الشرقاوي يكتب : حتى لا يتحول مجلس النواب الى قسم للكسالى والنقالين
بقلم : د. عمر الشرقاوي / أستاذ القانون الدستوري
عقد مجلس النواب اليوم الأربعاء، جلسة لمناقشة البيانات المتعلقة بجائحة كوفيد 19 التي قدمها رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان في إطار الفصل 68 من الدستور، ورغم أن النظام الداخلي لمجلس النواب سكت عن تنظيم جلسة مناقشة بيانات وتصريحات رئيس الحكومة على عكس ما ذهب إلى ذلك النظام الداخلي لمجلس المستشارين في مادته 273، إلا أنه قرر في ظل سيادة الفراغ القانوني عقد جلسة للمناقشة بناء على قرارين للمجلس الدستوري رقم 212 و 213 صدرا سنة 1998 أثناء افتحاص النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان، نصا على مراعاة الحجية المطلقة التي تكتسيها قرارات المجلس الدستوري بمقتضى الفصل 81 من الدستور انذاك، معتبران أن حجية قرارات القضاء الدستوري، لا تقتصر على النص الذي صدرت في شأنه، بل تمتد إلى أي نص آخر تجمعه وإياه وحدة الموضوع والسبب، كما هو الحال في النظام الداخلي لمجلس المستشارين بالنسبة إلى النظام الداخلي لمجلس النواب.
ولئن كان اجتهاد القضاء الدستوري الذي استندت عليه جلسة مناقشة بيانات رئيس الحكومة، من شأنه ان يغطي جزئيا البياضات التي يعاني منها نظامه الداخلي، ويجعل من الاجتهاد القضائي مصدرا للتشريع فإنه لا يمكن ان يقوم كمبرر دائم لخلق قواعد قانونية بناء على معيار القياس، مادام أن مجلس النواب يمكنه تعديل نظامه الداخلي باستمرار متى ظهرت الحاجة القانونية لذلك.
صحيح أن نطاق حجية القرارات الدستورية تشترط وحدة الموضوع والسبب، فالالتزام بحجية قرارات القضاء الدستوري، تقتضى عدم تضارب تلك القرارات خلال نظرها في نفس الموضوع المنظمين بمقتضى النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان، لكنها في الواقع هي حجية نسبية قصد بها القضاء الدستوري عدم امكانية الطعن فيها واكتسابها لحجية الشيء المقضي به، وليس امتداد نفاذها بشكل تام ومطابق إلى بين المجلسين، والمرد في ذلك، إلى الطابع الذاتي الذي يتسم به كل مجلس على حد في تنظيم شؤونه وتدبير جلساته، والا ما الحاجة الى وجود نظامين مختلفين لثنائية مجلسية.
فالقرار الصادر عن القضاء الدستوري بتقرير دستورية مادة معينة في النظام الداخلي لأحد المجلسين، بلا شك يشكل مقدمة لتقنينه بالمجلس الآخر، وسيفقد قيمته من الناحية التطبيقية في حالة تجاهل اي مجلس لتحيين قواعده بناء على قرارات دستورية والانحياز إلى العمل بمبدإ الحجية المطلقة للحكم الصادر عن القضاء الدستوري في كل لحظة وحين.
وعليه كان على مجلس النواب أن يسارع بتنظيم قواعد مناقشة بيانات رئيس الحكومة بناء على التقنين منذ اصدار قرار المحكمة الدستورية، وليس الاقتصار على معيار القياس، فهو مجلس يفترض فيه العلوية الدستورية والسمو على مجلس المستشارين، خصوصا وأنه سبق له أن وجد نفسه عاجز تشريعيا أمام نازلة مماثلة تتعلق بعرض الحصيلة المرحلية للحكومة طبقا للفصل 101 من الدستور حيث سكتت المادة 248 عن مآل جلسة ما بعد تقديم رئيس الحكومة لحصيلته المرحلية واضطر إلى للاقتداء بالغرفة الثانية الاستعانة بالقياس من مجلس المستشارين الذي ينص في نظامه الداخلي وخاصة المادة 274 على كيفية تنظيم جلسة مناقشة الحصيلة المرحلية للحكومة.