زنقة 20 . الرباط
انتقد الملك محمد السادس الثلاثاء “الحسابات والمزايدات الضيقة” في مجال مكافحة الارهاب ودعا المجتمع الدولي الى توسيع الرؤية عبر اقامة شراكات جماعية قائمة على التنسيق الاستراتيجي والصدق والوفاء بالالتزامات لمحاربة ظاهرة التشدد.
ويمتلك المغرب تجربة رائدة في التعامل مع مخاطر التشدد عبر تبني منهج اصلاحي واسع يشمل الجوانب السياسية والاقتصادية، كما يقوم خصوصا على تأهيل الأئمة والخطباء لتقديم صورة الاسلام المعتدل والمتسامح، بالاضافة الى تفكيك وملاحقة الخلايا الارهابية النائمة.
وقال الملك محمد السادس في خطاب وجهه إلى قمة مكافحة تنظيم الدولة الاسلامية والتطرف العنيف في مقر الأمم المتحدة والذي تلاه وزير الخارجية صلاح الدين مزوار، إنها “مسؤولية جماعية لا ينبغي، بأي حال من الأحوال، أن تكون رهينة حسابات أو مزايدات ضيقة، أو موضوع استعلاء أو تحقير”، مضيفا أن محاربة هذه الآفة “يجب أن تقوم على توافر إرادة جماعية قوية، وعلى التنسيق والتعاون الثنائي والإقليمي في القيام بالعمليات الميدانية، وعلى تكامل واندماج الاستراتيجيات الوطنية”.
وأكد أن المعركة ضد التطرف والإرهاب، يجب أن تتسم بالقوة والعمق، من أجل جعل المواطنين أكثر ثقة ودعما للأنظمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية لبلدانهم، وتحصينهم ضد الأوهام، التي تقدمها لهم الإيديولوجيات المتطرفة.
وأضاف الملك محمد السادس انه ينبغي إعادة الاعتبار للقيم الدينية والروحية والثقافية والإنسانية، لأنها تفضح الادعاءات الفارغة، وتدحض المبررات المغلوطة، التي يستند عليها المتطرفون، في تفسير عملياتهم الوحشية.
وسلط الضوء على أن التحدي الأكبر في محاربة التطرف والإرهاب، يبقى هو الإيمان الجماعي بأن هذه الآفة العالمية، لا يمكن ربطها بأي دين أو حضارة أو ثقافة. فالجهود الدولية يجب أن تقوم على المساواة والاحترام المتبادل للهويات والخصوصيات الثقافية للشعوب، ولمعتقداتهم الدينية وقيمهم الروحية.
وشدد الملك محمد السادس ايضا على أن المعركة ضد التطرف، يجب أن ترتكز أيضا على تمكين الشباب والنساء من تربية منفتحة، تنهل من المبادئ والمرجعيات الأصيلة لمجتمعاتهم في تشبع بالقيم الكونية، لتحصينهم من نزوعات التعصب والانغلاق، وكذا الحرص على “تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعناها واتفقنا عليها جميعا، لأنها تضمن حياة أفضل للمواطنين، وتؤسس لعالم أكثر استقرارا”.
وأشار إلى أنه رغم تعدد المبادرات والأجوبة، التي تقدمها المجموعة الدولية، بما فيها العمليات العسكرية والأمنية، إلا أن العديد من البلدان، ما تزال تتعرض للضربات المؤلمة للإرهاب المقيت، الذي لا دين له ولا وطن.
وقال الملك محمد السادس ايضا ان “جماعات التطرف والإرهاب تواصل عملياتها الحقيرة في قتل الأبرياء وتخريب البنيات الاقتصادية وتدمير رموز ومظاهر التراث والحضارة الإنسانية التي تم بناؤها منذ قرون من الزمن، كما تستهدف المس بالوحدة الترابية للدول وزعزعة أمن الشعوب وطمأنينة بني البشر وتخريب الروابط الاجتماعية والثقافية والقيم الإنسانية التي تجمعهم”.
وتابع قائلا إن “الانتشار المقلق لهذه الآفة العالمية، يسائلنا جميعا ويدعونا للمزيد من التنسيق والتعاون وترشيد الوسائل المتاحة من أجل تحرك أكثر نجاعة وتأثيرا “.
وأكد أن الأبعاد الأمنية والعسكرية والقضائية لها دورها الكبير في محاربة التطرف والإرهاب. إلا أنها تبقى وحدها غير كافية، وهو ما يقتضي بلورة استراتيجية مندمجة، تشمل أيضا النهوض بالجانب الاجتماعي والتنموي، إضافة إلى الدور الهام للبعد التربوي والديني، في نشر ثقافة التسامح والاعتدال.
وأشاد الملك محمد السادس بمبادرة الرئيس الأميركي باراك أوباما بالدعوة لهذه القمة التي تأتي تعزيزا للدينامية القوية التي أطلقتها القمة المنعقدة بالبيت الأبيض في فبراير الماضي لمحاربة التطرف والإرهاب. كما “تعكس تنامي الوعي لدى المجموعة الدولية، بمدى خطورة الوضع، وبضرورة تضافر الجهود، من أجل التصدي للتهديدات الإرهابية المتزايدة”.
ووعد الملك محمد السادس بان المغرب الذي انخرط في المسار المؤسس لقمة واشنطن، سيواصل دعمه للأهداف والتوصيات التي صدرت عنها والانخراط في الجهود الدولية الهادفة لتوطيد الأمن والاستقرار عبر العالم والدفاع عن القيم الإنسانية الكونية.