زنقة 20 | وكالات
بدأ المدعي العام بمانهاتن، جنوبيّ نيويورك، التحقيق مع السيناتور بوب مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية، عضو مجلس الشيوخ الأميركي عن ولاية نيوجرسي، وزوجته نادين أرسلان، في تلقي رشى نقدية وعينية من مسؤولين مصريين كبار و3 رجال أعمال مصريين حاصلين على الجنسية الأميركية.
و اتهم مكتب النائب العام في مانهاتن مينينديز وزوجته بقبول رشى بآلاف الدولارات، وسبائك ذهبية، مقابل توظيف زوجها الذي تعرفت إليه عام 2018، عبر رجال الأعمال الأميركيين من أصل مصري المقيمين في نيوجرسي، لمساعدتهم في الحصول على تسهيلات مالية ومبيعات أسلحة أميركية، من الكونغرس والترخيص لشركة يديرها مصري باحتكار تصدير اللحوم الحلال للجهات الحكومية في مصر.
قال ممثلو الادعاء في تصريحات بثها المدعى العام على “فيسبوك” وموقع وزارة العدل الأميركية مساء أمس الجمعة، إن الرشى شملت تلقي مبالع مالية وسبائك ذهبية وسداد دفعات قرض عقاري وسيارة مرسيدس فاخرة للسيناتور.
و وجه المدعى العام 3 تهم جنائية لكل من مينينديز وزوجته أرمينية الأصل، تشمل التآمر لارتكاب جرائم الرشوة والاحتيال والابتزاز.
وعثر عملاء فيدراليون بمنزل السيناتور الأميركي على أدلة الرشوة، بقيمة إجمالية تبلغ 480 ألف دولار نقداً، وسبائك ذهبية مخبأة في خزائن منزل السيناتور وزوجته.
فساد واحتكار اللحوم الحلال
تفجرت القضية ، بعد سلسلة مطولة من التحقيقات، التي بدأتها وزارة العدل الأميركية، مع مينينديز، حول حصوله على رشى مالية وسيارة فارهة وشقة سكنية فاخرة، من إحدى الشركات المملوكة لرجل أعمال من أصل مصري، بولاية نيويورك، مقابل مساعدته على منح الشركة عقداً حصرياً بتصدير اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية، والمشاركة في مناقصات وهمية بالتنسيق مع الحكومة المصرية، لينفرد بإصدار شهادات الذبح للحوم المستوردة من أنحاء العالم.
و وجهت السلطات الأميركية، عبر القنوات الدبلوماسية بالقاهرة، طلباً لوزارة العدل المصرية، بالتحقق من علاقة مسؤولين بأجهزة سيادية وحكومية حول الرشى، لمعرفة سبب منحها العقد الحصري لمسيحي لا يملك خبرة في تجارة لحوم الحلال، ومدى علاقة كبار المسؤولين بواقعة الفساد المجرّم ارتكابها داخل الأراضي الأميركية.
شرعت وزارة العدل والزراعة والمباحث الفيدرالية في التحقيقات الموسعة منذ 4 أسابيع، في حصول مينينديز وزوجته على سيارة مرسيدس وشقة فاخرة بواشنطن العاصمة، وكميات من المجوهرات وعشرات الآلاف من الدولارات، من رجل الأعمال وائل حنا الذي يدير أعمال الشركة في منطقة نيوجرسي.
استدعى المدعون العامون بجنوب نيوجرسي مراسلات متبادلة بين النائب الأميركي وفريد دعيبس Farid Daibes، المطور العقاري والمالك الأصلي لشركة إيدج ووتر “Edgewater” بعد إقراره بأنه مذنب بارتكاب جرائم مصرفية اتحادية العام الماضي.
يشغل مينينديز منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ والمشرف على مليارات الدولارات من المساعدات التي تقدمها الحكومة الأميركية إلى مصر.
حصلت شركة إدج ووتر على عقد حصري من الحكومة المصرية للتصديق على صادرات اللحوم الحلال بجميع أنحاء العالم.
أشارت التحقيقات إلى أن الحكومة المصرية أنشأت خلال الفترة نفسها 7 شركات، طويلة الأجل، تعمل في نشاط استيراد اللحوم بأنحاء العالم، تتولى عمل منافسات وهمية على العقود المقدمة من شركة إيدج ووتر، فخسرت ملايين الدولارات في الأعمال لصالح إيدج ووتر، ما أصاب مجتمع الأعمال العاملين في مجالات صناعة اللحوم بصدمة.
يشرف على التحقيقات دانيال ويليامز، المدعي العام للمنطقة الجنوبية بمدينة نيويورك، إلى جانب مكتب التحقيقات الفيدرالي ووكلاء التحقيقات الجنائية التابعة لمصلحة الضرائب.
و يفحص المدعون العامون الفيدراليون صلة العضو وزوجته بصادرات اللحوم إلى مصر، مع توجيه مذكرات استدعاء للمراسلات بين مينينديز ووائل حنا، مالك شركة تصدير اللحوم الحلال للحكومة المصرية، التي تتخذ من نيوجرسي مقراً لها، ومدى علاقته كمطور عقاري بالمكاتب التي يقيم بها عضو الكونغرس، الذي يخوض انتخابات عن دائرة نيوجرسي عام 2024.
ويبحث المحققون عن حصول النائب الأميركي، عام 2019، على مساعدات مالية لفك حبس الرهن العقاري لزوجته، التي عملت بعد ذلك مستشارةً لشركة آي أي إيجي حلال، وتسجيل مينينديز في إقرار الذمة المالية، 2020، لسبائك ذهبية بقيمة 250 ألف دولار، مملوكة لزوجته أرسلان، لم توضح كيف امتلكتها، في وقت كانت تعاني من العسر المالي.
صفقات تتحدى المنطق
وصف بيتر برادايس مساعد المفتش العام السابق بوزارة الزراعة الأميركية، في أثناء إدلائه بشهادته أمام جهات التحقيق، الصفقات بين الحكومة المصرية وإيدج ووتر بأنها تتحدى المنطق، مؤكداً أن الشركة لم تكن لها أية علاقة مسبقاً بصناعة لحوم البقر الأميركية أو المنظمات الإسلامية بالولايات المتحدة.
ينفي السيناتور الأميركي ارتكابه تلك المخالفات، مؤكداً في تحقيق فيدرالي أجري معه في ماي 2023 أن التحقيقات لن تسفر عن شيء على الإطلاق.
سبق للمحكمة العليا الأميركية، أن أصدرت قراراً عام 2018، لتضيّق تعريف الفساد بوجه السيناتور مينينديز في أثناء مواجهة باتهامات جنائية في قضية فساد منفصلة، حول أخذه هدايا ورحلات طيران خاصة مجانية من محتال الرعاية الطبية طبيب العيون سالمون ميلغن، المدان بالسجن 17 عاماً، لسوء استغلال الأموال العامة، وممارسة الاحتيال والتربح بملايين الدولارات من حسابات التأمين الصحي.
يحظى مينينديز بدعم الحزب الديمقراطي، الذي أنقذه من اتهام بالرشوة، انتهى بهيئة محلفين ما زالت معلقة للتحقيقات، بينما يأتي الاتهام الحالي، ليضعه في مأزق، مع اقتراب موسم الانتخابات الأميركية، ومواجهة من أحد منافسيه بالحزب الذي هاله أن يكون مسؤولاً بحجمه قيد التحقيق مرة أخرى.
وحذرت لجنة الأخلاقيات بمجلس الشيوخ مينينديز بشأن سلوكه وعلاقته بـ”ميلغن”.
يبلغ مينينديز 69 عاماً، وترجع جذوره إلى أصول كوبية، بمقاطعة هدسون وشغل عضوية مجلس الشيوخ، على فترات منذ 3 عقود، ومعروف بنقده الصريح لكوبا وأنه حليف قوى لإسرائيل.
تنص لوائح مجلس الشيوخ الأميركي على أن الهدايا التي تقدم للعضو أو شخص قريب منه، تعتبر رشوة “إذا كان لدى عضو مجلس الشيوخ سبب للاعتقاد بأن الهدية قد أعطيت له بسبب الموقف الرسمي”.