زنقة 20. الرباط
مرت حكومة عزيز أخنوش، إلى السرعة القصوى في تنزيل الإصلاح الخاص بالمنظومة الصحية، من خلال المصادقة خلال المجلس الحكومي، اليوم الأربعاء (21 دجنبر)، على خمسة مشاريع قوانين تشكل لبنة إحداث إصلاح جذري داخل المنظومة الصحية.
وتتعلق هذه المشاريع، بإحداث الهيئة العليا للصحة، وإحداث المجموعات الصحية الترابية، ومشروع قانون مرتبط بالضمانات الأساسية الممنوحة للموارد البشرية بالوظيفة الصحية، وإحداث الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، بالإضافة إلى إحداث الوكالة المغربية للدم ومشتقاته.
وتعليقا على هذا الإجراء غير المسبوق، أوضح البروفسور خالد فتحي أستاذ بكلية الطب بالرباط، في تصريح خاص، أنه باعتماد القانون الإطار الخاص بالمنظومة الصحية تكون الحكومة قد أوفت بالوعود التي التزمت بها أمام جلالة الملك، والشعب المغربي من خلال برنامجها الحكومي، بخصوص تنزيل مبادئ الدولة الاجتماعية.
وأضاف: “… نجاح ورش الحماية الاجتماعية يتطلب بالضرورة نجاح ورش إصلاح قطاع الصحة، بحكم أنها ورشان توأمان، بل الجناحان اللذان ستحلق بهما الدولة الاجتماعية المنشودة، والتي تتوخى تحقيق المساواة وضمان الكرامة لكل المواطنين دونما تمييز”.
وأضاف “بهذه القوانين تكون الحكومة قد استكملت الهندسة القانونية والتنظيمية للقطاع الصحي، والتي ستدخل القطاع في عهد جديد وستتغير ملامحه بشكل جذري نحو الوفاء بشكل أفضل بحاجيات المغاربة”.
وأشار في ذات الصدد أنه بهذه الإجراءات جعلت الحكومة من الهيئة العليا للصحة، الهيئة الناظمة للقطاع كله، والتي ستكون بمثابة العقل الاستراتيجي والفعال للمنظومة، إذ ستشرف على التأطير التقني للتأمين الإجباري وتقييم نجاعة وجودة الخدمات الصحية وإعداد المراجع التكوينية وكذا دلائل الممارسات الجيدة.
كما أن هذه الهيئة ستمثل صمام أمان لاستمرار السياسات الوطنية في مجال الصحة مما سيمنحها الثبات والاستقرار والالتقائية”.
واعتبر الخبير الصحي في التصريح ذاته، أنه وإلى جانب هذه الهيئة، ستكون هناك مؤسسات اعتبارية أخرى هي بمثابة أذرع تنفيذية للسياسة الصحية. فالمجموعات الصحية الترابية التي صادق عليها مجلس الحكومة هي أيضا دليل على سعي الحكومة لتنزيل الجهوية المتقدمة والعدالة المجالية فعليا عبر قوانين.
وأبرز أن هذه الإستراتيجية ستمكن كل جهة بمجموعتها الصحية الترابية وعلى رأسها المستشفى الجامعي، حيث ستضم كل جهة كلية للطب ومستشفى جامعي ومستشفيات اقليمية ومراكز قرب تعمل في تناغم وبسلاسة. وكل هذا سيمكن من تشخيص أفضل للمشاكل وحصر أمثل للمؤهلات ومعرفة أولويات الاستثمار في الجهة، وكذا تنسيق التعاون بين القطاع العام والخاص لأجل ضمان الخدمة الصحية للمواطن.
وبشأن تشكيل الوكالة الوطنية للدواء والمنتجات الصحية، أشار البروفيسور فتحي، إلى أن هذه الوكالة ستساهم في تطوير وتأطير القطاع الصيدلاني، وأن الحكومة ستتحول إلى “منتج للقوة الناعمة ليس فقط من خلال توفير السيادة الدوائية للمغرب وإنما لأجل ضمانها لإفريقيا، وبالتالي نرى كيف أن هذه القوانين اذا ما نظرنا لها في سياق التزامات المغرب افريقيا، تتجاوز كونها قوانين ذات طابع صحي إلى كونها قوانين ذات طابع وجودي ومصيري بالنسبة للأدوار التي يسعى المغرب إلى لعبها”.
كما عرّج على سعي الحكومة إلى إنشاء الوكالة المغربية للدم ومشتقاته كمؤسسة تتمتع بالشخصية الاعتبارية لأجل ضمان وتنمية مخزون الدم ومشتقاته وقيادة الأبحاث العلمية في هذا المجال.
ووصف الخبير الصحي في تصريحه الإجراءات الحكومية، بالثورة الاجتماعية التي سيحس بها المواطنون، قائلا “…نحن بصدد إحداث تغيير جذري في المقاربة والعقلية والأداء داخل المنظومة الصحية في كل أرجاء المملكة، لكن نجاح هذا الورش يقتضي إضافة إلى هذا المجهود الجبار الذي نلمسه لدى الحكومة انخراط المجتمع المغربي بكل فئاته في ورش التغطية الصحية، بحكم أنه ورش وجودي في ظل التحديات التي يواجهها العالم”.