مداهمة منزل دونالد ترامب يثير ضجة سياسية كبرى على بعد سنتين من الإنتخابات الرئاسية الأمريكية

زنقة 20. الرباط

كان لمداهمة الشرطة الفيدرالية الأمريكية لمنزل الرئيس السابق، دونالد ترامب، في “مار إي لاغو” بولاية فلوريدا، وقع مدو داخل المشهد السياسي في الولايات المتحدة.

فقد أثار مكتب التحقيقات الفيدرالي حفيظة الجمهوريين وجزء كبير من المحافظين، الذين رأى أغلب قادتهم أن هذه العملية ليست سوى محاولة من قبل الإدارة الديمقراطية الحالية لتشويه صورة الرئيس الخامس والأربعين، مع اقتراب انتخابات التجديد النصفي، وعلى بعد سنتين من إجراء الانتخابات الرئاسية.

المفارقة تكمن في أن بعض المحللين يعتبرون أن هذه المداهمة بحثا عن وثائق سرية يزعم أن الجمهوري انتزعها بشكل غير قانوني في نهاية فترة ولايته، يعزز سيطرة ترامب على الحزب الجمهوري، وبالتالي حظوظه خلال انتخابات 2024. إذ ينظر إليه الحزب واليمين المتطرف كضحية تتعرض للاضطهاد بشكل مستمر من طرف النظام القائم.

هذا الرأي يكتسب تأييدا متزايدا، بالموازاة مع توالي إخفاقات خصوم ترامب داخل الحزب الجمهوري خلال الانتخابات الأولية، مما يعبد الطريق أمام القاطن السابق للبيت الأبيض ليصبح، دون منازع، مرشح الحزب خلال الاقتراع المقبل.

ووفق مذكرة التفتيش التي تم تعميمها، فإن عملية مكتب التحقيقات الفيدرالي تهدف إلى إعادة وثائق في غاية السرية ترتبط بالأمن القومي أخذها الرئيس السابق، في انتهاك محتمل لقانون التجسس.

الأمر كان كافيا لإثارة حفيظة الجمهوريين وأنصار ترامب، تتمثل في الدعوات من أجل التمرد والحرب الأهلية، وتوجيه التهديدات ضد العملاء بالكشف عن بياناتهم الشخصية على شبكات التواصل الاجتماعي.

ولم تزل القضية تثير ردود فعل عدائية، بل عنيفة، من قبل أنصار ترامب، الذين لم يتوان بعضهم عن الدعوة إلى “إلغاء تمويل” مكتب التحقيقات الفيدرالي، معتبرين أن الشرطة القضائية الفدرالية أصبحت أداة “مسي سة” في خدمة الديموقراطيين.

وبرأي العديد من الجمهوريين، فإن وزارة العدل تبحث، وقبل كل شيء، عن تقليص حظوظ ترامب خلال الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2024.

ووصف الرئيس السابق مداهمة الشرطة الفيدرالية ب”خطإ المدعي”، ليصل به الأمر إلى الحديث عن “عسكرة النظام القضائي”.

وأضاف ترامب “الأمر يتعلق بهجوم من ديمقراطيي اليسار المتطرف الذين يسعون جاهدين لمنعي من الترشح لرئاسيات 2022”.

زعيم الجمهوريين في مجلس النواب، كيفين مكارثي، كشف بالفعل الأوراق، من خلال التأكيد في تغريدة على “تويتر” عقب عملية المداهمة أنه “حين سيستعيد الجمهوريون السيطرة على المجلس، سنقوم بمراقبة فورية لهذا القطاع”.

من جهته، أكد العضو الجمهوري بالكونغرس، فيرن بوتشانان، أن الاستهداف السياسي يعد سمة “جمهورية الموز” (الدول غير المستقرة سياسيا)، وليس الولايات المتحدة، محذرا من أن جمهوريي مجلس النواب سيشددون المراقبة في السنة المقبلة.

وعلى الرغم من أن ترامب لم يعلن الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة ، إلا أن العديد من القادة الجمهوريين يعتبرون أن مداهمة الشرطة الفيدرالية لمقر إقامته تستهدف، بالدرجة الأولى، تهميشه خلال الاقتراع المقبل، داعين الرئيس السابق إلى الإعلان عن نيته الترشح لولاية جديدة.

يؤكد النائب بمجلس الشيوخ عن كارولاينا الجنوبية، ليندسي غراهام، في تصريح ل”فوكس نيوز”، “كنت أعتقد أنه سيترشح قبل الآن، أما الآن، فأنا أكثر اقتناعا بذلك”.

وفي مواجهة هذا الوضع غير المسبوق في تاريخ الولايات المتحدة، يجد مكتب التحقيقات الفيدرالي نفسه في قلب العاصفة.

ففي نشرة مشتركة، أبرز المكتب ووزارة الأمن الداخلي أن عدد التهديدات ضد الموظفين ارتفع بشكل كبير، وتشمل على الخصوص دعوات إلى شن الحرب الأهلية وحمل الأسلحة.

كما رصدا تزايد التهديدات في حق قوى الأمن الفيدرالي، وبشكل أقل، باقي ممثلي قوات الأمن والحكومة، وذلك عقب تنفيذ المكتب لمذكرة التفتيش في بالم بيتش في فلوريدا.

وقد وصل الأمر إلى نشر معطيات شخصية لبعض عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي على شبكة الأنترنت.

وخلال الأسبوع الماضي، حاول شخص مهاجمة مكتب التحقيقات الفيدرالي في سينسيناتي. وأياما بعد ذلك، تجمع متظاهرون مسلحون أمام مقرات المكتب في فينيكس بأريزونا.

في صفوف الديمقراطيين، لا يتم التواني عن التأكيد على أن لا أحد فوق القانون، “وإن تعلق الأمر برئيس سابق”، تقول الرئيسة الديمقراطية لمجلس النواب، نانسي بيلوسي، والتي تعد بمثابة أشرس خصوم الرئيس السابق.

وقالت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، إن الرئيس بايدن لم يكن على علم بمذكرة التفتيش التي جرى تنفيذها في “مار إي لاغو”.

وأضافت أن الرئيس بايدن كان واضحا للغاية قبل انتخابه ومنذ بداية ولايته، حول استقلالية وزارة العدل في إجراء تحقيقاتها مؤكدة أن الرئيس يؤمن بسيادة القانون.

وينص قانون السجلات الرئاسية على وجوب إعادة جميع الوثائق الرسمية للرئيس الحالي إلى الأرشيف الوطني عند مغادرته، كما أن قانون الولايات المتحدة يحظر على أي شخص الاحتفاظ بوثائق سرية، وتصل العقوبة إلى السجن.

هذه القضية، زادت من توسيع الهوة في صفوف مجتمع أمريكي متسم أصلا بانقسام كبير. وبرأي الخبراء، فإن مدى تأثيرها السياسي لن يظهر إلا من خلال نتائج انتخابات التجديد النصفي. في انتظار الحكم في نونبر المقبل إذن.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد