بين العفوية والاتقان. هذه وظائف ورسائل صُور المَلك على الفيسبوك

زنقة 20 . الرباط

اعتبر الباحث المغربي “عُمر الشرقاوي” أن “عملية اختيار الصور الملكية تهدف إلى إرسال رسالة بعينها، أو بث معنى محدد، فزاوية اللقطة وحدودها وشخوصها وهيئة الملك ولباسه والسياق الذي تبث فيه ووقت البث ومناسبته، كلها عناصر تتوخى إحداث مفعول مقصود او غير مقصود في ذهن المتلقي خصوصا المواطن المغربي.

ويُضيف الباحث “الشرقاوي” أن “وثيرة التقاط الملك لصور عفوية ارتفعت خلال نشاطاته الرسمية أو تحركاته الخاصة، ويبدو ان الأمر اصبح موضوعا للمناقشات والتداول السياسي بسبب تكراره وأخذه حيزا معتبرا ضمن السلوك الملكي.

وحسب “الشرقاوي” فان “الصور الملكية رغم عفويتها ليست محايدة، بل هي رسالة ذات اهداف، وقوتها تكمن في انها قادرة على إخفاء ذلك. لا يهمنا ماهي عناصر الصورة وهندستها السيميائية وكيف تم إخراجها لكن المهم هو الجواب عن سؤال ” ماذا تقول الصورة بكل حمولة العفوية والمخطط لها؟” و ” كيف تقول الصورة ما تريد؟.

واعتبر “الشرقاوي” في تدوينة فيسبوكية، أنه ومن خلال قراءة لعشرات الصورة المبثوثة على مواقع التواصل الاجتماعي، يبدو أنها تحمل العديد من الوظائف الظاهرة والخفية مصرح بها والمسكوت عنها، يمكن إجمالها وفق الآتي:

1- الوظيفة الإخبارية: فالصورة اصبحت أهم و أنجح مصدر لاخبار المغاربة بتحركات ملكهم وتزويدهم بالمعلومات عن نشاطاته الرسمية والخاصة، فلم يعد الكثير يستقي المعلومات المرتبطة بجلالة الملك من الديوان الملكي وعبر ناطقه الرسمي بل من ما تحمله الصور البسيطة والعفوية للملك والتي تتميز بسرعة البث والاطلاع والدقة المتناهية في إعطاء التفاصيل و بالتالي وضعت الصور المغاربة في قلب الخصوصيات الملكية بدل انتظار التعبير اللفظي المسموع او المرئي عبر البيانات أو الأخبار.

2- الوظيفة الاتصالية:

حينما غامر المثل الصيني بالقول ان الصورة تعادل الف كلمة فقد كان محقا وزيادة، فالصورة لا تحتاج إلى مصاحبة لغوية كي تنفذ إلى إدراك المتلقي , فهي بحد ذاتها خطاب تواصلي ناجز مكتمل يخترق عقول وقلوب الصغار و الكبار.

لذلك فالقوة التواصلية للصور الملكية تكمن في أنها تخاطب كل المغاربة المتعلم والأمي، الصغير والكبير، وتكسر حاجز الايديوليوجيا واللهجات والانتماءات الدينية والجغرافية، لذلك فهي الأوسع انتشاراً لأنها ترتبط بشيء ملموس ومحسوس ومحدد بشكل بسيط لا يتطلب التأمل وإشغال الذهن لتلقيها والاحتفاظ بها خصوصا وان الدراسات اثبتت أن الناس يتذكرون 10% فقط مما يسمعون , و30% فقط مما يقرؤونه , في حين يصل نسبة ما يتذكرونه من بين ما يرونه إلى 80% .

3- الوظيفة السياسية :

من الصعب اليوم على أي نظام سياسي كيفما كانت متانة شرعيته السياسية والدينية والتاريخية والدستورية، ألا يوظف الصورة في عمليات هاجس البناء الدائم والمتجدد للشرعية السياسية، بل هي اليوم، أداة خصبة وفعالة لإثبات وتسويق الرابط القوي بين المغاربة وملكهم فالصورة لا تكذب كما يقال.

فالصورة التي تلتقط للملك مع مغاربة المهجر تعبر عن أهمية “الشرعية الوطنية الخارجية” المتأتية من الأهمية الإستراتيجية الناجمة عن “وظيفة” أو “الدور” الذي تؤديه الجالية في خدمة في دعم واستقرار النظام السياسي.

وفضلا عن وظيفة توسيع مصادر الشرعية فقد اصبحت لحظات التقاط الصور مع الملك بمثابة فرص وسيطة لانها تساعد على إحاطة المواطنين الملك بشكل مباشر ببعض المطالب الشبه السياسية والشخصية والاجتماعية والتنموية والتي تعرف في معظمها طريقة سريعة وفعالة للحل وتجاوز نفق التأجيل او الإهمال الذي تصادفه داخل ردهات الإدارة أو بسبب تعسف بعض المسؤولين.

4- الوظيفة العاطفية :

فمن ميزات الصور الملكية الملتقطة مع مواطنيه داخل البلد أو خارجه أنها تجسد لغة مليئة بالإشارة وحركات الجسد وأحواله التي اظهرت منسوبا كبيرة من الحميمة المشبعة بالعواطف والانفعالات بين الملك والمغاربة خصوصا أولئك المتواجدين بالمهجر. ووثقت المئات من الصور شخصية الملك بساطته وسعادته وعفويته الواضحة خلال التقاطها مع المغاربة على خلاف صرامة المشاهد التي تنقلها الصور الرسمية.

5- الوظيفة الديبلوماسية :

غالبا ما يجرى طقس الصورة الملكية ضمن إطار مكاني خارجي عن التراب الوطني مع أبناء الجالية المغربية، ولئن كانت مثل هاته اللحظات مكثفة بالرمزيات السياسية والدينية والتاريخية فإنها لا تخلو من وظائف ديبلوماسية تتوخى إظهار نوع من الإجماع والولاء الذي يسود العلاقة بين الملك ومغاربة المكلفين بنقل الصورة الايجابية والجيدة عن وطنهم وشعبهم لدول العالم التي يقيمون بها.

6- الوظيفة الأمنية :

عادة ما يلتقط العاهل المغربي صورا مع مواطنيه بشكل مفاجئ ومتجردا من كل مظاهر البروتوكل ومتحررا من كل الاحترازات الأمنية الثقيلة، ومع ما تحمله جرأة الملك وشجاعته من خطر صادر من أي عابث إلا ان الصور أظهرت ان أكبر مصدر لأمن الملك وسلامته هو جدار الحب والاحترام والولاء الذي يكنه المغاربة لعاهلم.

وخلافًا لزعماء وقادة آخرين ممن يخشون اتخاذ مثل هذا التصرف، فقد أظهرت صور العاهل مع حشد من المغاربة في مختلف مناطق العالم شجاعة حقيقية لا تعير أدنى اهتمام للترتيبات الأمنية.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد