المبادرة الملكية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى الأطلسي.. ديناميكية جيوسياسية تضع موريتانيا في مفترق الطرق
زنقة 20 | الرباط
في خطوة ذكية و استراتيجية ، شرع المغرب مؤخرا في تنزيل مضامين الخطاب الملكي الأخير، الذي أعلن خلاله الملك محمد السادس تعزيز حضور البعد الأطلسي في السياسة الخارجية المغربية وتعزيز ولوجية بلدان الساحل إلى الواجهة الأطلسية.
و في هذا الصدد ، احتضن المغرب الاسبوع المنصرم، اجتماعا حضره وزراء خارجية مجموعة من الدول الإفريقية منها مالي وتشاد والنيجر وبوركينا فاسو ، و الذين أعربوا عن انخراط بلدانهم في المبادرة الدولية التي أطلقها الملك محمد السادس لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي.
و حسب متتبعين فإن المبادرة الملكية غير المسبوقة ، تعتبر ديناميكية جيوسياسية ستخلق تطورا هائلا في تنمية دول الساحل و القارة بأكملها.
وقد لاقت هذه المبادرة الدولية، التي أطلقها الملك محمد السادس، استحسانا من جانب بلدان الساحل، مما يؤكد الأهمية الاستراتيجية للمبادرة لتنمية هاته الدول اقتصاديا وانفتاحها على الأسواق العالمية.
في هذا السياق، تجد موريتانيا نفسها اليوم أمام قرار حاسم، إما قرار التخلي عن حيادها السلبي و الإلتحاق بالمبادرة المغربية ، وهو ما يتطلب إرادة سياسية قوية من هذا البلد الجار.
انضمام موريتانيا إلى ما يمكن وصف بـ”التحالف”، ستثبت من خلاله استقلاليتها في الاختيار، و تصميمها على عدم الخضوع للضغوط و تلاعبات النظام الجزائري.
المبادرة المغربية وضعت موريتانيا في وضع محرج ، حيث أنها مطالبة اليوم بتحرير نفسها من التهديدات والتدخلات المحتملة من النظام الجزائري، المعروف بأهدافه المزعزعة للاستقرار في منطقة الساحل والصحراء المغربية، وتولي مسؤولية مصيرها الجيوسياسي.
بالأرقام، يمكن بوضوح التعرف على الأهمية المتزايدة للعلاقات التجارية بين موريتانيا والمغرب ، بالمقارنة بحجم التجارة بين موريتانيا والجزائر.
و سجل حجم التجارة بين المغرب و موريتانيا زيادة بمقدار 1.5 مرة في عام 2022 ويمكن تفسير هذا التفاوت من خلال عدة عوامل منها علاقات سياسية أكثر انسجاما، والقرب الجغرافي المناسب للتجارة (لا سيما بين موانئ أكادير والداخلة مع ميناء نواديبو)، وتعزيز البنية التحتية في الصحراء المغربية، ومجموعة من الفرص الاقتصادية الأكثر تنوعا المتاحة من المغرب إلى جارته الموريتانية.
وبالتالي، فإن خيار موريتانيا الاستراتيجي للانخراط بشكل أكبر إلى جانب المغرب في هذه المبادرة لا يمثل تقدمًا جيوسياسيًا فحسب، بل يمثل أيضًا فرصة للبلاد لتعزيز علاقاتها الاقتصادية وتأكيد استقلالها واختيار الشركاء المناسبين في سياق إقليمي معقد.