زنقة 20. الدارالبيضاء
أصبح المغرب يصنع أكثر الأجزاء تعقيداً في جسم طائرات الإيرباص A220.
وشرع المغرب بشكل رسمي في تسليم أول أجزاء جسم طائرة إيرباص A220، أمس الإثنين 27 يونيو 2022، بمقر الشركة المصنعة “Spirit AeroSystems”، المتواجدة بالنواصر نواحي الدار البيضاء.
ويُعد تصنيع قطعة الطيران الأمامية والخلفية لطائرة إيرباض A220 التي تشرف عليها الشركة، بمثابة خطوة أولية لتصنيع كل أجزاء الطائرة التي تعرف إقبالا كبيرا من مختلف بقاع العالم.
واحتفلت الشركة الرائدة عالميا في تصنيع هياكل الطائرات للطيران المدني والعسكري، Spirit AeroSystems، أمس الاثنين بالدار البيضاء بالإطلاق الرسمي لإنتاج مكونات جسم طائرة “إيرباص A220″، في موقعها بشمال إفريقيا الذي تبلغ مساحته 25.000 متر مربع وتم توسيعه مؤخرا في “ميدبارك”.
ويسير صناعة الطيران في المغرب قطاع بسرعة فائقة نحو نمو غير مسبوق .. حقيقة ملموسة تتأكد يوما بعد آخر بالنظر لما يشهده هذا القطاع من تحولات عميقة بالاعتماد على التكنولوجيا الدقيقة.
آفاق واعدة، قيمة مضافة في مجال الاستثمار، ومثلها في منتوج هذه الصناعة المدرجة ضمن خانة المهن الجديدة التي تتطلب موارد بشرية مؤهلة تأهيلا عاليا في مجالات دقيقة، وهو ما نجح المغرب فيه فعليا من خلال التكوين الذي توفره معاهد متخصصة.
كل هذه المكاسب في مجال صناعة الطيران تنضح بقيمة مضافة على جميع المستويات والأصعدة .. معطى أساسي جعل المغرب قبلة لأكبر المجموعات الصناعية الكبرى المتخصصة في مجالات إنتاجية رفيعة.
وبلغة الأرقام، التي تم تعميمها بمناسبة زيارة رئيس الحكومة السيد عزيز أخنوش لقطب صناعة الطيران بالنواصر (ضواحي الدار البيضاء) يوم 22 يونيو الجاري، فإن قطاع صناعة الطيران بالمغرب، الذي يعد قطاعا تكنولوجيا بقيمة مضافة عالية، يشغل أكثر من 20000 شخص نشيط بالمغرب، في 142 مقاولة ( نسبة النساء تصل إلى 37 في المائة).
كما يشهد القطاع مستوى اندماج يفوق 40 في المائة، ويحقق معدل نمو سنوي بلغ 17 في المائة ( خلال الفترة 2017-2020)، فضلا عن بلوغ رقم معاملات يصل إلى 20 مليار درهم.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، فإن الدينامية الكبيرة التي يشهدها هذا القطاع هي التي دفعت المجموعة الرائدة (سافران ناسيل موروكو) إلى توسعة موقعها الخاص بإنتاج حاضنات محركات الطائرات، على مستوى مصنعها بالنواصر، بمساحة تصل إلى 6000 متر مربع.
وما كان لهذه المجموعة العالمية الكبرى أن تقدم على هذه الخطوة الكبيرة لولا التطور المتواصل على مستوى تقوية المهارات ورفع التنافسية وخلق القيمة المضافة وإنتاجات استثنائية، بالنسبة لهذه المجموعة التي أطلقت أنشطتها بالمغرب قبل حوالي 16 عاما.
وبالعودة إلى تاريخ هذه الصناعة في المغرب، فإن قطب صناعة الطيران بالنواصر، يعد أول قطب لهذه الصناعة التي انطلقت بالمغرب منذ 20 سنة بتوجيهات سامية من الملك محمد السادس.
وبين ذلك التاريخ والوقت الراهن جرت مياه كثيرة تحت وفوق جسر صناعة الطيران بالمغرب ، فكانت الحصيلة تدفق استثمارات هائلة صوب المملكة ترسم آفاقا واعدة تنتظر قطاع صناعة الطيران، وهو ما أكده تحديدا رئيس الحكومة خلال زيارته لقطب صناعة الطيران بالنواصر، لافتا إلى أن هناك شركات عالمية كبرى مستعدة لمواصلة هذا المسار الصناعي المهم الذي سطره صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وفي التفاصيل أشاد رئيس الحكومة بالتقدم السريع والنوعي للأنشطة الصناعية بهذا القطب، الذي بات وجهة جذابة للمستثمرين، كما ثمن الزخم الذي تعرفه هذه الصناعة، وفق ما تعكسه نتائج القطاع، التي تفوق ما سجل في سنة 2019 قبل جائحة كوفيد 19، وهو ما يبرز المكانة البارزة التي تحظى بها المملكة في مجال صناعة الطيران عالميا.
ومادام تكوين الموارد البشرية هو عماد هذه الصناعة، فإن معهد التكوين في مهن الطيران ( IMA) يضطلع بدور كبير في توفير شباب مؤهلين بشكل عال قادرين على مواكبة التطورات التكنولوجية السريعة التي يشهدها هذا القطاع.
ومكن هذا المعهد الذي يعد ثمرة شراكة بين القطاعين العام والخاص، من تدريب 12000 شخص وتطوير مهاراتهم، من أجل الاستجابة لاحتياجات صناعة الطيران محليا.
قطب صناعة الطيران بالنواصر يعد إذن مفخرة مهمة بالنسبة للمغرب ، فهو يضم مناطق ووحدات عديدة متخصصة في صناعة مختلف أجزاء الطائرات بما فيها الأجزاء الدقيقة التي تتطلب مهارات كبيرة وتكنولوجيا دقيقة.
من ذلك منطقة ميد بارك الصناعية الممتدة على مساحة 128 هكتارا، والتي تعد منطقة حرة تقدم خدمات متعددة في مجال صناعة الطيران والصناعات التكنولوجية والتقنيات المبتكرة ذات القيمة المضافة العالية.
قطاع صناعة الطيران بالمغرب بعد جائحة كوفيد 19، يشق طريقه نحو آفاق واعدة وذلك من أجل تعزيز مكانته كمنصة صناعية مرجعية على المستوى الإقليمي القاري، وهو ما يؤكد المكانة البارزة التي تحظى بها المملكة في مجال صناعة الطيران عالميا.
ويبقى بيت القصيد في تطور هذه الصناعة هو الدفع بعجلة أنشطتها إلى أقصى الحدود حتى تكون قادرة على رفع تحدي المنافسة الدولية، وتكون أيضا عاملا أساسيا من عوامل التنمية الشاملة في البلاد.