عبارة “المغرب العربي” في الخطاب الملكي
بقلم : أحمد عصيد
ما اعتبره البعض تناقضا بين الحديث في خطاب ملكي عن “التاريخ الأمازيغي الطويل للمغرب” وفي نفس الوقت عن “المغرب العربي” العبارة الاختزالية التي لا تعترف بذلك التاريخ العريق، يعود إلى مشكلة طالما نبهنا إليها من قبل، وهي التفاوت الموجود بين السياق المغربي الداخلي وبين السياق المغاربي الإقليمي فيما يخص المعجم السياسي المعتمد، فمن المعلوم أن عبارة “المغرب العربي” هي التسمية الرسمية التي اتفق عليها رؤساء البلدان الخمسة بعد نقاش مستفيض تحفظ خلاله الملك الراحل الحسن الثاني على التسمية التي اقترحها وتشبث بها العقيد الليبي معمر القذافي، بل إن هذا الأخير هدّد آنذاك بالانسحاب من قمة مراكش في حالة عدم تبنيها، وقد عبّر الملك الحسن الثاني عن تحفظه في خطاب رسمي موجه للمغاربة، حيث قال “رغم تحفظي على هذه التسمية”.
وقد عاد مشكل التسمية للظهور مرة أخرى عندما شرعت بعض الدول المغاربية في تعديل دساتيرها والاعتراف باللغة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد، حدث هذا في المغرب والجزائر، حيث عمد المغرب إلى تغيير التسمية بعبارة “الاتحاد المغاربي” و”المغرب الكبير” ما جعل السيد سعد الدين العثماني بصفته وزيرا للخارجية في اجتماع مع نظرائه المغاربيين يطالب بعدم استعمال عبارة “المغرب العربي” بسبب طابعها الاختزالي والإقصائي، وهو ما رفضه وزراء كل من تونس وليبيا وموريتانيا معتبرين أن التسمية الرسمية للاتحاد هي “المغرب العربي” التي تم تبنيها في المؤتمر التأسيسي، ومعنى هذا أن تغيير التسمية رسميا لا يمكن أن يكون إلا داخل أجهزة الاتحاد. وهذا بحاجة إلى ديناميتين اثنتين: تطور التجارب الديمقراطية للبلدان المغاربية الأخرى حتى تلتحق بركب الاعتراف بتنوعها الثقافي واللغوي، وتطور المرجعيات الدستورية لهذه البلدان عبر تعديلها للعبارات التي لا تطابق واقع بلدانها، وهو ما لم يحدث حتى الآن، بل حدث خلافه تماما مع كثير من التشدّد الإيديولوجي في تونس وليبيا.
أما على المستوى الوطني الداخلي في بلادنا فإن المرجع هو دستور البلاد، الذي لم يعد يُقر عبارة “المغرب العربي”، فصار لزاما على المسؤولين والخطاب الرسمي عموما أن يلتزموا بمضمون الدستور، ويبدو أن الذين حرّروا خطاب الملك بمناسبة 20 غشت قد اعتبروا أن كلامه في تلك الفقرة موجّه للجزائر وللبلدان المغاربية الأخرى فتعمدوا استعمال العبارة الرسمية القديمة للاتحاد، لكنهم أخطأوا لأن السيادة المغربية تقتضي أن يكون الخطاب الرسمي مطابقا قبل كل شيء لدستور البلاد. وموجها قبل أي كان إلى المغاربة.