هل سنستخلص الدروس من أزمة كورونا أن ننتظر مرور العاصفة؟
بقلم الدكتور عبد السلام الصديقي / وزير سابق
هل سنتجه نحو استخلاص الدروس من الأزمة الصحية وإعادة النظر في الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الأساسية أم أننا على العكس، سننسى كلشيء بعد مرور العاصفة؟ سؤال يطرح نفسه في الوقت الذي تستعد فيه بلادناللخروج من الحجر الصحي ووضع مخطط للإنعاش بالنسبة للشهور والسنواتالقادمة.
-1-
إن جائحة كوفيد–19 جاءت لتذكرنا بواقع مر بالنسبة لأولئك الذينيتجاهلونه. حيث طفت على السطح نواقصنا وهشاشتنا المتعددة والتي كنانعرفها جيدا، لتصبح واضحة للعيان ويكفي أن نذكر برقم واحد له دلالة كبرى، ذلك أن نصف الساكنة تجد صعوبات من أجل البقاء.
ولكي تبقى بلادنا معبأة لمواجهة أي طارئ، وتجنبا لحدوث أي تصدع في الجبهة الداخلية،لا خيار لنا إلا التغيير. تغيير حقيقي، تغيير يشمل المنهجية والأهداف والأولوياتوالخروج من الأزمة من الفوق خروج حميد يقطع بصفة نهائية مع الممارساتالسابقة وعادات الماضي، فالبلاد لم تعد قادرة على تحمل كل هذهالفجوات.
فالدار بطوابقها المتعددة لم تعد صالحة للسكن باستعمالنا المعنىالمجازي “لماريا جسوس” (انظر الكتاب المشار إليه سابقا).
لأن نظريةالجريان “ruissellement“ التي تراهن على رش الطوابق السفلية من طرفأولئك الذين يسكنون في الطابق الأخير (وهو الأول اجتماعيا)، لا أساس لهامن الصحة، ولا وجود لها في الواقع، بل هي مجرد خدعه حقيقية.
-2-
وعليه، فإن الأزمة الحالية ينبغي أن ينظر إليها وتفهم كأنها نهاية لدورةتاريخية، مرحلة النيو-ليبيرالية الجامحة التي لم تعمل إلا على إغناء الأغنياءوتفقير الفقراء. هذا النظام الذي وضع على مقاس 10% هو الذي ينبغي وضعهفي الرفوف. إنه غير قادر على مواصلة السير وقد بلغ مداه.
إن الدولة لا يمكن لها أن تلعب دور الإطفائي وتتصرف حسب الاستعجال.عليها أن تهتم أساسا بما هو استراتيجي وتقوم بضبط الاقتصاد والمجتمع علىالمدى المتوسط والبعيد، تاركة لمختلف المتدخلين إمكانية التموقع حول ما هوآني، والدفاع، كل حسب أسلوبه، عن المصالح الفئوية التي يتبناها. فللدولة،بمفهومها الواسع، تتحمل لوحدها مسؤولية تحديد التوجهات الكبرى بالنسبةللسنين القادمة مع الأخذ بعين الإعتبار المستلزمات والتحديات التي أشرناإليها سابقا. وهنا تظهر مشكلة المنهجية.