زنقة 20. فاس / روبورتاج
تُشكل جهة فاس مكناس، قطبا سياحيا بامتياز بعبق التاريخ الممتد، فهذه الجهة تجمع بين مدينتين لهما مسار سياسي وثقافي متجذر ، وتختزلان أسرار التاريخ المغربي الأصيل. لهما وزن تاريخي وسياس وسياحيي، نحن أمام عاصمتين للمملكة، العاصمة العلمية للمغرب فاس والعاصمة الإسماعيلية مكناس.
فاس.. العاصمة العلمية والروحية للمملكة
تعتبر مدينة فاس من أكبر وأعرق حواضر المملكة. تأسست على يد إدريس الثاني الذي جعلها عاصمة الدولة الإدريسية بالمغرب، حيث احتفلت المدينة سنة 2008 بعيد ميلادها ال1200. وتنقسم فاس إلى 3 أقسام، المدينة القديمة، وفاس الجديد وقد بنيت في القرن الثالث عشر الميلادي، والمدينة الجديدة التي بناها الفرنسيون إبان فترة الاستعمار الفرنسي.
تشكل مدينة فاس جزء أساسيا من التراث الوطني المغربي والإنساني العالمي ويعود تاريخ مدينة فاس إلى القرن الثاني الهجري، عندما قام إدريس بن عبد الله مؤسس دولة الأدارسة عام 172 هـ الموافق لعام 789 م ببناء مدينة على الضفة اليمنى لنهر فاس.
معالم أثرية تشكل عامل جذب للسياح المغاربة والأجانب
تشتهر مدينة فاس بمعالمها الأثرية والتاريخية التي تجسد عراقتها، و تضفي عليها ملامح مدينة سياحية تجلب أعدادا كبيرة من السياح المغاربة والأجانب…
وتشتهر المدينة بأبوابها، أشهرها : باب أبي الجنود ، باب الفتوح، باب الخوخة، باب المحروق، باب الحديد، باب الدكاكين، باب المكينة، باب البرجة، باب السمارين، باب جبالة، باب الكيسة، باب سيدي بوجيدة، باب شمس، باب زيات.
فاس العاصمة العلمية والروحية
تقترن مدينة فاس بأحد أعرق وأقدم المؤسسات العلمية وهو جامع القرويين الذي أسسته السيدة فاطمة بنت محمد الفهري عام 245 هـ / 859 م بعد تأسيس المدينة بواحد وخمسين عاما. وكان هذا الجامع الفريد في بنائه وهندسته يضاء في عصوره الأولى بـ (509) مصباحا قائما فوق قواعد قد يزيد وزنها على (700) كيلوجراما. وتعتبر جامعة القرويين في العصر الحديث ثاني أقدم جامعة ثقافية في العالم بعد جامع الزيتونة بتونس (116 هـ 736 م)، حيث تخرج منها بعض علماء الغرب، وفيها تعلم جربرت دي لوفرينه الثاني الذي أصبح فيما بعد سلفستر الثاني. وفيها تعلم (الصفر العربي) في علم الحساب وهو الذي نشر ذلك في أوروبا.
كما درس في جامع القرويين أيضا ابن الشيخ الفيلسوف الرئيس موسى بن ميمون اليهودي القرطبي الذي كان من أعظم الأطباء في عصره، والذي غادر الأندلس إلى المشرق وعين طبيبا لصلاح الدين الأيوبي ثم عين مدرسا بالقاهرة.
مسجد الاندلسيين
بني هذا المسجد سنة 859-860م من طرف مريم أخت فاطمة الفهرية، لكن تصميمه الحالي يعود في مجمله إلى فترة حكم الناصر الموحدي. وقد عرف إضافة نافورة ماء وخزانة في العهد المريني. خلال الفترة العلوية قام السلطان المولى إسماعيل بعدة إصلاحات.
أسوار فاس البالي
تعود الأسوار المحيطة بفاس البالي إلى فترة حكم الناصر الموحدي (1199-1213م). لكن الأبواب التي تخترقها تحمل أغلبها أسماء تعود إلى فترة حكم الأدارسة والزناتيين (باب الفتوح، باب الكنيسة، باب الحمرة، باب الجديد).
المدرسة البوعنانية
تعد هذه المدرسة التي أسسها السلطان أبو عنان المريني ما بين 1350-1355، من أشهر مدارس فاس والمغرب فبالإضافة إلى دورها كمؤسسة لتعليم وإقامة الطلبة، كانت تقام فيها صلاة الجمعة. وهي تتوفر على صومعة جميلة البناء والزخرفة إضافة إلى ساعة مائية (مكانة) تقنية تشغيلها مجهولة.
مدرسة العطارين
تعد مدرسة العطارين، الواقعة شمال جامع القرويين في فاس، من أجمل المدارس المغربية على رغم صغر مساحتها، بسبب زخارفها البديعة التي تجعل منها تحفة عمرانية نادرة. أمر بتشييدها السلطان المريني أبو سعيد عثمان ما بين 123م. ويقال أنه أشرف شخصيا على تأسيسها في البداية. وتتألف هذه المدرسة من صحن مكشوف فيه حوض ماء، تحيط به قاعة للصلاة مربعة الشكل وصالات معدة لاستقبال الطلاب والأساتذة. وتختصر زخرفة الجدران التي تحف بالصحن المكشوف جميع التقنيات التي اعتمدها فنانو المغرب في تزيين صروحهم، وقد أظهروا براعة كبيرة في التعاطي مع المواد المختلفة وأهمها الخشب والحجر والفسيفساء الخزفية المعروفة بالزليج، والجفصين…
البرج الشمالي
بني هذا الحصن الذي يتواجد شمال فاس البالي سنة 1582م من طرف السعديين. ويستمد تصميمه من القلاع البرتغالية التي تعود إلى القرن 16م. وهو يحتضن حاليا متحف الأسلحة.
فندق وسقاية النجارين
تعود هاتان المعلمتان اللتان تطلان على ساحة النجارين إلى القرن 18م. وتشهد هندستهما وزخارفهما على الأسلوب الجديد الذي ميز الهندسة المعمارية الفاسية مع بداية الفترة العلوية. في سنة 1997م احتضن فندق النجارين متحف فنون الخشب.
بني هذا القصر الذي هو عبارة عن إقامة صيفية معدة للاستقبالات الملكية، من طرف السلطان مولاي عبد العزيز سنة 1897 وقد تم تحويله سنة 1915 إلى متحف جهوي للفنون والعادات.
تراث إنساني عالمي
صنفت مدينة فاس ثراثاً إنسانياً عالمياً منذ سنة 1981، حيث أصبحت مقصدا وفضاء لعقد عدد من التظاهرات الدولية والوطنية في هذا المجال، وندكر منها المؤتمر الدولي لمدن الثراث العالمي سنة 1993، والمؤتمر العربي للمدن التاريخية العربية الإسلامية.
مكناس: العاصمة الاسماعيلية
تقع مدينة مكناس على بعد 140 كلم شرق العاصمة الرباط، وهي أحد قطبي جهة فاس مكناس. وتمتد بين فضاءين جبليين: بدايات الريف في شمالها والأطلس المتوسط جنوبا. ولاية مكناس مقسمة إلى عمالتين: المنزه والإسماعيلية وتضم 21 جماعة من بينها 15 جماعة قروية.
التأسيس…
تأسست من طرف قبيلة مكناسة (إمكناسن) الأمازيغية والتي أجزم بعض المؤرخين بكونها قبيلة المکنيتيين التي ذكرت في النصوص الإغريقية واللاتينية أنها استوطنت مدينة وليلي والأطلس المتوسط. ويؤرخ البعض تأسيس المدينة بالقرن الرابع قبل الميلاد، فيما يرجع الزياني البدايات الأولى لهذا التأسيس إلى فترة ما قبل الإسلام دون أن يحسم في التدقيق الزمني ويشاركه الرأي صاحب الاستقصا بتصنيفه مدينة مكناس ضمن الأمصار القديمة بأرض المغرب بناها البربر قبل الإسلام.
تعد مدينة مكناس إحدى حواضر المغرب الشهيرة خلال العصور الإسلامية، برزت في عهد الأدارسة، ورأت النور واصبحت حاضرة خلال القرن العاشر الميلادي في عهد المرابطين، وظلت مدينة مهمة وحاضرة كبرى في عهد الموحدين والمرينين.
عرفت المدينة إثر بيعة المولى إسماعيل أهم مرحلة في التوسع العمراني، إذ اتخذها عاصمة لملكه وجعلها تتبوأ مراكز الصدارة من بين الحواضر المغربية.
كان طموح المولى إسماعيل هو أن يجعل مكناس مدينة تضاهي العواصم الأوربية، حتى أنها وصفت بفرساي المغرب مقارنة مع فرساي الملك لويس الرابع عشر المعاصر للمولى إسماعيل وقد عرفت المبادلات و السفارات بين العاهلين شأوا كبيرا آنذاك.
المآثر الاسماعيلية
تشتهر مكناس بمآثرها الإسماعيلية كباب الرايس والبردعيين، باب جديد، باب الخميس،باب منصور لعلج، هري المنصور، مربط الخيول،وصهريج الصواني،قصر المنصور،الدار الكبيرة، ساحة الهديم،فضلًا عن المدينة العتيقة وجوامعها ومآذنها العديدة وأضرحتها وزواياها. لقد استحقت المدينة بما تحضنه من مآثر تاريخية هامة أن تسجل لدى منظمة اليونيسكو في قائمة التراث العالمي سنة 1996.
المعالم الأثرية
يعد باب منصور الضخم من أعظم آثارها التي تدهش السياح والمشهور بنقوشه الفسيفسائية وبالقصر الملكي بأسواره العتيقة وضريح مولاي إسماعيل، ومسجد بريمة، وسيدي عثمان، والقصر الجامعي الذي يعد متحفا للفن المغربي.
أبرز الأماكن
سيدي بوزكري: وتتواجد بها المنطقة الصناعية فهي العمود الاقتصادي للمدينة.
حي وادي الذهب: من الأحياء القديمة بمدينة مكناس ويقع حي وادي الذهب بمنطقة سيدي بوزكري مكناس المسمى سابقا القشلة والذي يقع في تماس مع الطريق الوطنية رقم 21 و السوق الأسبوعي وهو حي يسكنه أسر الجنود المتقاعدين ويقابل القصر البلدي مكناسة الزيتونة.
حمرية: المنطقة التجارية الحديثة بالمدينة وتسمى كذلك بالمدينة الجديدة وقد شيدت أول بناياتها اثناء فترة الاستعمار الفرنسي للمغرب وأهم هاته البنايات نذكر عمارة بيرنار، عمارة الزموري، القصر البلدي، عمالة مكناس، محكمة الاستئناف، السوق المركزي، سينما كاميرا، سينما امبير، سينما ريجان، سينما أ ب س، الكنيسة الكاثوليكية، المعهد الفرنسي، المركز اللغوي الأمريكي والمعهد الموسيقي.
ساحة الهديم العتيقة
تشتنهر مكناس بأحد أشهر ساحاتها، ساحة الهديم التي ترتبط بالمآثر التاريخية التي تؤثث أطرافها، كباب المنصور العلج الذي يعد الباب الرئيسي للقصبة الاسماعلية، ومنه استنبطت تسميتها ووظيفتها الأولية كمشور للقصور السلطانية.
وتقول المصادر التاريخية، إن ساحة الهديم، شهدت مختلف أنواع الاحتفالات والاستعراضات خاصة منها العسكرية. كما تم استغلالها كذلك كفناء كبير في إقامة تظاهرات دينية، ثقافية ورسمية بحضور السلاطين والأعيان. بينما كانت تحتضن في سائر الأيام السوق الأسبوعي. ومنذ ذلك التاريخ وهي تعد رمزا للمدينة.
تعرف ساحة الهديم في الوقت الراهن حيوية كبيرة، إذ صارت فضاء شعبيا للفرجة والترفيه واستعراض فن الحلقة، تجذب السكان المحليين وتستقطب السياح للاستمتاع بمشاهدة عروض فنية وثقافية ورياضية إلى غير ذلك من مظاهر الفرجة الشعبية، بألإضافة إلى تضمنها محلات لبيع التذكارات من بينها الفخار التي تعرف به المدينة.
المدينة القديمة
و هي أول منطقة تشيد في مكناس ابان فترة حكم المرابطين وقد طورها كل من الموحدين والمرينيين إلى حلول السلطان العلوي المولى إسماعيل الذي شيد بها العديد من المعالم الرائعة التي لا زالت اغلبها حاضرة إلى يومنا هذا وقد احاط المولى إسماعيل مدينة مكناس باسوار شامخة تصل مسافتها إلى 44 كيلومتر وقد تقلصت إلى 37 كيلومتر فقط في وقتنا الراهن.
جامع الزيتونة
الذي يعتبر من أقدم مساجد مكناس والمغرب بصفة عامة، والذي ما زال محتفظا بطابعه الاصلي
ومن بين أشهر معالم المدينة أيضا، المدرسة البوعنانية التي خرجت المئات من العلماء والمقرئين والدعاة، وقصر السلطان إسماعيل العلوي: وهو الآن عبارة عن ضريح للسلطان المذكور وعائلته الملكية وقد دفن جواره كل من السلطان المولى عبد الله ابنه والسلطان محمد بن عبد الله حفيذه.
من ضمن معالم المدينة كذلك، قصر البيضاء، قصر الدار الكبيرة، قصر دار الجامعي، سجن قارة، صهريج السواني، هري السواني، قبة السفراء، باب المنصور العلج، باب مراح، باب البردعين، باب الحجر. حي سيدي عمر: الذي يعتبر من أقدم الأحياء في العاصمة الإسماعيلية مكناس،
مساجد تاريخية
تشتهر مكناس، كذلك، بمساجدها، مثل مسجد السلطان سيدي محمد بن عبد الله (مسجد الأزهر)، ومسجد مكناس الكبير، مسجد الزيتونة، مسجد لالة عودة، مسجد النجارين: و هو أول مسجد أسس بمدينة مكناس عقب تشييدها من طرف الدولة المرابطية وهو مسجد متوسط المساحة يقع بدرب النجارين غرب المدينة العتيقة لمكناس وقد سمي بهذا الاسم لتموقعه بحي النجارين الذي كان حيا تمارس فيه حرفة النجارة سابقا.
المسجد الأعظم: أو الجامع الكبير كما يسميه أهل مكناس وهو أكبر مسجد بالمدينة القديمة وثاني أكبر مسجد بمدينة مكناس.
مسجد لالة عودة: و هو من المساجد الكبيرة لمدينة مكناس يقع جنوب المدينة القديمة بالقصبة المرينية.
مسجد الزيتونة: و هو مسجد كبير شيئا ما يقع شرق المدينة القديمة لمكناس أسس في الفترة العلوية على يد السلطان المولى اسماعيل و في سنة 2010 تم ترميم المسجد وتجديد مئذنته حيث تم اسقاطها وإعادة بنائها مع مراعاة معمارها التقليدي الأصيل ليفتح المسجد في وجه المصلين خلال شهر يوليوز من عام 2016 مرمما ومصلوحا على أكمل وجه بعد 6 سنوات من الإغلاق.
مسجد خناتة بنت بكار: و هو مسجد متوسط المساحة أسس هو الآخر على يد السلطان العلوي المولى إسماعيل و سماه بهذا الاسم تخليدا لزوجته خناتة بنت بكار و هي فقيهة وعالمة في الدين من حافظات القرآن ومن النساء اللواتي اجتهدن في تفسير القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف ويسمى كذلك بمسجد باب البرادعيين لتموقعه مباشرة بعد باب البرادعيين.
مسجد السلطان سيدي محمد بن عبد الله: و هو مسجد كبير جامع أسس سنة 1189 للهجرة على يد السلطان العلوي محمد الثالث بن عبد الله و هو يقع بحي الروى جنوب مكناس ويعتبر صحن هذا المسجد أكبر صحون مساجد المدينة نظرا لشساعته.
و من المساجد التاريخية لمكناس نذكر أيضا مسجد سيدي قدور العلمي، مسجد التوتة، مسجد الصابة، مسجد الزرقاء، مسجد سيدي سعيد و غيرها…