الدخول البرلماني بتحديات إستثنائية…الجدية، إعادة إعمار ما دمره الزلزال ورفع تحدي إقلاع إقتصادي وسياحي بتنظيم المونديال
زنقة 20. الرباط
يواجه الدخول البرلماني المقبل، عدة تحديات على كافة الأصعدة، خاصة والمغرب يشهد أوراش ضخمة إنضافت إلى المشاريع الثورية التي أطلقها عاهل البلاد الملك محمد السادس.
وتتخلص هذه التحديات، في إعتماد مضامين خطاب الملك حول ضرورة إستحضار الجدية و الروح الوطنية، في تنزيل مختلف الأوراش التي أطلقها جلالة الملك، فضلاً عن التكيف مع التحديات الضخمة التي تشهدها البلاد، أبرزها إعادة إعمار ما دمره الزلزال، و إنجاح مشروع تنظيم مونديال 2030 الذي يحمل تحديات وطموحات كبرى.
ويتجدد النقاش مع كل دخول برلماني حول الأدوار الرقابية والتشريعية لمؤسسة البرلمان ارتباطا بالسياقات التي تؤطر عملها، وباعتبارها مجسا يعكس درجة نضج المسار الديمقراطي الذي انخرط فيه المغرب على مدى عقود.
وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يسلط رئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية، نور الدين مضيان، (أغلبية) الضوء على أدوار المؤسسة التشريعية في هذه الظرفية الخاصة، مستعرضا أبرز القضايا والرهانات التي تطبع الدخول البرلماني الحالي.
1/ما هي أبرز مميزات ورهانات الدخول البرلماني الحالي ؟
بكل تأكيد فإن حجم الرهانات كبير جدا، ولعل أولى الأولويات هي التعبئة الشاملة لتجاوز مخلفات الزلزال الذي ضرب منطقة الحوز والأقاليم المجاورة، خاصة المرحلة الثانية المتعلقة بإعادة الإعمار، وتخفيف معاناة ساكنة تلك المناطق.
صحيح أن بلادنا، ولله الحمد، نجحت بامتياز في تجاوز مرحلة إنقاذ الجرحى وانتشال جثث الشهداء، وتقديم الدعم اللازم للساكنة في وقت قياسي، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وبفضل التعبئة الشاملة للشعب المغربي الذي قدم دروسا كبرى للعالم في التضامن والتآزر المتأصلة في الإنسية المغربية، لكننا نتطلع إلى عمل متواصل مع الحكومة ومختلف السلطات العمومية بهدف التنفيذ الأمثل لبرنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة من الزلزال بميزانية استثنائية تقدر ب 120 مليار درهم على مدى خمس سنوات، والذي يستهدف ساكنة تفوق 4.2 مليون نسمة، عبر مخطط طموح ومندمج لتنمية أقاليم الأطلس الكبير .
وستكون مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2024 مناسبة لإقرار عدد من الإجراءات الاستثنائية الرامية للنهوض بهذه المناطق على كافة المستويات.
في هذا السياق، سنعمل إلى جانب شركائنا في الأغلبية البرلمانية على تجديد طرح مقترح قانون احداث الوكالة الوطنية لتنمية المناطق الجبلية، الذي سبق وتقدم به الفريق الاستقلالي في الولاية السابقة، من أجل بلورة وتنفيذ سياسة عمومية أكثر انصافا لكل المناطق الجبلية الوطنية.
من جهة أخرى، ستؤثت أجندة الدخول البرلماني عدة ملفات، إذ على الرغم من التحديات التي تواجه المالية العمومية، وبالنظر إلى المجهودات الكبيرة التي تكلفها مواجهة التأثيرات الظرفية الحالية من جهة، سواء تأثير التغيرات المناخية على القطاع الفلاحي وأزمة الماء، وتقلبات أسعار المواد الاولية في السوق العالمية، فإن إرساء أسس الدولة الاجتماعية بكل محاورها الاستراتيجية خاصة تعميم التغطية الصحية الاجبارية عن المرض واصلاح وتأهيل المنظومة الصحية سيتواصل، بالموازاة مع مواصلة الإصلاحات الهيكلية في قطاعات الأمن الغذائي والدوائي والمائي، فضلا عن مواصلة تنزيل ورش اصلاح العدالة وأنظمة التقاعد ومواصلة تنزيل القانون الإطار للتربية والتكوين من جهة أخرى، وهي في الحقيقة تحديات إصلاحية كبرى تستلزم منا اتخاذ كافة التدابير اللازمة للحفاظ على توازنات المالية العمومية واستدامتها.
2/ماهي أبرز القضايا المطروحة ضمن الأجندة التشريعية والرقابية لهذه الدورة؟
لقد دخلت بلادنا مرحلة جديدة من الإصلاحات الهيكلية في مختلف المجالات، والتي تفرض على الحكومة والبرلمان عملا ديناميا متواصلا لإقرار عدد من التشريعات المؤطرة، سواء تعلق الأمر بإرساء دعائم الدولة الاجتماعية الذي يعتبر ورشا استراتيجيا غير مسبوق في منطقتنا العربية والافريقية، والذي مكن من تعميم التغطية الصحية الاجبارية عن المرض لفائدة 21 مليون مواطن ومواطنة المسجلين سابقا في نظام المساعدة الطبية راميد.
والجدير بالذكر أن هذا الأمر تطلب إصلاحات تشريعية مواكبة لتنظيم المهن الصحية والطبية وشبه الطبية، من قبيل الدراسة والمصادقة على القانون الاطار06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية، ومشروع القانون رقم 07.22 المتعلق بإحداث الهيئة العليا للصحة، والقانون رقم 08.22 المرتبط بإحداث المجموعات الصحية الترابية، والقانون رقم 09.22 المتعلق بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية، والقانون رقم 10.22 المتعلق بإحداث الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، إضافة الى القانون رقم 11.22 المتعلق بإحداث الوكالة المغربية للدم ومشتقاته.
هذا نموذج فقط لحجم الإصلاحات التشريعية التي يعكف عليها البرلمان، تماما كما هو الشأن بالنسبة لورش إصلاح منظومة العدالة أو مواصلة تنزيل القانون الإطار للتربية والتكوين أو أنظمة التقاعد ومختلف الاستراتيجيات القطاعية.
وعلى الرغم من أهمية الدور التشريعي للبرلمان، إلا أن مراقبة عمل الحكومة وتقييم السياسات العمومية يبقى وظيفة دستورية برلمانية كبرى، حيث يخصص البرلمان جزءا مهما من عمله اليومي لتحقيق الغايات الدستورية لهذه الوظائف من أجل عمل حكومي ناجع وشفاف، وفق الالتزامات المعبر عنها في التصريح الحكومي الذي نالت بموجبه الحكومة ثقة البرلمان.
والحقيقة أن السنتين الأولتين من هذه الولاية التشريعية قد عرفت عملا متواصلا للسلطة التشريعية و نحن متأكدون أن حجم التحديات المطروحة بقوة على أجندة البرلمان ستكون دافعا لعمل أكبر.
3 / بأي نفس تدخل الأغلبية البرلمانية غمار هذه الدورة؟
أود في البداية التذكير بأن الأغلبية البرلمانية الحالية استثنائية في تاريخ الممارسة الديمقراطية ببلادنا، حيث تتشكل من ثلاثة أحزاب فقط، وهذا في الحقيقة دافع مهم لتحقيق انسجام وتعاون بين مكوناتها، فالأغلبية البرلمانية التي تعمل في إطار ميثاق موحد يتسم عملها بكثير من الدينامية والتواصل السلس حيث تعقد رئاسة الأغلبية البرلمانية اجتماعات منتظمة للتداول والتوافق حول كل القضايا المطروحة في جو من المسؤولية والصراحة.
صحيح أن ظروف هذا الدخول البرلماني تختلف بشكل كبير بفعل التأثر الجماعي بما خلفه الزلزال من خسائر بشرية مؤلمة، لكن الرهانات المطروحة تجعلنا أكثر قوة وانسجام لتحويل هذه التحديات إلى فرص.
من جهته، وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يسلط رئيس الفريق الاشتراكي -المعارضة الاتحادية، بمجلس النواب، عبد الرحيم شهيد، (معارضة) الضوء على الرهانات المعقودة على المؤسسة التشريعية في سياق وطني موسوم بتداعيات زلزال الحوز، فضلا عن أبرز القضايا والملفات التي تطبع الدخول البرلماني الحالي.
1/ماهي أبرز مميزات ورهانات الدخول البرلماني الحالي ؟
أعتقد أن الأمر يتعلق بتحديات مطروحة أمام البرلمان أكثر مما هو متعلق برهانات، ذلك أن رهانات مؤسسة البرلمان مسألة معلومة ومحددة، وعموما فإن أهم التحديات المطروحة علينا كنواب أمة خلال هذا الدخول البرلماني، هو أنه يأتي في سياقات استثنائية وطنية ودولية.
فعلى المستوى الوطني، سيكون أول تحد أمام البرلمان، هو الإسراع بتجويد واعتماد المشاريع التي ستأتي بها الحكومة في إطار البرنامج الذي أعلنته كتنفيذ لبرنامج إعادة البناء والإعمار والتأهيل على إثر زلزال الحوز.
وككل سنة تشريعية جديدة، هناك تحد ثان، يتمثل في اعتماد قانون المالية الذي يدشن النقاش العمومي والسياسي في مستهل كل سنة تشريعية، وهو النص الذي ننتظر من الحكومة أن تجعل منه أداة لتنزيل مجموعة من المشاريع المهيكلة التي تؤسس للدولة الاجتماعية، بصورة تتجاوز المنطق الذي حكم إعدادها لكل من قانون المالية لسنة 2022 و2023، أي ذلك المنطق المحاسباتي المنتصر للأرقام وللموازنات الماكرو اقتصادية، نحو منطق جديد ينتصر للموازنات الاجتماعية، لاسميا وأن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية بالبلد، الموسومة باستمرار موجة الغلاء وبتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، باتت اليوم تفرض تدخلا استعجاليا.
وبالإضافة لمشروع قانون المالية، هناك العديد من النصوص التشريعية، التي سيشكل الدخول البرلماني فرصة للتداول فيها وفي راهنية إحالتها على البرلمان.
أما على المستوى الدولي، فيكفي استحضار أن العالم اليوم يواجه تحديات عديدة، منها الاقتصادية والتي يعتبر تكرار الصدمات عنوانها الأبرز، ثم السياسية الموسومة بتزايد التوترات الجيوسياسية، وكذلك التحديات المناخية التي باتت تشكل تهديدا فعليا للتنمية بالعديد من الدول، وكلها تحديات من المنطقي أن ترخي بظلالها على الفاعل البرلماني، الذي من المفروض فيه أن يدفع في اتجاه نقاشها والبحث في آليات مجابهتها أو على الأقل التخفيف من حدتها.
2/ماهي أهم القضايا المطروحة على الأجندة التشريعية والرقابية لهذه الدورة؟
إن الدخول البرلماني خلال هذه السنة التشريعية الجديدة، سيكون محكوما بالعديد من القضايا الرئيسية، التي يأتي قانون المالية في مقدمتها، باعتباره السياسة العمومية التي تحدد توجه الحكومة وتفصح عن اختياراتها في العديد من القضايا، ثم كيفية تنزيل وتنفيذ التعليمات الملكية المتعلقة بإعادة إعمار المناطق المتضررة بزلزال الحوز، وأخيرا البحث في الآليات القانونية الكفيلة بضمان حسن تنزيل مشروع الحماية الاجتماعية وتفعيل تصورات النموذج التنموي الجديد.
من جهة ثانية، فالأكيد أن مجموعة من القضايا الأخرى سيتم تحديدها انطلاقا من مضامين الخطاب الملكي الذي سيتوجه به صاحب الجلالة إلى البرلمان خلال افتتاح هذه السنة التشريعية، ذلك أن الخطب الملكية دائما ما تكون بمثابة خارطة طريق للحكومة وللبرلمان على حد سواء.
عموما سيستمر البرلمان في أداء مهامه التي يكفلها له القانون، والمتمثلة، أساسا، في التشريع وفي الرقابة، لكن المأمول هو أن تتجاوز الحكومة المنطق الذي حكم تعاطيها مع البرلمان خلال السنة التشريعية الماضية، حتى يتم استدراك التأخر التشريعي الحاصل، خاصة أنه بات من الضروري اليوم الإسراع في اعتماد العديد من القوانين المهيكلة، كالقانون الجنائي، وغيرها من القوانين والقضايا، من قبيل قضايا الجالية المغربية بالخارج، التي من شأن اعتمادها أن يساهم في التأسيس لمرحلة جديدة تدخلها البلاد.
ننتظر من الحكومة خلال هذه السنة التشريعية، أن تفي بالتزاماتها وأن تتدارك الزمن السياسي الذي أهدر وهي تشرف على نصف ولايتها من أجل تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد من جهة، وإقرار إصلاحات حقيقية، وإعطاء الأولوية للملفات والقضايا ذات الطابع الاجتماعي، وتنزيل التوجيهات الملكية خاصة ما يتعلق بالأوراش الكبرى المهيكلة، كما ننتظر منها أن تتخذ إجراءات وتدابير ملموسة لحماية القدرة الشرائية للمواطنات والمواطنين.
3- بأي نفس تدخل المعارضة البرلمانية غمار هذه الدورة، وما حدود التنسيق بين مكوناتها؟
كما هو معلوم، فإن موقف الفريق الاشتراكي- المعارضة الاتحادية- في ما يتعلق بالتنسيق مع باقي فرق المعارضة بمجلس النواب، هو موقف مبدئي، فنحن لسنا ضد التنسيق مع الجميع في أي قضية نرى أن التنسيق فيها سيدفع في اتجاه خدمة مصالح البلاد، لكننا نؤكد أنه لا معنى للتنسيق من أجل التنسيق، لاسيما أن هناك اختلافات جوهرية بيننا في الإيديولوجيا، وفي الأولويات، وفي التصورات. وفي ظل هذه الاختلافات يصعب جدا الحديث عن أي تنسيق استراتيجي.
أما في ما يتعلق بعمل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، فالمعلوم أنه حزب ارتبط وجوده تاريخيا بالمساهمة ومن أي موقع شغله وانطلاقا من الأدوات والوسائل المتاحة أمامه في خدمة مصالح المغاربة والمغرب، وبالتالي فمن الضروري أن يستمر في أداء مهامه، كقوة اقتراحية لا غاية من مواقفه غير المساهمة من موقعه في دفع الحكومة نحو تبني اختيارات شعبية، ونأمل أن تتعاطى الحكومة مع مقترحات حزبنا بالجدية المطلوبة.