زنقة 20 | الرباط
في 31 مارس الماضي ، أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط حكماً يقضي برفض طلب زوجين مغربيين عالقين بالجزيرة الخضراء بعد إغلاق الحدود بسبب تفشي فيروس كورونا ، بدخول أرض الوطن.
ويثير هذا القرار اشكالية وضعية المغاربة العالقين بالخارج، بعد قرار السلطات المغربية بإغلاق حدودها في إطار إجراءات مواجهة فيروس كورونا، حيث وجد أزيد من 22 ألف مغربي أنفسهم عالقين في الخارج، غالبيتهم كانوا في زيارات قصيرة لعائلاتهم أو في رحلات سياحة أو عمل أو دراسة، ويتوزعون عبر مختلف دول العالم.
و قال منطوق الحكم ، أن الزوجين القاطنين بسلا ، سافرا إلى الديار الإسبانية و على إثر وباء كورونا المستجد ، و على إثر الإجراءات الوقائية و الإحترازية التي اتخذتها السلطات المغربية لمواجهة هذه الجائحة ومنها منع الرحلات الجوية و البحرية من الولوج إلى التراب الوطني بقيا عالقين بالجزيرة الخضراء.
و أضاف أن الزوجين قالا في طلبهما ان القرار سبب لهما ضررا ماديا و نفسيا لا يمكن تصور حجمه ، و لهما جميع المؤهلات التي تبرر أحقيتهما في الولوج إلى تراب المملكة إذ أنهما غير مصابين بفيروس كورونا و لهما سيارة خاصة و يمكنهما العبور عبر الجزيرة الخضراء إلى ميناء طنجة المتوسطي ولهما سكن خاص بنواحي سلا و في استقلال تام عن ابنائهم و أنهما مستعدين للإمتثال لجميع الإجراءات الوقائية و الإحترازية التي تأمر بها السلطات و كذا الخضوع للإجراءات الحجر الصحي و عدم مغادرة المنزل.
وأجاب الوكيل القضائي للمملكة بمذكرة التمس فيها التصريح بعدم الاختصاص أساسا واحتياطيا التصريح بعدم قبول الطلب.
وجاء في تعليل القرار أنه: “لئن كان المدعيان يحملان الجنسية المغربية ويقيمان بالمغرب ولهما حق الخروج والدخول من وإلى التراب الوطني طبقا لأحكام الدستور إلا أن ذلك يبقى في الأحوال العادية. أما في نازلة الحال فإن استمرار تواجدهما في منطقة العبور بالجزيرة الخضراء بعدما كانا قادمين إلى المغرب من إسبانيا، إنما يرجع إلى تدابير احترازية سريعة وحاسمة اتخذتها السلطات المغربية بفرض حظر جوي وبحري استنادا إلى السلطة التقديرية الواسعة الممنوحة لها في هذا المجال لحماية الصحة العامة، وهي تدابير أخذت شكلها وصيغتها القانونية بصدور مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية واجراءات الإعلان عنها”.
وأضاف القرار أن حالة الحظر الجوي والبحري “مجرد تدبير تنظيمي مؤقت لا يخل بمبدأ حرية الدخول والخروج من وإلى التراب الوطني كأصل عام، خاصة وأن سنده الفصل 24 من الدستور الذي يحدد ضوابط لتنظيم هذا الحق يؤسسها القانون نفسه”.
وعليه فإن هذه التدابير “لا يمكن تعطيل آثارها القانونية إلا في الحالات التي يقررها تدبير الحظر نفسه أو قرارات لاحقة متخذة من نفس السلطة وذلك في إطار قاعدة توازي الشكليات”.
و حسب خبراء قانون ، فإن القرار يكرس رقابة القضاء الاداري على القرارات الادارية المتخذة في اطار حالة الطوارئ الصحية، عكس الاتجاه الفقهي السائد القائل بتحصين هذه القرارات من رقابة القضاء لأنها تدخل ضمن أعمال السيادة.
وتعليقا على هذا الحكم اعتبر صبري لحو المحامي بهيئة مكناس والخبير في القانون الدولي أن “القضاء الإداري أخفق في حماية حرية العودة بمبرر شرعية الطوارئ الصحية الآنية، التي لا تمنعه”.
وأضاف أن “قراءة مرسوم الطوارئ، وخاصة الفقرة الثانية منه تظهر أن نطاق تطبيقه هو داخل تراب الإقليم المغربي من جهة، وإن نفس المرسوم عدد حصرا مظاهر التنقلات الممنوعة، ولا تشير إلى منع حق الرجوع وحرية العودة للوطن.” ، مستخلصا أن “قراءة القضاء الاستعجالي المغربي لنص المرسوم غير موفقة، ولم تكن في مستوى حماية الأمن القانوني للمواطنين الذي أنيط القضاء به تبعا لمهامه وللدستور”.
في نفس السياق قال محمد الهيني المحامي بهيئة تطوان “إن المسؤولية الحقوقية والأخلاقية للدولة حاضرة وبقوة بخصوص عدم استثناء المغاربة العالقين بالخارج من قرار الحظر الجوي، وكان من منطلق دستوري وحقوقي تنظيم رحلات جوية خاصة لاستقدامهم للمغرب مع تنظيم إجراءات حمائية بالمطارات والموانئ للتأكد من عدم إصابتهم بفيروس كورونا، ولم لا إقامة مستشفى عسكري متنقل على الحدود، لأن المواطنة لا ثمن لها”.
وأضاف أن : “من مهام الدولة دستوريا حماية أمن وصحة المواطنين وضمان حرية تنقلهم داخليا ودوليا، وفقا للفصول 21 و 22 و 24 من الدستور، لأنهم يحملون جواز سفر مغربي ولا يمكن حتى في إطار الظروف الاستثنائية تجاهلهم أو عدم التفكير في مصيرهم واتخاذ جميع الإجراءات المناسبة في مثل هذه الظروف لانتشالهم منها من الناحية الإنسانية “.