زنقة 20. طنجة – توفيق سليماني/ تصوير: محمد أربعي
“تخصيص ندوة لمحمد شكري هي طريقة جيدة للحفاظ على شكري بيننا”، هكذا علقت الشاعرة المغربية، لطيفة باقا، عن إرث صاحب “الخبز الحافي”، هذا الصباح في جلسة صباحية تحت عنوان “ماذا تبقى من الخبز الحافي؟”، بمناسبة الملتقى الخامس عشر لتخليد أدب الكاتب العالمي محمد شكري، يوم الجمعة 07 يوليوز 2023، بالمركز الثقافي احمد بوكماخ بطنجة، في اطار معرض الكتاب “مهرجان ثويزا” الذي انطلق يوم أمس الخميس 6 يوليوز الى يوم الاحد 9 يوليوز 2023.
ذكرت لطيفة أنها التقت شكري مرة واحدة في حياتها. ولم يكن لقاء عاديا، ولا وديا كليا. شابه بعض التوتر المحمود بين المثقفين، بين جيلين لم يعشا نفس التجربة. سأل شكري لطيفة عن اهم شيء حدث لها، غير أنها تجرأت وقالت: أنجبت طفلين. حينها انتفض شكري، ورد: الكتابة وليس الابناء. هكذا كان شكري يرى في الكتب اطفالا.
تقول الشاعرة المغربية إن الكتب الناذرة تستطيع أن تعيش بعد موت اصحابها. “هناك نصوص تصمد، وهناك نصوص تعيش بعد موت اصحابها”، تؤكد لطيفة. “الكتب الحقيقية تنفصل بسرعة عن صاحبها وتجد مكانة في الزمن والذاكرة. الخبز الحافي كتاب شجاع، يقع في الزاوية الحادة للكتابة. مادام بوفاري ليست إلا فلوبير. أولاد حارتنا هي اسطورة نجيب محفوظ. الخبز الحافي هو وجع محمد شكري. رجت الهامش الذي ينتفض ويطفو على السطح”، تبرز الشاعرة المغربية.
بل أكثر من ذلك “الخبز دمر ما سبقه، وأسس لما بعده. كان شكري كاتب مدينة، ينتمي للكتاب الذين خلدوا مدنهم.
الخبز الحافي كتب طنجة اخرى”، حسب الشاعرة المغربية
من جهتها قالت الباحثة في أعمال محمد شكري، خديجة البوعزاوي، إن اللقاء في حد ذاته هو محاولة لتخليد محمد شكري.
البوعزاوي عرجت على بعض الخصائص التي ميزت محمد شكري، الخبز الحافي. اولا، طبيعة العنوان، هذه المسألة وقعت مع مجموعة من الكتاب، مثلا مائة عام من العزلة لغابرييل غارسيا ماركيز، واسم الوردة للإيطالي أمبرتو إيكو، وأولاد حارتنا للمصري نجيب محفوظ. هؤلاء الكتاب استطاعوا ان يصلوا الى هذا الوضع من الشهرة من خلال عمل واحد بارز وشامل جاء بعد سنوات من الاشتغال والتجارب في الحياة. كانت لديهم اعمال أخرى، لكن اشتهروا بعمل واحد، تقول الباحثة. “شكري هو من الكتاب القلائل الذين سطع نجمهم بعد العمل الاول”، تؤكد البوعزاوي.
ثانيا، الخبز الخافي يعكس شخصية شكري، المغامرة والابداع ، والجدية. ثالثا، شكري استطاع ان يجعل مدينة طنجة تزداد سحرا وجاذبية. “لم نعد نتحدث فقط عن طنجة الدولية بل عن طنجة الخبز الحافي”، تضيف البوعزاوي.
يدوره، الكاتب السوري علي أحمد سعيد، المعروف بأدونيس، أخذ الكلمة بعد نهاية التدخلات ليعبر عن سعادته بما سمع، لكنه أقر أنه كان ينتظر تشخيصا أكثر دقة وعمقا لمعضلة الكتابة في العالم العربي.
“لا اكتمكم انني سررت كثيرا بما سمعته وتعلمت الكثير مما سمعت. لكن استنادا الى معرفتي بشكري، كنت اتمنى ان يضاف شيء اخر الى ما سمعناه. كيف يمكن ان يعيش الكاتب في ثقافة تتحكم بوجوده وبمصيره وبعلاقته، ولا يستطيع ان يقول فيها ما يؤمن به. هذا ما كنت اتمنى ان اسمعه حول حبيبنا شكري”، يعلق ويسأل أدونيس دون أن ينتظر جوابا.
أما الباحث والنشاط الامازيغ، أحمد عصيد، فيرى أن شكري ينتمي الى طينة الكتاب الذي عندما تجالسهم تفهم اكثر عمقا الكتابة التي انجزوها. “كانت لشكري اراء عميقة ونقدية نوعا ما لطريقة تدبير الدولة للثقافة والكتاب”، يقول عصيد، قبل أن يؤكد قائلا:”شكل شكري نموذجا فريدا في الكتابة”.
وخلص عصيد الى ان شكري “اثر في الكثير من الكتاب بشكل غير مباشر ، وبشكل لا يشعرون به”.