زنقة 20 | الرباط
أكد رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، أنه حان الأوان لكي تمتلك بلادنا منظومة حديثة للتعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، حتى نتمكن على المدى القريب والمتوسط من الإحاطة بمختلف التحديات التي يعرفها واقعنا الراهن.
وأوضح أخنوش في جلسة الشهرية لمسائلة رئيس الحكومة، اليوم الإثنين، أن الحكومة نجحت في صياغة تصور جديد للقطاع، ينبني على حزمة متجانسة من القيم بمقدورها تعبئة جميع الفاعلين ودعم التفافهم حول رؤية مشتركة وموحدة لهذا الإصلاح ، عبر تكريس شفافية جميع المسارات والمنظومات الجامعية، وإرساء ميثاق للأخلاقيات يكرس المسؤولية المجتمعية والبيئية للجامعة.
فضلا عن وضع منظومة لتقوية التميز الأكاديمي والعلمي والتدبيري، ووضع ميثاق للإنصاف وتكافؤ الفرص في مجال النوع والإدماج الاجتماعي، مع الحرص على الانفتاح المستمر على حاجيات سوق الشغل الوطني يضيف رئيس الحكومة.
ولضبط مسار هذا الإصلاح البيداغوجي للجامعة والنهوض بمستوى مواردها البشرية، يقول أخنوش تم منحه نفسا طويلا من خلال اعتماد أربعة مخططات مديرية ستشكل في مجملها أسسا مرجعية لقيادة تحول المنظومة في أفق 2030.
و يتعلق الأمر بالمخطط المديري للتعليم العالي ويشمل إعادة النظر في أولويات التكوين وفي الهندسة الجامعية لمؤسسات التعليم العالي الخاص والعام وكذا المؤسسات الأجنبية.
بالإضافة للمخطط المديري للبحث العلمي الذي يهدف إلى إعادة تحديد أولويات عروض البحث العلمي وتعزيز مختبرات البحث، مع إعادة النظر في نظام براءات الاختراع العلمي.
و المخطط المديري للابتكار ويعمل على تجديد مواضيع الابتكار مع وضع هندسة جديدة للفاعلين المعنيين، لاسيما من خلال تعزيز دور الحاضنات ومراكز التحول التكنولوجي، وتحديث منظومة براءات الاختراع.
أما المخطط المديري للتحول الرقمي ، فيستهدف مراجعة وتجويد المسارات الجامعية، لكل من الطالب والأستاذ الباحث وكافة الأطر الإدارية والتقنية، ناهيك عن تحفيز مسار المشاريع الناشئة والمستثمرين وباقي الشركاء.
ومن شأن إرساء هذه المرجعيات الكبرى، التأسيس لنموذج جديد للجامعة المغربية، نسعى من خلاله إلى تحقيق آمال بناتنا وأبنائنا والاستجابة لطموحاتهم يقول رئيس الحكومة ، سواء من خلال إدماج الجامعة في محيطها الترابي والسوسيو-اقتصادي وتمكين المجالات الترابية من لعب دور محوري من حيث الابتكار وخلق القيمة المضافة، أو عبر التأسيس لمنظومة ناجعة للحكامة المؤسسية للقطاع، تقوم على إصلاح بيداغوجي شامل ومندمج وتعزز البحث العلمي.
و أوضح أخنوش، أن هذا النموذج البيداغوجي الجامعي الجديد، يسعى إلى الارتقاء بنظام LMD المتعلق بالإجازة والماستر والدكتوراه، للتأكيد على أن الجامعة ليست فقط فضاء لإعداد خريجين من أجل سوق الشغل، إنما الفضاء الأساسي لإنتاج المعرفة وتطوير مهارات الشباب وذلك من خلال تعزيز مسارات التعلم بمهارات ذاتية وكفاءاتأفقية لتعزيز الارتباط بالهوية المغربية وتقوية الرابط الاجتماعي.
إضافة إلى إدماج إشهادات في المهارات اللغوية والرقمية؛ وتطوير إمكانيات التدريس بالتناوب بين الجامعة والمحيط الاقتصادي والاجتماعي؛ والعمل على تخريج جيل جديد من طلبة الدكتوراه بمعايير دوليةقادرين على إنجاز أبحاث مبتكرةفي مجالات ذات أولوية وطنية،حيث سيتم في مرحلة أولى إطلاق برنامج لتكوين 1.000 طالب دكتور مدرب سنويا، ما سيمكن من توفير مشتل للكفاءات قادرة على تجديد هيئة الأساتذة الباحثين التي ستعرف خلال السنوات القادمة نسبا مهمة من الإحالة على التقاعد.
وتأسيسا لهذه الرؤية سيتم على صعيد آخر، يضيف أخنوش، إطلاق أجرأة هذا الإصلاح فقد تمت، في مرحلة أولى، إعادة النظر في التنظيم البيداغوجي لسلك الإجازة واعتماد عدة مستجدات من شأنها أن تحدث قفزة نوعية من حيث جودة التعلمات وأداء المنظومة ككل، عبر تدعيم الوحدات المعرفية وإدراج وحدات ممهننة لملاءمتها مع متطلبات النسيج الاقتصادي.
وفي هذا الإطار، أعلن رئيس الحكومة عن مراجعة وتحيين مسالك الجدع المشترك للإجازة التي ظلت على حالها لما يقارب 20 سنة وخلق جدع مشترك للمعلوميات.
رئيس الحكومة تطرق إلى تطوير المهارات اللغوية من خلال التمكن من لغة التدريس وتعزيز الانفتاح على اللغات التي سيتم استعمال منصات رقمية في تدريسها، مع إلزامية الإشهاد في اللغات الأجنبية من أجل الحصول على الدبلوم.
و تعزيز المهارات الرقمية من خلال تعميم وحدات الرقمنة والذكاء الاصطناعي وكذا إحداث مراكز Code212 مفتوحة في وجه كافة الطلبة، بغض النظر عن تخصصهم الأكاديمي، مع توفير إمكانية الإشهاد في المهارات الرقمية للطلبة الراغبين في ذلك.
و إدراج وحدات تكوينية في المهارات المعرفية، لاسيما عبر منصات رقمية ودروس مصورة، قصد تعزيز الكفاءات الأفقية والمهارات الذاتية،من بينها التعريف بالموروث التاريخي والثقافي والفني للمغرب وترسيخ قيم المواطنة والحس المدني.
وفي نفس الإطار، سيتم العمل على إحداث جسور مرنة Passerelles بين مختلف الشعب و التخصصات والمؤسسات واعتماد الأرصدة القياسية Validation de crédits ، من أجل المرونة في التوجيه وتغيير المسارات الدراسية، ستعزز فرص الطلبة لمواصلة مساراتهم الدراسية في حالة تعثرها، مع احتساب الكفايات والمعارف Validation des Acquis التي تم اكتسابها خلال الدراسة الجامعية، وهو ما سيحد من ظاهرة الهدر الجامعي، ويحفز الحركية الوطنية والدولية.
وسيتم تعزيز هذا النموذج البيداغوجي بآليات التوجيه الضرورية وبأنماط جديدة للتعليم، فضلا عن تقوية المهارات اللغوية والرقمية.
رئيس الحكومة أكد أن الإصلاح سيمكن الطلبة في نهاية مسارهم الجامعي من كل الفرص وأهم القدرات، التي ستجعلهم ناجحين في حياتهم المهنية والاجتماعية.
ومن خلال هذه الجسور المحدثة سيكون أمام الطلبة فرصة أولى وثانية وثالثة وأكثر، من أجل عدم مغادرة الجامعة حتى يتمكنوا من اكتساب ما يكفي من الكفايات والمهارات لتحقيق ذاتهم، والقدرة على الاندماج في المحيط الاقتصادي والاجتماعي يقول رئيس الحكومة.