زنقة 20 . الأناضول
اعتمدت المغرب استراتيجية لمكافحة الإرهاب، تضم مقاربة أمنية وإصلاح الشأن الديني وتعاون دولي، بحسب باحثين مغاربة.
واتخذت البلاد قرارات هامة خلال الأشهر القليلة الماضية، مكنته من تحقيق نتائج مهمة في محاربة الارهاب، أولاها كان إحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (المخابرات المغربية ) خلال مارس/آذار الماضي.
وسيتولى المكتب معالجة العديد من الجرائم، خاصة الجريمة المنظمة و تجارة الأسلحة والمتفجرات والإرهاب والمساس بسلامة الدولة.
ويتعلق القرار الثاني، تعيين العاهل المغربي محمد السادس، في ايار/مايو الماضي، عبد اللطيف الحموشي، المدير العام لمديرية مراقبة التراب الوطني، مديرًا عامًا للأمن الوطني، ليجمع بين المنصبين في تجربة هي الأولى من نوعها بالبلاد.
وبموازاة ذلك، عملت الدولة على تقوية تعاونها مع دول مثل اسبانيا وفرنسا، في مجال مكافحة الارهاب.
وفي هذا الصدد قال وزير الداخلية الاسباني “خورخي فيرنانديث دياث” ، في ايلول/سبتمبر الماضي بالرباط، إن “استقرار وأمن المغرب مسألة إستراتيجية بالنسبة لإسبانيا وللمنطقة والاتحاد الأوروبي ” ، مشيرا إلى عزم بلاده المساهمة في تعزيز علاقات التعاون مع المغرب بهدف حماية المصالح المشتركة، بحسب وكالة المغرب الرسمية.
وبين الإستراتيجية الأمنية والتعاون الدولي، أطلقت المغرب مبادرات لإصلاح المجال الديني مؤخرًا، مثل معهد محمد السادس لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، ومؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، بالإضافة إلى عقد حوار مع سلفيين في السجون، أفرزت إطلاق سراح 37 منهم الأسبوع الماضي، بموجب عفو ملكي، وهذا يؤكد أن المغرب انتقلت إلى السرعة القصوى في محاربتها للإرهاب، بحسب مراسل الأناضول.
وقال عبد الحكيم أبو اللوز، الباحث المغربي في الشأن الديني والسلفية للأناضول إن بلاده اعتمدت استراتيجية لمكافحة الإرهاب، تضم مقاربة أمنية وإصلاح الشأن الديني .
وأضاف أن الاستراتيجية تعتمد بالدرجة الأولى على المقاربة الأمنية التي تقوم على رصد المجاهدين المغاربة بالخارج والداخل، في حين أن مقاربة إصلاح الحقل الديني تتعلق بإطلاق عدد من المؤسسات الدينية مؤخرًا.
وقال إن المؤسسات الجديدة تتجه لتسويق الخطاب الديني المغربي داخل البلاد وخارجها، بالإضافة إلى محاربة الإرهاب.
واعتبر أن بلاده تريد التخلص من إرث ملف السلفية الذي يعرضها لانتقادات كبيرة من طرف جمعيات حقوقية، وذلك من خلال إطلاق سراح 37 سلفيا كانوا متابعين في قضايا الإرهاب.
بدوره، قال خالد السموني الشرقاوي، مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والاستراتيجية (غير حكومي) للاناضول إن تحقيق بلاده لنتائج ايجابية في محاربة الإرهاب بسبب سياسته الأمنية القوية، خصوصًا أن مجموعة من العناصر الأمنية استفادت من التدريب في الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، مما جعلتهم يكتسبون خبرات متطورة.
وأضاف أن بلاده تعتمد المقاربة الأمنية الاستباقية، والتي تحول دون وقوع جرائم إرهابية أو سياسية.
وبحسب الشرقاوي فإنه” وبعد أحداث 2003 (تفجيرات الدار البيضاء) تم اعتماد مقاربة أمنية خصوصا أن هذه الأحداث خلقت صدمة لدى الدولة والشعب، ونتج عن ذلك بعض التجاوزات على مستوى أماكن الاحتجاز والاستنطاق”
واستدرك قائلاً “إلا ن بلاده بدأت في اعتماد حكامة أمنية(مراعاة حقوق المتابعين واحترام حقوق الإنسان) بعد ذلك”.
واعتبر أن المغرب “أصبح نموذجًا في العالم العربي في مجال السياسة الأمنية، جعل فرنسا واسبانيا تراهنان على التعاون مع بلاده”.
من جهتها ذكرت وزارة الداخلية “أن نحو 1505 مغربيًا، يقاتلون في صفوف الجماعات الإرهابية، بينهم 719 في صفوف تنظيم داعش الإرهابي”.
وأضافت الوزارة، في تقرير حصلت الأناضول على نسخة منه ، “أن 405 متطوعًا جهاديًا لقوا حتفهم في سوريا والعراق”.
فيما أشارت أنها تمكنت من تفكيك 15 خلية إرهابية، خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2015، كانت تعد لارتكاب جرائم تستهدف أمن وسلامة المملكة.
وأفاد وزير العدل والحريات المغربي، مصطفى الرميد، قبل أيام، أنه تم تسجيل 240 “قضية ارهاب” بمحاكم بلاده، خلال الـ 9 أشهر الأولى من 2015.
وقال الرميد خلال تقديم ميزانية وزارة العدل والحريات برسم عام 2016 داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، إنه تمت متابعة 230 متهمًا يشتبه بعلاقتهم بقضايا الإرهاب.
وكشفت الوزارة انه تم ما بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/ أيلول من عام 2014 متابعة 192 متهمًا بقضايا مكافحة الإرهاب .
وطالب منتدى الكرامة لحقوق الإنسان(غير حكومي)، بإعمال ما أسماه “المقاربة التصالحية” في التعامل مع المعتقلين في قضايا “الإرهاب” بالمغرب، داعياً إلى “نزع فتيل التوتر بين الدولة وأولئك المعتقلين”.
وقال المنتدى، في بيان أصدره، الإثنين الماضي، إنه “تلقى بارتياح كبير قرار العفو الملكي عن 37 معتقلاً، في إطار قانون مكافحة الإرهاب، من الذين تقدموا بطلب العفو، وأعلنوا عن مراجعة أفكارهم السابقة”، مضيفًا أنه “يثمن عاليًا” هذا القرار.
وكان العاهل المغربي الملك محمد السادس أصدر، الخميس الماضي، عفوًا استثنائيًا عن 4215 سجيناً، بينهم 37 من المحكومين بقضايا “الإرهاب” و215 من المنحدرين من الصحراء المتنازع عليها مع جبهة “البوليساريو”.
وكانت تفجيرات هزت مدينة الدار البيضاء (كبرى مدن المغرب ) في 16 مايو/آيار 2003، أودت بحياة نحو 45 شخصاً بينهم 12 من منفذي التفجيرات و8 أوروبيين.
وعلى إثر هذه التفجيرات اعتقلت السلطات المغربية، المئات من الأشخاص بتهمة الانتماء لتيار “السلفية الجهادية”، وتمت محاكمتهم بموجب قانون “الإرهاب”؛ حيث صدرت ضدهم أحكام وصفها أهالي المعتقلين بالمشددة .
ووفق قانون مكافحة “الإرهاب” الذي أصدرته السلطات المغربية في الـ28 من مايو/أيار 2003، تعتقل وتعرض على المحاكمات المئات من الموقوفين المتهمين بالإنتماء لجماعات تدين بالفكر السلفي الجهادي.
وكانت السلطات عقدت في 25 مارس /آذار 2011 اتفاقية مع ممثلين عن المعتقلين تقضي بالإفراج عنهم عبر دفعات.
وبموجب هذه الاتفاقية، أُفرج عن أعداد من المعتقلين بينهم رموز للـتيار السلفي، غير أن العدد الأكبر ما يزال قابعاً في السجون.