زنقة 20 . الاناضول
قال التقرير السنوي للحريات الصحفية الذي تصدره منظمة “فريدوم هاوس” الأمريكية غير الحكومية، إن حرية الإعلام العالمي في عام 2014 “لا زالت في أدنى مستوياتها منذ 1999”.
التقرير الذي صدر يوم الأربعاء، ذكر أنه “من بين 199 دولة، واقليماً، تم دراسة حالتهم، خلال عام 2014، فإن 63 دولة فقط قد طابقت مقاييس الحرية الصحفية أي ما يعادل 32%، بينما سجلت 71 دولة ضمن مجموعة الصحافة ذات الحرية الجزئية بنسبة 36% من مجموع الدول التي تم مسحها، بينما بلغ عدد الدول التي لم تتمتع بحرية الصحافة 65 دولة، أي بنسبة 32%”.
وقال التقرير، الذي أطلعت وكالة “الأناضول” على نسخة منه، إن “14% من سكان العالم يسكنون بلدان تتمتع بحرية الصحافة، بينما يشكل نسبة 42% منهم أولئك القاطنين في دول تتمتع بحرية جزئية للصحافة، فيما يمكث الـ 44% المتبقية في أجواء لا تتمتع بالحرية الصحفية”، طبقاً لتقديرات المنظمة التي أشارت أن “التقديرات السكانية تأثرت بدولتين أساساً هما الصين المصنفة ضمن الصحافة غير الحرة والهند التي تتمتع فيها الصحافة بالحرية الجزئية”.
ويشكل سكان الصين والهند نحو ثلث سكان العالم.
وأشار التقرير إلى أن “مجموع السكان الذين يحيون في ظل حرية الصحافة في عام 2014 يشكل النسبة الأقل منذ عام 1996، وانخفضت حرية الصحافة في عام 2014 عما كانت عليه في العام السابق لتبلغ مستوى هو الأسوأ منذ عام 1999″، مضيفا أن “الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد شهدا أسوأ انحدار”.
وشملت الدول والأقاليم الأسوأ في الحريات الصحفية التي سجلت ما بين 90-100 نقطة من أصل مئة، بحسب تقييم المنظمة: “بيلاروسيا، وشبه جزيرة القرم، وكوبا، وغينيا الاستوائية، وارتيريا، وإيران، وكوريا الشمالية، وسوريا، وتركمانستان، وأوزبكستان”، موضحة إلى أن تصنيف شبه جزيرة القرم بشكل منفصل قد تم لأول مرة في هذا العام “لأن شبه جزيرة القرم أصبحت خاضعة لقوانين الصحافة الروسية بعد احتلاله وضمه في وقت مبكر من عام 2014”.
وأوضح التقرير أن الدول الداخلة في هذه الخانة “إما لا تحتوي على وسائل إعلام مستقلة أو أنها بالكاد قادرة على العمل وأن الصحافة تعمل كلسان حال النظام وأن وصول المواطنين إلى معلومات غير منحازة محدود للغاية والمعارضة مسحوقة بسبب السجن والتعذيب وغيرها من أشكال القمع”.
بينما بين التقرير أن “إيران قد استحقت موقعها ضمن أسوأ السيء لكونها أحد أكثر الدول اعتقالاً للصحفيين بما في ذلك مراسل صحيفة واشنطن بوست جيسون ريزيان، المحتجز بدون توجيه اتهام رسمي له منذ يوليو/ تموز 2014”.
وأفاد التقرير بأن تونس هي الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط، التي شهدت تقدماً بين دول العالم العربي، وأن اسرائيل هي البلد الوحيد الذي تمتعت فيه الصحافة بحريتها. وقال إن تونس هي “البلد الوحيد التي استمرت في التقدم باتجاه تحقيق بشائر الربيع العربي (اندلع في 2011)، محرزة موقعاً أفضل من أي بلدٍ عربي خلال عقد، برغم بقائها في خانة الحرية الجزئية، وعلى العكس حافظ كل من مصر وليبيا، وهما بلدان آخران شهدا تطورات كبيرة، على نمط من التراجع.
وبحسب التقرير، سجلت مصر درجة 73 (من أصل مئة نقطة) و”هو الأسوأ خلال 11 عاماً، محرزة ليس تراجعاً في المكاسب التي حققتها بعد إسقاط الديكتاتور الطويل الأمد حسني مبارك فحسب بل إنحداراً باتجاه السنوات الأكثر قمعاً من نظام مبارك”، وذلك “بسبب إلقاء القبض على الصحفيين، وعدد من الدعاوى القانونية المعيبة بشكل كبير والتي تمخض عنها عقوبات قاسية لصحفيين وعاملين في وسائل الاعلام، فيما أدت الأجواء العدائية إلى زيادة للرقابة الذاتية وتدهور في تنوع وسائل الاعلام مع تحول العديد من وسائل الاعلام إلى أنصار متحمسين للنظام”.
بينما قال التقرير إن “درجة ليبيا استمرت بالتدهور بسبب تأثير الحرب الأهلية على الأجواء الاعلامية في مرحلة ما بعد (معمر) القذافي”، و”تراجع ليبيا من 62 إلى 73″ كان بسبب التدهور المستمر للوضع الأمني والذي حرم الصحفيين من الوصول إلى العديد من المناطق، وكان موظفي وسائل الاعلام معرضين للهجمات والخطف والاغتيال كما أنهم واجهوا أحكاماً بسبب التشهير وغيره من الجرائم الجنائية، فيما اضطرت وسائل الإعلام تحت الضغط الحاد إلى الرضوخ لوجهات نظر الميليشيات المسيطرة في منطقتهم، بينما فاقمت الحرب الأهلية من الاستقطاب السياسي”.
وذكر التقرير أن “الصراع الدائر في سوريا قد فاقم الظروف داخل البلاد واسهم بشكل غير مباشر في تدهورها داخل العراق بما في ذلك صعود الدولة الإسلامية (داعش)”.
ونوه إلى أن “لبنان بلغ أقل درجة لها منذ خمس سنوات بحصولها على 55 بسبب قضايا التشهير ضد الصحفيين في عام 2014، جراء عقوبات مثل الحبس والغرامات الباهظة ومواجهة العديد من المطبوعات لدعاوى قانونية متعددة من نفس الطرف المشتكي، إضافة لذلك، فإن الأحكام الصادرة عن محكمة مطبوعات لبنان خلال العام اشارت لوجود تحيز ضد وسائل الإعلام ودوافع سياسية خلف العديد من القضايا”.
إلا أن فريدوم هاوس استثنت من الشرق الأوسط إسرائيل، واصفة الأخيرة بأنها “البيئة الإعلامية الحرة الوحيدة في المنطقة”، مشيرة إلى “انخفاض مستوى الضفة الغربية وقطاع غزة بدرجتين لتصبح 84 كنتيجة للحرب في غزة”، وليس ذلك بسب مقتل وجرح عدد من موظفي وسائل الإعلام خلال الصراع بين إسرائيل ومسلحي حماس، ولكن “لأن كلاً من إسرائيل والسلطات الفلسطينية قيدت حركة الصحفيين في غزة والضفة الغربية”.
ومن إسرائيل إلى الخليج حيث ذكر التقرير بقيام قطر بـ”تمرير قانون لجرائم الإنترنت يحتوي على عقوبات شاقة على الأخبار الكاذبة، والتشهير، برغم أنه لازال هنالك آمال في سياسة تتعلق بالبيانات المفتوحة يمكن بها تحسين الشفافية”.
كما ألمح إلى أن “وسائل الاعلام في البحرين لاتزال تعاني من المراقبة الذاتية والاضطهاد بينما مازال المواطنون الصحفيون الذين يتجرأون على الكتابة عن المظاهرات المستمرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يواجهون انتقام الحكومة”.
أما الإمارات فقالت عنها المنظمة إنها “واحدة من البيئات الإعلامية الأكثر قمعا في المنطقة، ما يتنافى مع صورتها كواحدة من الواحات العالمية بين الأنظمة الاستبدادية المحافظة”، فيما وصفت السعودية على أنها “نظام أوتوقراطي عزز من القيود الموجودة على وسائل الإعلام بتمرير تشريعات قاسية لمكافحة الإرهاب وزادت الاعتقالات ضد الناقدين”.
أما الجزائر، وفقا للتقرير “تراجعت من حرية جزئية إلى غير حرة بسبب قيود على وسائل الاعلام تم فرضها خلال الانتخابات الرئاسية في عام 2014، حيث وضع قانون أصدر في يناير/ كانون الثاني تحديداتٍ على القنوات التلفزيونية ذات الملكية الخاصة، وسحبت المؤسسات الحكومية إعلاناتها من وسائل الإعلام التي غطت أحزاب المعارضة، فيما رفضت طلبات سمات الدخول (فيزا) للصحفيين الأجانب وتم تقييد سمات دخولهم أو واجهوا عراقيل في التحرك على الأرض”.
وعزت المنظمة تراجع الحريات الإعلامية في العراق إلى “ازدياد الرقابة على تغطية داعش والقوات الأمنية العراقية بما في ذلك انقطاعات الإنترنت في صيف 2014 كما أن الأجواء الأمنية المحفوفة بالمخاطر جعلت التحدث عن أجزاء واسعة من البلاد أكثر صعوبة وخطورة”.