزه للكبار أواخر العشرينيات تحت اسم “هسبيريديس “.
كان المكان في السابق و تحديدا منذ بناء برج اللقلاق في أواخر القرن 16 و إلى غاية تحويله إلى حديقة عبارة عن خندق دفاعي الغرض منه زيادة مناعة حصن النصر السعدي، حيث تصبح أسواره أكثر علوا وقاعدته شديدة الإنحدار عندما تتشكل المياه الراكدة في الخندق والتي إن نضبت تتحول إلى أوحال يستعصي معها أي عملية هجوم أو محاولة اختراق، لتعطي للمدافعين أفضلية اصطياد الأعداء، وهو الشيء المعمول به عادة في الأبراج والحصون المماثلة لهذا الجيل من العمائر التي كانت سائدة في أوربا عموما وفي تركيا وإيطاليا على وجه الخصوص.
قصر مولاي إسماعيل
ومن المآثر التي يحلوا للسياح زيارتها في العرائش قصر مولاي اسماعيل الذي تحول إلى قلعة للمقاومة المغربية إبان حقبة من التاريخ، كما كان في فترة الاستعمار الإسباني مستشفى، ومنه نمر إلى برج اللقلاق.
وتشير المصادر التاريخية إلى أنه كان صرحا عسكريا قديما واسمه في البداية برج النصر، توثيقا للهزيمة التي ألحقها المغاربة بالبرتغاليين في معركة وادي المخازن الشهيرة، ودائما حسب المؤرخين، فقد تم تشييده من طرف السلطان أحمد المنصور الذهبي ليخلد ذلك الانتصار العظيم. أما عن تسميته ببرج اللقلاق فتعود إلى كون هذا الطائر سكنه طيلة سنوات فارتبط به.
بحر العرائش الساحر
العرائش لا يتوقف سحرها عند البنايات التاريخية والمعمار البديع خاصة في شقيه الأندلسي والمغربي، بل تجذب إليها عشاق الرمال الذهبية من خلال شواطئها الجميلة، هذا السائح ودون عناء في التنقل إلى مدينة أخرى يجد أيضا المناطق الجبلية.
ولن ننسى النصيب الأوفر للمعالم الأثرية العتيقة الشاهدة على مرور حضارات .
تأهيل الواجهة البحرية لمدينة العرائش لاستقطاب السياح
شكل موضوع تأهيل الشرفة الأطلسية أهمية بالغة لدى المجتمع العرائشي، و ذلك لارتباط المكان بأبعاد تاريخية ، و تميزه بمقومات سياحية جالبة ، الشيء الذي يجعل منه رافعة للتنمية المحلية، إضافة إلى أن الشرفة تعتبر متنفسا و متنزها لسكان المدينة و زوارها .
وتعكف السلطات مؤخرا على خلق مديرية إقليمية للسياحة بالعرائش لإدراج مدينة العرائش في المسار السياحي الوطني، وتشخيص الوضعية الآنية للمحطة السياحية ليكسوس، في إطار المخطط الأزرق للسياحة، بالإضافة إلى التطوير و الترويج سياحيا للموقع الأثري ليكسوس .
وتدرس السلطات المختصة آفاق استثمار برج السعديين بعد تأهيله ، وتأهيل وتثمين حصن الفتح، وتطوير مجمع الصناعة التقليدية ومركز التكوين، وإحداث فضاء خاص وترحيل المهن الملوثة والمزعجة المتواجدة حاليا داخل الأحياء السكنية .
يشار إلى أن مشروع تأهيل الواجهة البحرية لمدينة العرائش يضم 3 مشاريع تهدف لحماية الواجهة البحرية، ترميم وإصلاح برج السعديين وتأهيل الشرفة الأطلسية، المبلغ الإجمالي لهذه المشاريع يصل إلى 35 مليون درهم.
العرائش مدينة التعايش.
لدى ساكنة العرائش قدرة كبيرة على التعايش مع الأجنبي، فالمدينة ما زالت تحتفظ بأسماء آثار ومنازل كانت لهذا اليهودي أو لذاك النصراني، بل إن بعض الصداقات بين العرايشيين ما زالت مستمرة مع الأجانب بعد أن وُرثتْ أبا عن جد .
وتتجسد هذه القدرة خلال تنظيم مهرجان العرائش لتلاقح الثقافات، حيث تشهد شوارع المدينة إنطلاقا من باب لالة منانة، بإتجاه حصن الفتح التاريخي، كرنفال الشعوب، الذي يشارك فيه أكثر من 500 فنان وفنانة كل سنة من بلدان العالم .