زنقة20 . فراسن 24
7 سنوات بعد آخر تعديل دستوري أجراه الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في 2008، كشفت الرئاسة الجزائرية هذا الأسبوع عن مشروع دستور جديد يعزز مجددا سلطات الرئيس دون المرور باستفتاء شعبي.
وأهم ما جاء فيه هو عودة البلاد إلى تحديد عهدة الرئيس باثنتين فقط وإقرار الأمازيغية لغة رسمية ثانية بعد العربية. تعديلات جديدة على الدستور الجزائري، وعد بها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في بداية عهدته الرابعة في 2014، كشفت عنها الرئاسة الجزائرية الثلاثاء وستعرض الشهر الجاري على مجلس الوزراء.
ويقدمها بعد ذلك الرئيس بوتفليقة الذي يحكم البلاد منذ 16 عاما، على المجلس الدستوري الذي سيبدي رأيه حول الطريقة التي ستتم بها دراسة هذا النص والمصادقة عليه من قبل البرلمان: إما أمام البرلمان بغرفتيه دون مناقشة أو تعديل، أو كمشروع قانون عادي يمر عبر المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة.
الرئيس “الملك” الذي حكم 4 فترات رئاسية
وأهم التعديلات المدرجة في مشروع الدستور الجزائري الجديد هو تحديد عهدة الرئيس باثنتين فقط (5 سنوات لكل منهما) وعدم إمكانية مراجعة هذه المادة (74 من الدستور الحالي) في التعديلات الدستورية المقبلة.
ويلغي بذلك الرئيس الجزائري تعديلا دستوريا هاما أجراه هو شخصيا في 2008 عندما عدل المادة نفسها (74) وجعل بموجبها الترشح للرئاسة مفتوحاً بعدما كان لعهدتين فقط، ما أعطاه الضوء الأخضر وقتها للترشح في 2009 لعهدة ثالثة، وبعدها رابعة في 2014، رغم مرضه وعدم تمكنه من المشاركة في الحملة الانتخابية، وسط تنديد كبير من قبل المعارضة، ليصبح بذلك الرئيس الوحيد في تاريخ الجزائر الذي حكم البلاد لأربع عهدات على الأقل، ما جعل بعض المعارضين السياسيين يصفونه بـ”ملك الجزائر”.
كما نص مشروع الدستور الجديد على شروط جديدة يجب أن تتوفر في المترشحين لمنصب رئيس الجمهورية أهمها عدم حمله لجنسية ثانية، وإقامته عشرة سنوات متواصلة في الجزائر قبل ترشحه.
مشاورات غابت عنها المعارضة ويأتي مشروع الدستور الجديد حسب السلطات الجزائرية بعد مشاورات طويلة مع الأحزاب والشخصيات الوطنية والجمعيات، غابت عنها أطياف المعارضة الرئيسية، بدأت في 2014 غداة إعادة انتخاب بوتفليقة لعهدة رابعة.
وترأس هذه المشاورات رئيس ديوان الرئاسة رئيس الحكومة السابق أحمد أويحي، كما وعد بها الرئيس الجزائريين في 2011 عندما قام بجملة من الإصلاحات لمواجهة تداعيات الربيع العربي على الجزائر، والتي قال وقتها بأنها ستنتهي (الإصلاحات) بتعديل للدستور.
الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب العربية النقطة الثانية في مشروع الدستور الجزائري الجديد هي اعتبار الأمازيغية لغة رسمية إلى جانب اللغة العربية بعدما كانت مجرد لغة وطنية وفق التعديل الدستوري الذي حدث في 2001 ، مع إنشاء مجمع يكون تحت إشراف الرئيس مكلف بتوفير الشروط المطلوبة التي ستسمح باستخدام هذه اللغة التي يتحدث بها ملايين الجزائريين في الإدارة والمؤسسات الجزائرية كما هو الشأن مع اللغة العربية بسبب تعدد لهجاتها (القبائلية، الشاوية، التارقية…).
ويتم منذ 1995 تدريس اللغة الأمازيغية في بعض مناطق الجزائر التي تعتبر فيها اللغة الأم، لكن تطورها يواجه صعوبات، كما توجد قناة تلفزيونية حكومية وبرامج في القنوات الخاصة بهذه اللغة.
كما وسع مشروع الدستور الجديد من صلاحيات المعارضة البرلمانية، وترقية حقوق الأحزاب السياسية المعتمدة، وعدم حبس الصحفيين بسبب مهنتهم، ومنح مجلس الأمة صلاحية التشريع.
المعارضة ترفض مضمون المشروع رفضت غالبية الأحزاب السياسية المعارضة في الجزائرية مضمون المشروع الدستوري الجديد، حيث أعلن رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس في بيان أنه “من المؤسف أن يوظف الدستور من قبل النظام الحاكم لربح الوقت والهروب إلى الأمام في ظل مؤسسات غير شرعية” مضيفا “أن إرادة الشعب هي المصدر الوحيد لكل القوى، ومن غير المقبول أن يتم تعديل الدستور، في ظل الوضع الحالي … ودون استشارة الشعب عن طريق انتخابات حرة ونزيهة”.
حزب “التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية” الذي ناضل طويلا من أجل جعل الأمازيغية لغة رسمية، رحب بذلك، لكنه اعتبر أن “الدستور الجديد لن يحل مسألة شرعية المؤسسات ولا يلبي مطالب المعارضة”.
إسلاميو حركة “مجتمع السلم” اعتبروا المشروع الجديد “غير توافقي وغير إصلاحي”، ويجسد في نظرهم “استمرار طبيعة النظام السياسي الهجين الذي لا يشبه أي نظام دستوري في العالم، والذي يجعل رئيس الجمهورية يحكم ولا يتحمل المسؤولية”.