لماذا الإفراج عن السلفيين واستثناء معتقلي القضية الأمازيغية الأبرياء؟
بقلم : عادل أداسكو
ظل ملف المعتقلين السياسيين للحركة الثقافية الأمازيغية يراوح مكانه منذ سنوات، حيث لم يعرف أي تقدم كبير رغم كل أنواع الاحتجاج التي تمّ تنظيمها، ورغم المطالب التي رفعت في الشارع وداخل الجامعات وخلال أنشطة الجمعيات، وتم التعبير عنها في البيانات والمواقف ووسائل الإعلام، كما نظم الطلبة العديد من الوقفات الاحتجاجية سواء في العاصمة أو في مناطق أخرى من أجل إطلاق سراح الطلبة المعتقلين.
الأسئلة المطروحة هي التالية: إذا كان موقف الجميع واضحا من انعدام شروط المحاكمة العادلة في محاكمة الطلبة الأمازيغيين بمكناس، فلماذا تتعامل القوى الحقوقية والديمقراطية وكذا الحركة الأمازيغية مع هذا الملف بنوع من الفتور ؟ ولماذا لم نرَ أية مبادرة من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا الشأن، رغم الاتصالات التي تمت معه في هذا الموضوع ؟ وأين هم المحامون الذين يتولون الإشراف على هذه القضية ؟ ولماذا لا يقومون بتحريك الملف عبر وسائل الإعلام والندوات الصحفية واللقاء مع المسؤولين، وخاصة وزير العدل الذي بادر بمجرد توليه منصبه إلى إطلاق سراح المعتقلين السلفيين، وهي صفقة كانت بين السلفيين وحزب العدالة والتنمية جعلت السلفيين يصوتون لحزب المصباح في العديد من المناطق، مقابل إطلاق معتقليهم وإعادة فتح المدارس القرآنية التي أغلقتها السلطة بعد فضيحة الشيخ المغراوي، الذي دعا إلى تزويج الطفلة ابنة تسع سنوات ؟ وهدا ما يؤكده إفراج الدولة عن مجموعة كبيرة من معتقلي السلفية بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، ليبقى السؤال ماهي الضمانة التي تبحث عنها الدولة لطي ملف السلفيين وماذا ستستفيد من الإفراج عنهم؟
إن من الأسباب الرئيسية لضعف تدبير ملف معتقلي القضية الأمازيغية، ضعف الطرف الأمازيغي ومحدودية قدراته وتأثيره السياسي، سواء الجمعيات أو المحامون أو الفعاليات، ولعل الذي جعل الموضوع يبقى عالقا هذه المدة كلها ارتباط محاكمة الطلبة المعتقلين بمقتل أحد الطلبة الماركسيين، مما جعل العديد من الأطراف الحقوقية بمن فيها الأمازيغية نفسها تعتبر المحاكمة جنائية وليس سياسية، لكن الذي ينبغي التركيز عليه هو أنّ المحاكمة لم تكن عادلة، وأن الذي يعطيها الطابع السياسي هو التلفيق الذي عمدت إليه السلطات من أجل توريط الطلبة الأمازيغيين وإغلاق الملف باتهامهم عوض تسجيل واقعة القتل ضد مجهول، حيث ثبت أن المصالح الأمنية سعت إلى تلفيق التهمة للطالبين المعتقلين من أجل إنهاء القضية والتخلص من الطالبين في تصفية واضحة لحسابات الأمن مع تنظيم MCA بالجامعة.
من جهة أخرى لابد من تسجيل ملاحظة أساسية وهي أنّ إغراق ملف الطلبة المعتقلين خلال التظاهرات داخل عدد كبير من المطالب السياسية والاقتصادية والثقافية سواء في الشارع أو في البيانات لا يؤدّي إلى نتائج إيجابية، لأنه يُغيّب هذا الملف في ملفات أخرى، والصواب هو العمل على إبرازه في تظاهرات خاصة بالمعتقلين السياسيين وليس تغييبه وسط شعارات عامة.
ولا بد بهذا الصدد من التذكير بالعمل على المستوى الدولي، والذي لم يعرف تركيزا كبيرا على ملف معتقلي مكناس، مما يقتضي المزيد من الجهود في هذا الاتجاه كذلك.