زنقة 20 . الرباط
توجه السجين “محمد غلوط” المعتقل على خلفية مقتل الطالب عن تيار “العدالة والتنمية” بالجامعة “الحسناوي”، ببيان للرأي العام الوطني و الدولي من داخل زنزانته، تحدث من خلاله عن برائته وتفاصيل تفيد بكونه لم يكن أصلاً ضمن الطلبة يوم وقوع الجريمة.
وحسب نص الرسالة، فان “غلوط” الدي بعث ببيانه من داخل السجن، مطالباً القضاء بالنظر في برائته والافراج عنه.
وفيما يلي نص بيانه كما توصلنا به :
محمد غلوط
رقم الاعتقال : 89477
توضيح لابد منه للرأي العام الوطني والدولي
عديدة هي الأسئلة التي تتناسل وتتقاطر على ذهني وتفكيري، هناك من اجد لها أجوبة تشفي غليلي، وهناك من لا أجد لها أجوبة إلى حدود الساعة، ولازالت تحيرني وتؤرقني وربما سيجيب عنها المستقبل سواء القريب أو البعيد. تعددت القراءات والتنظيرات لما وقع قبل وأثناء وبعد 24 أبريل 2014، لكنها التقت في نقطة واحدة بأنها مؤامرة حيكت خيوطها بحنكة بالغة هدفها ضرب وإرسال إشارات لمن يهمه الأمر داخل وخارج الجامعة.
فمن خلال هذا التوضيح البسيط والمهم في نفس الوقت سأحاول أن أتطرق بالتفصيل إلى كيفية اعتقالنا نحن الأربعة (إبراهيم لهبوبي، عبد الرزاق أعراب، عمر الطيبي، ومحمد غلوط( بمقهى “لاس بالماس “بحي النرجس يوم 24 أبريل 2014 حوالي الساعة السابعة مساءا، كما سأحاول أن أرصد بعض التطورات التي حصلت ما بعد اعتقالنا خصوصا جلسات “التحقيق التفصيلي” وجلسات “المحاكمة” إلى أن صدر الحكم الجائر في حقنا يوم 18 يونيو 2015.
التاريخ الخميس 24 أبريل 2014 التوقيت حوالي الساعة السابعة مساءا، المكان مقهى “لاس بالماس” بحي النرجس الكل ينتظر (أقصد نحن الأربعة :إبراهيم، عبد الرزاق، عمر، محمد) بداية نصف نهاية دوري الاتحاد الأوربي بين نادي جيفونتيس الايطالي وبينفيكا البرتغالي، والى حدود بداية المقابلة ضحك وقفاشات نتبادلها نحن الأربعة، لكن عوض تتبع المقابلة الكروية كانت في الخفاء تنفذ مؤامرة وصلتنا حلقاتها إلى غاية المقهى. رجال بزي مدني يلجون المقهى دفعة واحدة، وبالمقابل أبواب تقفل وتغلق وأحدهم يتوجه نحونا وهو يبتسم ويقول :ها هو ما ها هوما. أمام الطاولة التي كنا حولها نحن الأربعة يقف أمامنا حوالي أربعة أشخاص كلهم بزي مدني، خلفنا نفس العدد وبكل باب مؤدية إلى المقهى تجد شخصين بزي مدني، يتحدث إلي أحدهم ويقول : غلوط نوض معانا. أجبته وأنا مبتسم ومتعجب في الوقت ذاته : علاش نوض معاكم !؟ وشكون نتوما !؟ أجابني : معاك البوليس غادي تمشي معانا وغادي تعرف علاش. بعدها تم تصفيدي واقتيادي نحو سيارة مدنية كانت مركونة أمام المقهى، وفي طريقنا نحو السيارة سمعت أحدهم يقول : وهادو أشاف؟ أجابه الثاني قائلا : جيبهوم حتى هوما. ثم اقتيادي لوحدي رفقة ثلاثة عناصر كلهم بزي مدني، أنا أتوسط اثنين بالمقاعد الخلفية للسيارة وأحدهم تكلف بالسياقة ويبدو من خلال حديثهم معه بأنه هو المسؤول عن تلك الفرقة، لكن بالمقابل أسئلة كثيرة تناسلت على ذهني : ما الذي يقع؟ ولماذا تم اعتقالنا نحن الأربعة؟ هل هناك شيء لا أعلم به؟ هل هي مذكرة بحث خاطئة كما وقع لي بمدينة صفرو وعندما تم اعتقالي مباشرة بعد خروجي من السجن (أسبوع تقريبا على خروجي من السجن نهاية شهر فبراير 2014)؟ سألتهم :أشاف شنو واقع؟ وعلاش شديتونا؟ أجابني أحدهم: زيد وسكوت هانت غادي تعرف
وصلنا إلى” الولاية” التي يوجد مقرها وسط المدينة ثم إخراجي من السيارة المدنية والولوج بي إلى الداخل، وضعوني بأحد المكاتب وانا مصفد الأيدي ليتحلق حولي مجموعة من الأشخاص كلهم بزي مدني، سألني أحدهم : أش كتعاود أغلوط؟ أجبته كنسلك مع الوقت. وفي نفس اللحظة سألته : شنو واقع وشنو كاين الشاف؟ وعلاش تشديت؟ أجابني : شوية وغادي تعرف. بعدها بحوالي خمس دقائق تم إدخال كل من إبراهيم لهبوبي، عبد الرزاق أعراب، وعمر الطيبي دفعة واحدة، وأرى في ملامحهم ومن خلال محياهم نفس الأسئلة التي كانت تؤرقني. جلسنا حوالي نصف ساعة بذلك المكتب بعدما تم تفريقنا على الزوايا الأربع، ليلج مجموعة من الأشخاص المكان الذي نتواجد به، وبدؤا يسألوننا : شنو وقع هاد النهار فالجامعة؟ وكفاش داكشي لي وقع؟واش هاد المواجهة على حساب الندوة؟ وعلاش…؟ وكيفاش…؟ ويمتا…؟ الخ.إجابتنا كانت بشكل مختصر ما علاقتنا نحن بالمواجهة؟ صحيح أنه حصلت مواجهة في الجامعة وهذا ما بلغ إلى علمنا، ولكن ما علاقتنا نحن !؟ سألونا :كيفاش أش علاقتكم؟ فأجبناهم كل من موقعه فكانت إجابة عبد الرزاق أعراب : أنا طالب في السنة الثالثة علوم فزيائية لكن لا علاقة لي بالطلبة القاعديين و”التجديد الطلابي”، أما إبراهيم لهبوبي فأكد أنه لا علاقة له بالجامعة ويتابع دراسته وتكوينه بمعهد التكنولوجيا المتواجد بطريق إيموزار، وبخصوصي أنا وعمر الطيبي فقد أكدنا أننا لسنا بطلبة وحصلنا على الإجازة موسم 2012 /2013، وانتهت علاقتنا التنظيمية بالطلبة القاعديين بمجرد حصولنا على الإجازة في يوليوز 2013، كما أضفنا أننا لا علاقة لنا لا بالطلبة القاعديين ولا بأي تنظيم سياسي أو نقابي بالمغرب ككل.
بعد هذه الأسئلة الموجزة تم أخذنا كل لوحده من أجل التقاط صور فوتوغرافية سيتم عرضها كما قالو على ثلاث أشخاص مصابين تم نقلهم إلى المركب الاستشفائيCHU ، بعد هذه العملية تم انزالنا إلى قبو “الولاية” أو كما يسمى “لاكاب” أو “جيول” وقد تم تفريقنا وتوزيعنا على مجموعتين أنا وعبد الرزاق أعراب في زنزانة وعمر الطيبي وإبراهيم لهبوبي في زنزانة أخرى.
في اليوم الموالي الجمعة 25 أبريل 2014 تم أخذ عمر الطيبي من أجل التحقيق معه، فسألوه مجموعة من الأسئلة تتعلق بالمواجهة التي وقعت بالجامعة وبحيثياتها، إلا أنه أكد لهم بأنه لا علاقة له بما وقع بالجامعة ولم يكن متواجدا لحظة وقوع المواجهة، وأعطاهم التفاصيل الدقيقة عن يومه وكيف أمضاه بدءا من صالون الحلاقة بحي مونفلوري الذي تواجد به من أجل الحلاقة، مرورا بمقهى “بالما” بحي ليراك التي كنت أنا متواجدا بها رفقة بعض الأصدقاء، وصولا إلى النادي الجامعي في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال ثم مقهى “لاس بالماس” بحي النرجس في حدود الساعة الخامسة مساءا.
بعد هاته الجولة من التحقيق التي أجريت مع عمر الطيبي جاء دوري، ليبدؤا بأسئلتهم : فين كنتي لبارح من 12 h إلى h12 : 30؟ أجبتهم : كنت في مقهى “بالما”. وقبل ذلك فين كنتي؟ جئت إلى مدينة فاس يوم الأربعاء صباحا أمضيت اليوم بكامله مع أحد أصدقائي، أما بخصوص يوم أمس (أي الخميس 24 أبريل 2014) استيقظنا من النوم في حدود 11 :30 ثم توجهنا إلى احدى المقشدات لتناول وجبة الفطور ولازلت أتذكر حتى ما تناولته وتناوله صديقي وبعدها اتجهنا نحو مقهى “بالما” التي لا يفصلها سوى أقل من دقيقة، وهناك وجدنا صديق صديقي ينتظرنا. قاطعني أحدهم قائلا : شكون هداك ليبات معاك؟ وشكون تلقيتو فلقهوة؟ أجبته بأن الأول موظف بمدينة الدار البيضاء ولديه في هاته الأيام عطلة، أما بخصوص الثاني فهو حلاق بمدينة تاونات وبالضبط بقرية كلاز وهو صديق الأول. ثم سألني عن علاقتي بالطلبة القاعديين؟ فأجبته : أنه ليست لدي أي علاقة بالطلبة القاعديين وبأنني حصلت على الإجازة الموسم الماضي 2012/2013. كما أضاف : واش عندك شي علاقة بشي تنظيم بارا على لجامعة؟فأجبته : بأنني بعد حصولي على الإجازة لم تعد تربطني أي علاقة سواء بالطلبة القاعديين أو بأي تنظيم سياسي أو نقابي خارج الجامعة.كما سألني عن ترددي على الجامعة ما بين الفينة والأخرى؟ فأجبتهم بأنني أحضر لمباريات ولوج سلك الماستر، خصوصا وأنني اجتزت هذه السنة مباريتين الأولى بمدينة الرباط في شعبة العلوم السياسية والثانية بمدينة فاس بشعبة العلاقات الدولية إلا أنه تم إقصائي وحرماني بداعي الحضور الإجباري، خصوصا وأنني اجتزت هذه المباريات وأنا في السجن المحلي عين قادوس -فاس- ما بين 26 يوليوز 2013 و 12 فبراير 2014، ومن أجل التحضير لهاته المباريات من الضروري أن أتردد على الجامعة ما بين الفينة والأخرى بغية اقتناء بعض الكتب والمراجع الضرورية لهذا الغرض. قاطعني متسائلا : صافي أسيدي معياش جاعندك عمر الطيبي لقهوة؟ أجبته :في حدود الساعة الواحدة والنصف بعد زوال. ومعياش مشيتو للجامعة؟ أجبته : في حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال خرجا من المقهى صديقي والشخص الذي كان يرافقه وقد أخبرونا بأنهم سيسافرون إلى قرية كلاز في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال، وعند هذا التوقيت بالضبط (أي15 (h اتجهنا أنا وعمر الطيبي إلى الجامعة. وشحال بقيتو تما؟ أجبته :حوالي ساعتين. وشكون تلقيتوتما؟ وكيفاش لقيتو الأجواء؟ كانت الأجواء عادية والتقينا إبراهيم لهبوبي واحدى الطالبات وبعده التقينا مع أعراب عبد الرزاق، واتجهنا نحو مقهى “لاس بالماس” في حدود الساعة الخامسة. ثم أضاف متسائلا : شكون خبرك بالمواجهة؟ لحظة جلوسنا بالمقهى “بالما” كان هناك أحد الطلبة وفوق طاولته جهاز حاسوب وقبل التحاق عمر الطيبي بنا أخبرني بان هناك اخباربإحدى صفحات الفاسبوك تؤكد اندلاع مواجهة بالجامعة. وشنو كان مكتوب بالضبط؟ أجبته بأن الإخبار كان مكتوبا على الشكل التالي : عاجل من جامعة فاس : في هذه الأثناء تشن القوى الظلامية هجوما على مناضلي الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والجماهير الطلابية. بعد هذه الإجابة سألني مجددا : صافي هي هاد الطالب هو لي اكدليك المواجهة كاينا فالجامعة؟ أجبته أن الطالب أخبرني لما لاحظ هذا الإخبار عبر جهاز حاسوبه، وبان طالبة تقطن بالحي الجامعي هي من أكدت لي صحة الخير عبر الهاتف النقال.
انتهت إذن الجولة الأولى من التحقيق واقتصرت فقط على هاته الأسئلة التي أشرت اليها، كما أنها لم تشمل عبد الرزاق أعراب وإبراهيم لهبوبي، ليتم إرجاعي إلى “لاكاب” أو “جيول”وتفريقنا على اربع زنازن كل في زنزانة.
في صباح اليوم الموالي السبت 26 أبريل 2014، تم تصفيدنا مثنى مثنى من أجل تقديمنا إلى “المحكمة الابتدائية” كما قالوا لنا،إلا أننا وفي طريقنا صوب الوجهة المذكورة سلفا كما كنا نظن غير السائق الوجهة نحو محكمة الاستئناف فتسالنا : لماذا محكمة الاستئناف؟ فلم يجبنا أي احد. عند المدخل تم التوجه بنا نحو احد المكاتب الذي عليه اسم “نائب الوكيل العام”، وعند مدخل المكتب سألنا أحد المحاميين الذي كان هناك : واش نتوما هما الطالبة لي مشدودين على الموت؟ أجبناه: شنو؟ ! الموت؟! ليجيبه احدهم كان رفقتنا بزي مدني : سير بحالك اشريف أشمن موت كتقول هادو رهوم طلبة أش بينهم وبين شي موت.
طيلةانتظارناأمام باب المكتب ظللنا نترقب ونتساءل عم قاله ذلك المحامي الذي انصرف إلى وجهة مجهولة، ماذا قال؟ هل سمعت جيدا؟ هل أنا في حلم؟ بعدها تم إدخالنا دفعة واحدة واخبرنا “نائب الوكيل العام” : واش فخبركوم راه واحد الطالب ديال “التجديد الطلابي” مات لبارح فطبيب أجبناه : لا مفخبرناش، ثم سألنا : واش مخبركومش بها فلولاية؟ أجبناه : لامفخرناش وماكلهنا حتى واحد .فقال لنا : واش كنتو حاضرين في المواجهة؟ أجبناه: لا مكوناش. فقال في الأخير : سيرو دبا يكون خير. فوقع على تمديد مدة الحراسة النظرية وتم إرجاعنا من جديد إلى “الولاية”، ليبدأ مسلسل التحقيق من جديد ونفس الأسئلة التي وجهت لنا تم إعادة طرحها من جديد، لكن قبل الأسئلة تحدث احدهم بنبرة حادة قائلا : شوفو هدي راها الموت لي عندو شي حاجة يقولها، ورحنا عارفين وعندنا طريقتنا باش نعرفو شكون كان وشكون مكانش فلمواجهة، ونتوما بربعة بيكم رحنا عارفنكوم مكنتوش، فكانت إجابتنا نفسها باننا لا علاقة لنا بالمواجهة، ولم نكن متواجدين بالجامعة لحظة وقوعها، واننا التقينا صدفة بالنادي الجامعي، وبعدها توجهنا إلى المقهى السلف الذكر “لاس بالماس”، ولكل واحد منا ما يثبت عدم وجوده بالجامعة لحظة وقوع المواجهة.
وللإشارة فإبراهيم لهبوبي وعبد الرزاق أعراب تم التحقيق معهم في جولة واحدة فقط كانت يوم السبت بعد الزوال واكدوا بانهم ليست لديهم أي علاقة بالمواجهة التي وقعت بالجامعة، وان لديهم ما يؤكد أقوالهما.
بعد هذا التحقيق المارطوني والذي انطلق من يوم الخميس 24 أبريل 2014 وامتد إلى غاية يوم السبت 26 أبريل 2014 وبعدما قدم كل منا دلائله وحججه، وكذا الإجابة على جميع الأسئلة التي طرحت علينا، القى كل واحد منا نظرة على جهاز الحاسوب الذي كان يدون فيه ما نقوله، وفي مساء نفس اليوم أي السبت 26 أبريل 2014 وقعنا على المحاضر دون قراءتها بدريعة أنها نفسها التي رأينها على جهاز الحاسوب، ليتم في صبيحة اليوم الموالي تقديمنا إلى “محكمة الاستئناف” على جولتين، الأولى تم عرضنا على “نائب الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف” والذي أكد لنا بأنه سيتم منحنا الصراح المؤقت أو حفظ الملف، أما الجولة الثانية فكانت عرضنا على “قاضي التحقيق” الذي حقق معنا تمهيديا وأكدنا له بأننا لا علاقة لنا بما وقع يوم 24 أبريل وعلى أنه لدينا ما يثبت أقوالنا وصرح كل واحد منا بالمكان الذي كان فيه وقت المواجهة مع ذكر بعض أسماء الشهود والذين بإمكانهم تأكيد أقوالنا، لكننا سنفاجئ في الأخير باعتقالنا نحن الثلاثة عبد الرزاق أعراب، عمر الطيبي وأنا، ويمنح إبراهيم الهبوبي الصراح المؤقت.
كانت هذه أهم التفاصيل التي حصلت منذ اعتقالنا طيلة أربعة أيام من يوم الخميس 24 أبريل 2014، استمرت إلى غاية تقديمنا يوم الأحد 27 أبريل 2014 على أنظار “محكمة الاستئناف”، وتجدر الإشارة إلى أن الصور التي التقطت لنا يوم اعتقالنا (24 أبريل ) تم عرضها على المصابين الأول يتابع دراسته بكلية العلوم ظهر المهراز – فاس- فيما الثاني يتابع دراسته بجامعة مكناس كما هو مدون ومذكور بمحاضر اعتقالنا وأكد كليهما بأنهما لم يتعرفا علي بشكل مطلق وأضافا بأنهما لم يشاهدانني بالجامعة يوم المواجهة.
وصلنا إلى السجن السيء الذكر عين قادوس، مساء يوم الأحد 27 أبريل 2014 وكنا على موعد مع أولى جلسات “التحقيق التفصيلي” يوم 26 ماي 2014، والى حدود هذا التاريخ تتالت الاعتقالات إلى أن وصل عددنا احدى عشر معتقلا سياسيا يوم 20 ماي 2014.
لن أتطرق إلى كل الجلسات التي مرت بالمحكمة، لكنني سأسلط الضوء على أهم المحطات الأساسية سواء المتعلقة “بالتحقيق التفصيلي” أو “بالمحاكمة”
-فبتاريخ 10 يونيو 2014 سيجري “قاضي التحقيق” أول مواجهة بيننا وبين “الضحية المزعوم” الذي كان متواجد بكلية العلوم – فاس – ساعة المواجهة، هذا الأخير سوف يتعرف على ست رفاق لم أكن بينهم، علما أنه غير ما قاله في السابق أمام “الضابطة القضائية”
– أما بتاريخ 24 يونيو 2014 سيجري “قاضي التحقيق” ثاني مواجهة وهذه المرة كانت بيننا وبين “الشاهد المزعوم” والذي يتابع دراسته بمدينة مكناس، وكان ساعة المواجهة بكلية الحقوق – فاس – هذا الأخير سيغير بدوره أقواله السابقة وسيشير بأصابع الاتهام إلى سبع رفاق كنت من بينهم هذه المرة، علما أنني لا أعرفه و لم يسبق لي أن رأيته ولا مرة في حياتي، والغريب في الأمر هو أنه أكد في وقت سابق عدم معرفته لي وعدم مشاهدته لي بالجامعة بشكل مطلق وهذا مدون بمحاضر الاستماع أمام “الضابطة القضائية”.
انتهت إذن سلسلة المواجهات التي نظمها “قاضي التحقيق” وبدأت أطوار استدعاء شهود النفي والذين اكدوا جميعهم نفس المعطيات التي أشرت اليها في السابق، وكل أقوالهم فهي مدونة بمحاضر الاستماع التي أنجزت من طرف “قاض التحقيق”،أما بخصوص الاستماع إلي تفصيليا فقد كان يوم 14 أكتوبر 2014، وقد أكدت ما قلته سواء لدى “الضابطة القضائية” أو لدى “قاضي التحقيق” تمهيديا.
أما بخصوص جلسات المحاكمة فسوف أتطرق إلى الجلستين الأخيرتين : جلست 21 ماي 2015، وجلسة 18 يونيو 2015، وهي التي شهدت النطق بالحكم الجائر في حقنا.
فخلال جلست 21 ماي 2015 تم الاستماع فيها الينا جميعا وقد أشار كل واحد منا إلى المكان الذي كان يتواجد به يوم 24 أبريل 2014 وفق الشكل التالي :
– صرح الرفيقين أسامة زنطار وبلقاسم بن عز بان تواجدهما كان على مستوى كلية الآداب لحظة المواجهة. (التفاصيل في تقارير لاحقة(
– صرح الرفاق عبد النبي شعول ومصطفى شعول وعبد الوهاب الرمادي بانهم كانوا من بين الطلبة المعتصمين بكلية العلوم، وتفاجؤوا بهجوم تقوده عناصر غريبة عن الجامعة. (التفاصيل في تقارير لاحقة(
– صرح الرفيقين ياسين لمسيح وهشام بولفت بان تواجدهما كان على مستوى كلية الحقوق وتفاجا بهجوم تقوده عناصر غريبة عن الجامعة. (التفاصيل في تقارير لاحقة(
– صرح الرفيق زكرياء منهيش انه كان بمدينة خريبكة في الفترة الممتدة ما بين 15 أبريل 2014 ولم يلتحق بمدينة فاس حتى يوم 25 أبريل 2014
– أما نحن الأربعة (لهبوبي، أعراب، الطيبي، غلوط) فقد صرحنا باننا لم نكن متواجدين بالجامعة ساعة وقوع المواجهة، كما اكدنا ما قلناه طيلة أشواط المحاكمة، فلهبوبي صرح بانه كان يدرس بمعهد التكنولوجيا بطريق إيموزار من الساعة الثامنة صباحا إلى حدود الساعة الواحدة بعد الزوال يوم 24 أبريل، أما فيما يخص أعراب فقد صرح بانه كان متواجدا بقاعة للرياضة صبيحة يوم 24 أبريل، وبعدها توجه إلى منزله بحي مونفلوري ومكث نائما إلى غاية الساعة الرابعة بعد الزوال ولديه ما يؤكد أقواله، وبالنسبة لعمر الطيبي فقد صرح بانه كان متواجدا بصالون للحلاقة ساعة المواجهة وبعدها توجه نحو منزله بحي مونفلوري وفي حدود الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال توجه نحو مقهى “بالما” بحي ليراك ومكث هناك إلى حدود الثالثة بعد الزوال، أما بخصوصي أنا فقد صرحت بانني استيقظت من النوم في حدود الحادية عشر والنصف من صباح يوم 24 أبريل أنا وأحد أصدقائي هذا الأخير لم يفارقني طيلة يوم 23 أبريل 2014 وكذا يوم 24 أبريل 2014، وبعدها توجهنا إلى احدى المقشدات بحي ليراك لتناول وجبة الفطور، والتحقنا سويا بمقهى “بالما” التي لا تفصلها سوى اقل من دقيقة وهناك وجدنا احد أصدقاء صديقي الذي كان بانتظارنا، وقد جالسناه بنفس الطاولة. وفي حدود الساعة الواحدة والنصف تقريبا التحق بنا عمر الطيبي الذي جلس بدوره رفقتنا وفي حدود الساعة الثانية والنصف بعد الزوال خرجا كل من صديقي والشخص الأخر الذي كان معنا واخبرنا بانهما سيسافران في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال إلى قرية كلاز، لنمكث أنا وعمر الطيبي بنفس المقهى المذكورة إلى حدود الساعة الثالثة بعد الزوال. كما أضفت بانني عرفت المواجهة عن طريق أحد الطلبة الذي كان جالسا بالمقهى ولديه جهاز حاسوب فوق طاولته وهو من اخبرني بان هناك إخبار بإحدى صفحات الفاسبوك تؤكد اندلاع المواجهة بالجامعة، كما أن هناك طالبة تقطن بالحي الجامعي إناث هي من أكدت لي صحة الخبر عبر الهاتف النقال.
بعد الاستماع الينا من طرف المحكمة جاء الدور على الشهود “النفي” و”الاثبات” اللذين كانوا خارج القاعة، فبدأت “هيئة المحكمة” بالمنادات عليهم الواحد تلوى لأخر، فبخصوص “شهود النفي” فقد صرحوا بنفس التصريحات السابقة أمام “قاضي التحقيق” والتي تؤكد نفس ما قلناه طيلة أشواط المحاكمة وهذا مدون بمحاضر الاستماع التي أنجزت لهم سواء لدى “قاضي التحقيق” أو لدى “هيئة المحكمة”. ليأتي الدور بعد ذلك على “شهود الإثبات”،فالأول لم يحضر طيلة جلسات المحاكمة، واعني “شاهد” كلية العلوم.أما بخصوص الثاني والذي يدرس بجامعة مكناس كما ذكرت سلفا فقد كان حاضرا، وغير أقواله للمرة الثالثة على التوالي،الأولى كانت أمام “الضابطة القضائية”، الثانية أمام “قاضي التحقيق”، والثالثة أمام “هيئة المحكمة”، والغريب في الأمر وما تعجبت له شخصيا كيف يعقل لشخص يروي ثلاث روايات مختلفة أن تأخذ شهادته على محمل من الجد؟! فهذه المرة سوف يشير بأصابع الاتهام لتسع معتقلين سياسيين أي أضاف اثنين في حالة شك كما صرح، والغريب أكثر أنه أشار بأصبع الاتهام للرفيق إبراهيم للهبوبي الذي يتابع في حالة سراح مؤقت ولديه وثيقة إدارية تؤكد عدم تواجده بالمكان الذي يذكره “الشاهد المزعوم”.
هذه أهم تفاصيل جلسة 21 ماي 2015، أما جلسة 18 يونيو 2015 والتي شهدت النطق بالحكم الجائر في حقنا، فكانت مخصصة لمرافعات المحاميين وما تم تسجيله هو رفض كل الملتمسات والدفعات التي تقدمت بها هيأت الدفاع سواء التقرير المنجز من طرف المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تقرير الطبيب المشرف على نتيجة التشريح الطبي، عدم توفر الملف الطبي، الاستماع لعميد كلية الحقوق بفاس، الاستماع لعميد كلية العلوم بفاس، الاستماع لرئيس الجامعة …الخ، كما تمت مقاطعة مرافعات هياة الدفاع لأكثر من مرة بل الأكثر من ذلك انسحاب هيأة المحكمة لأكثر من مرة،والفظيع والغريب في الأمر فهيأة المحكمة انسحبت للمداولة وإصدار الحكم دون إعطائنا الكلمة الأخيرة، وبعد مداولة لم تدم سوى نصف ساعة أصدرت هيأة الحكم حكمها الجائر في حقنا بعد أذان المغرب وكان مجموع الأحكام 111 سنة من السجن النافذ، كان نصيبي منها 15 سنة سجنا نافذا.
فبالرجوع إلى هاته المعطيات التي أشرت اليها منذ اعتقالنا في 24 أبريل 2014 والتي طرحتها ووضحتها بشكل موضوعي وبعيدا عن الذاتية يتبين بأن كل شيء كان مقصودا وبان المؤامرة حيكت خيوطها بحنكة بالغة وما أشواط المحاكمة إلا تكملة لمسرحية ومؤامرة بدأت فصولها قبل 24 أبريل 2014.
وفي الأخير أناشد كل المناضلين والمناضلات وكل الإطارات والهيئات الحقوقية الوطنية والدولية فضح هاته المؤامرة والنضال على أرضيتها من أجل كشف الحقيقة.
محمد غلوط
رقم الاعتقال : 89477