زنقة 20 | الرباط
نشرت وكالة بلومبرغ الشهيرة تقريراً مطولاً حول الديون الخارجية للمغرب و ثلاث دول عربية أخرى و انعكاساتها السلبية على الإقتصاد الوطني.
و حسب بلومبرغ فإن الديون الخارجية المرتفعة ستضر باقتصاد المغرب وسيجد صعوبة في سدها ولكنها تبقى حسب ذات المصدر خياره الوحيد.
بلومبرغ قالت أن المغرب إلى جانب كل من مصر وتونس والأردن أصبحت أكثر اعتمادا على القروض الخارجية منه إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، إذا قارناها بالفترة التي سبقت سنة 2008.
ويتضح ذلك حسب الوكالة ، الانخفاض الذي شهدته نسبة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل ارتفاع نسبة الدين الخارجي من الناتج المحلي الإجمالي وإجمالي الصادرات.
و اعتبرت بلومبرغ أن تحقيق النمو من خلال الديون، عوض الاستثمار، سينعكس سلباً على قدرة هذه الدول على تنمية اقتصاداتها على المدى البعيد ، لأنها ستواجه صعوبة في الوفاء بالتزاماتها الخارجية، ومن المرجح أن تفوت الفرص لجذب الاستثمارات الأجنبية التي تحتاج إليها لتحقيق النمو وخلق فرص الشغل.
مشيرةً إلى أن الديون الخارجية للمغرب شهدت قفزة ملحوظة ، حيث قفزت النسبة من 65٪ إلى 75٪ ، كما أن نسبة الدين الخارجي من إجمالي الصادرات من السلع والخدمات والدخل الأولي ارتفعت بشكل مذهل ، حيث ارتفعت النسبة بين سنتي 2010 و 2017، من 97.6 % إلى 125 %.
هذه الأرقام كلها تتجاوز سقف 77 % الذي يعتبره البنك الدولي العتبة التي يبدأ فيها التأثير السلبي للدين الخارجي على النمو تقول بلومبرغ.
ورغم أن المستويات الإجمالية للمديونية الخارجية لم تبلغ بعد ما كانت عليه أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، فإن الوتيرة التي يتزايد بها الدين الخارجي تثير القلق بالنسبة للمغرب.
بالمقابل فإن نسبة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر من الناتج المحلي الإجمالي شهدت انخفاضًا كبيرًا منذ الأزمة المالية لسنة 2008 ، مشيرةً إلى أن الازمة المالية العالمية لسنة 2008 وتراجع التجارة العالمية ألحقت بالإقتصاد المغربي ضررا بالغاً بمستوى الاستثمار الأجنبي المباشر.
تلاها، بعد ذلك ببضع سنوات، الربيع العربي والإنتفاضات الشعبية التي أدت إلى اندلاع حروب أهلية طويلة الأمد، وانهيار الدولة، والتهجير الجماعي للسكان في عدد من الدول العربية.
بالنسبة لمصر وتونس تقول بلومبرغ فقد تأثرتا بشكل مباشر رغم أنهما لم تشهدا انهيار الدولة أو اضطرابات مدنية طويلة الأمد أما المغرب والأردن فرغم أنها كانا أكثر استقرارًا ـــ حتى أن المغرب تمكن في البداية من الاستفادة من الاضطرابات التي شهدتها تونس ومصر، وجذب المزيد من المستثمرين الأجانب الفارين من حالة اللايقين في هذين البلدين ـــ فإنهما، لم يكونا محصنين من السياقات الإقليمية والعالمية الأوسع.
في حالة المغرب، تورد بلومبرغ أدى تراجع النشاط الاقتصادي الدولي ،والركود في منطقة اليورو، إلى تفاقم العديد من نقاط الضعف المالية والاقتصادية البنيوية في البلاد.
الاستقرار السياسي النسبي الذي عرفته هذه الدول الأربعة ابتداءًا من سنتي 2014 و2015 حسب الوكالة المختصة، لم يتح لها مساحة كبيرة للانتعاش الكامل بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي، ما زاد من صعوبة تحقيق نمو تقوده الصادرات والاستثمارات الأجنبية المباشرة، ودفعها إلى الاقتراض الأجنبي بوصفه الخيار الوحيد القابل للتطبيق.
بلومبرغ قالت إن الانتعاش الظاهر اليوم ، كما يتضح ذلك في معدلات النمو، مرده أساساً إلى الدين الخارجي.
و اقترحت الوكالة حلولاً من بينها ، الاعتماد على الزيادة في الصادرات أو زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة ذلك أن الأسواق المالية الدولية غير مستقرة كما أن التجارة العالمية تتقلص.
كما ينبغي على الحكومات، تقول بلومبرغ ، بدلاً من ذلك، أن تستهدف الاستثمار المحلي في قطاعات التجارة التقليدية التي بمقدورها تحقيق نمو حقيقي وخلق فرص الشغل وربما تقليل الاعتماد على بعض الواردات.
كما يتعين على هذه الدول حسب الوكالة ، أن تُحسن استخدام التدفقات المالية الصافية التي حصلت عليها لسنوات في شكل تحويلات، عوض توجيهها نحو قطاعات غير قابلة للتداول على غرار العقار كما كان الحال في كثير من الأحيان.
و يجب استخدامها لتمويل الاستثمار في قطاعات أكثر إنتاجية من شأنها أن تؤدي في النهاية إلى تخفيف حدة المشاكل المزمنة التي يعاني منها ميزان المدفوعات.
كما يجب على الأنظمة في هذه الدول أن تعمل على تحسين العلاقات الإقليمية التي ظلت موجودة في العالم العربي منذ عقود تورد بلومبرغ.