بنعبد القادر: الصحافة المغربية تعاملت بجدية مع إعادة بناء العلاقات المغربية الإسبانية عكس الإعلام الإسباني
زنقة20ا الرباط
عرفت العلاقات الإسبانية المغربية تقلبات عدة في السنوات الأخيرة، بين الجزر والمد والأزمة والانفراج، في سياق إقليمي معقد، وفي ظل مواكبة إعلامية مغربية إيجابية تتماشى مع المواقف التي تخدم السيادة الوطنية المغربية.
وفي هذا الصدد أوضح محمد بنعبدالقادر، الوزير السابق والباحث في سوسيو لوجيا الاعلام والتواصل، أن “تفسير التعاطي الايجابي للإعلام المغربي مع مسار إعادة بناء العلاقات المغربية الإسبانية وكذا التمثل الجيد للرأي العام المغربي لهذا المسار، يعود إلى سببين رئيسيين، الأول يخص معيار قضية الصحراء المغربية الذي كما أعلن جلالة الملك محمد السادس، هو المعيار الذي يقيس به المغاربة صدق الصداقات وشجاعة الشراكات، وحيت أن إطلاق مرحلة جديدة في العلاقات المغربية الإسبانية ارتبط أساسا بالموقف الواضح والمسؤول لرئيس الحكومة الإسبانية من قضية الصحراء المغربية فقد كان طبيعيا أن ينخرط الإعلام الوطني في المغرب بروح بناء في تغطية وقائع استعادة الحوار السياسي بين المملكتين وعقد الاجتماع رفيع المستوى بينهما في بالرباط”.
وأضاف بنعبدالقادر في سياق عرضه الافتتاحي للندوة الدولية حول “البناء الاعلامي للمرحلة الجديدة في العلاقات المغربية الاسبانية”، التي نظمتها جامعة عبد المالك السعدي بالمدرسة العليا للأساتذة نهاية الاسبوع المنصرم بمارتيل ، أن “العامل الثاني في تفسير التمثل الإيجابي للإعلام المغربي والرأي العام الوطني بخصوص إعادة إطلاق العلاقات مع الجار الإسباني ، فيمكن تأطيره ضمن السياق العام للصورة الايجابية التي يحملها المغاربة تقليديا حول إسبانيا، ذلك أن غالبية المغاربة ينظرون الى إسبانيا كدولة صديقة وحديثة ومتطورة ، ولديهم صورة إيجابية عن الثقافة الإسبانية وآدابها وفنونها وكذلك صورة إيجابية عموما عن الإسبان كشعب ودود ، مضياف وكريم”.
أما فيما يتعلق بالتغطية الإعلامية في إسبانيا لهذه المرحلة الجديدة ، يضيف المتحدث ذاته، فإن “الانطباع العام الذي يمكن أن يتولد لدينا يقول المتحدث هو أن وسائل الإعلام الإسبانية ، مع بعض الاستثناءات المهنية المتميزة، كانت متشككة في هذا المسار برمته وعبرت عن ذلك بعناوين عريضة مشبعة بالاحباط والتوجس ، مثل المغرب-اسبانيا قمة خالية من الكافيين-المغرب وإسبانيا صداقة تحت الشك-مع المغرب أخوة مسيجة-ذلك الجار المغربي متعدد الوجوه- سانشيز يعود بدون نتائج ملموسة وغيرها كثير من العناوين الصحفية المؤثثة بمفردات غارقة في العدمية مثل : التوجس والشك والغياب والارتباك والمقايضة والكلفة والتنازل والاذلال والخضوع والاختلال التي أنتجها خطاب اعلامي لم يكتفي بممارسة حقه المشروع في انتقاد ملابسات ورهانات هذه المرحلة الجديدة، بل استغل هذه الفرصة بشكل لافت من أجل إعادة إنتاج تلك التمثلات السلبية التقليدية حول المغرب، والمشبعة بالصور النمطية والأحكام المسبقة ، مع التركيز على بعض الجوانب الهامشية واصطناع مشاكل وهمية وتهويل تفاصيل هامشية بغاية تلفيق معنى سلبي على مسار بناء مرحلة جديدة في العلاقات بين البلدين، بدل المعنى الايجابي المتمثل في تفعيل إرادة دولتين في التعاون و بناء علاقات متينة بينهما قائمة على الثقة والوضوح والمصلحة المشتركة”.
واعتبر محد بنعبدالقادر في مداخلته أن “الاستراتيجية الخطابية التي اعتمدتها بعض وسائل الإعلام في إسبانيا لتغطية وتفسير بناء مرحلة جديدة من العلاقات مع المغرب ، تتأسس على آليتي التنميط والانكار ، التنميط الذي يتمثل في إصدار حكم مسبق على الآخر دون معرفته حقًا وبالاعتماد فقط على جملة من التمثلات السلبية حول صورته ، بينما الإنكار يتمثل في إنكار الواقع لتجنب مواجهة الحقيقة ، وهكذا تنتج بعض وسائل الإعلام الإسبانية خطابا يعزز نمطي الصورة السلبية عن المغرب وفي نفس الان ينكر الحقيقة ، حقيقة أن المغرب قد تغير ، وأن المغرب اليوم ليس هو مغرب الأمس”.
وختم بنعبدالقادر مداخلته بالتأكيد على أن “وسائل الإعلام في إسبانيا تختلف في أسلوب تغطيتها للقضايا المتعلقة بالمغرب، وقد لوحظ ذلك مؤخرا في مناسبتين، بمناسبة الانتصار التاريخي للمنتخب المغربي في كأس العالم قطر، وعملية إعادة إطلاق مرحلة جديدة من العلاقات بين إسبانيا والمغرب، وإذا كان لا يزال هناك بعض الإصرار في التعاطي السلبي مع المغرب ، فإن الحقيقة هي أن هناك بعض التقدم الملحوظ لدى بعض المنابر الإعلامية الإسبانية على مستوى الاداء المهني المتحرر من الأحكام الجاهزة والتنميط السلبي لصورة المغرب”