زنقة 20. مراكش | ومع
اليوم الخميس بمراكش، اطلاق الدورة السنوية الخامسة لتقرير ” تيارات أطلسية حول الآفاق الأطلسية ” ، التي ميزت افتتاح أشغال الدورة السابعة للمؤتمر الدولي “حوارات أطلسية”.
ويروم هذا التقرير، الذي يصدر بمناسبة هذا المؤتمر الذي ينظم سنويا من قبل مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، النهوض بالحوار الأطلسي بين جميع الأطراف المنتمية لهذا الفضاء الجيو- سياسي ( افريقيا، الكراييب، أوربا، أمريكا اللاتينية، والولايات المتحدة )، والذي أصبح (الحوار) ضروريا بالنظر إلى التغيرات السريعة الحاصلة بالمناطق المنتمية للمحيط الأطلسي خلال السنوات الأخيرة، بهدف ترسيخ المساهمة التحليلية التي يقدمها هذا المؤتمر.
وحسب منظمي هذا المؤتمر، فإن الهدف يمكن في تسهيل البناء الجيو- سياسي الجديد لهذه المنطقة الاستراتيجية، موضحين أن هذه الدورة الجديدة من الحوار الأطلسي تروم اكتشاف المشاكل الرئيسية وتحديد الاكراهات التي تعترض هذه المنطقة الاستراتيجية، لتحليل الاشكالات كأزمة المهاجرين، أو التعاون عبر المحيط الأطلسي في مجالات التغذية والفلاحة.
ويعالج التقرير، أيضا، الفجوة القائمة بين الشمال والجنوب حول التغيرات المناخية، ومستقبل الحكامة المتعددة الأطراف في مجال الأمن والتجارة الدولية، بالإضافة إلى آفاق الأزمة المالية العالمية الجديدة.
واستنادا إلى تحليل باحثين ومختصين رائدين في مجال التنمية، يقدم التقرير تحليلا مدققا للرهانات السياسية للفضاء الأطلسي في النظام العالمي الذي يوجد في تحول ويقترح رؤية حول المستقبل عبر تحديد الامكانات الكفيلة بتعزيز الاندماج والتعاون.
وبهذه المناسبة نظمت جلسة، أطرتها السيدة بشرى الرحموني عن مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، بمشاركة كل من رئيسة مبادرة نساء بإفريقيا السيدة حفصة أبيولا ( نيجيريا)، ومدير مجموعة الحكامة والإعمار لدى الأمم المتحدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا السيد يونس أبو أيوب، بالإضافة إلى رشيد الحديكي، الباحث بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، ويوسف محمود ، مستشار بالبرنامج المتعلق بالعمليات الخاصة باستتباب السلم بإفريقيا والشرق الأوسط التابعة للمعهد الدولي للسلام.
وخلال هذه الجلسة، التي تميزت بحضور شخصيات رفيعة المستوى، من ضمنهم مستشار صاحب الجلالة السيد أندري أزولاي، والسيد يوسف العمراني، الذي كان قد عينه صاحب الجلالة سفيرا لجلالته بجنوب إفريقيا، والسفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة السيد عمر هلال، والأمين العام السابق للجامعة العربية السيد عمرو موسى، أشارت السيدة بشرى الرحموني إلى أن هذا التقرير الخامس يعتبر “مبتكرا وعرضانيا”.
وأوضحت أنه مبتكر لكونه لا يتعلق بسلسلة من ردود فعل، وإنما يشكل مقاربة إيجابية تهدف إلى منح أسس جديدة للتعاون المثمر الذي يسهم في تحقيق التنمية بالفضاء الأطلسي.
من جهتها، أبرزت أبيولا ، أن هذه الدورة من “تيارات أطلسية” ترتكز على مصطلح ” الجنوب” الذي يعتبر المفهوم الذي يحظى باهتمام كبير لدى دول العالم الثالث منذ مؤتمر باندونغ.
وقالت إن هذا التقرير يعتبر “الحل الموجه” في عالم أصبح يتسم بالشراسة، مشيرة إلى أن هناك حاليا “حاجة بالنسبة لإفريقيا لتوسيع آفاقها والاتجاه نحو فضاءات جديدة كأمريكا اللاتينية التي لديها تشابه كبير على المستوى التاريخي والسياسي والاقتصادي والثقافي مع هذه القارة “.
من جانبه، ركز أبو أيوب فيي تدخله على مستقبل مفهوم تعدد الأطراف، الذي أثار النقاش بسبب السياسة الأمريكية الجديدة التي يقودها الرئيس دونالد ترامب.
وذكر أبو أيوب ، أن الخطاب الأول للرئيس الأمريكي بالجمعية العامة للأمم المتحدة ” كان على ما يبدو ضربة قوية للتعددية “، متسائلا إذا ما كان مفهوم التعددية، الذي استمر منذ سنوات عدة، لا يزال له مستقبل في هذه الثقافة التي يطغى عليها الانكماش على الذات.
وقال إن “اليقين الوحيد يكمن في كون تأثير الولايات المتحدة الأمريكية تقلص نتيجة للتراجع التدريجي لقوتها الناعمة”، مضيفا أن القوة الناعمة شكلت منذ سنوات طويلة قوة كبيرة بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية.
وفي السياق نفسه، لاحظ رشيد الحديكي ، أن هناك أزمة أكيدة في ما بتعلق بالتعددية التي يمكن أن تصبح أكثر من أزمة قوة لأن العالم أضحى متعدد الأقطاب، مشيرا إلى ” أن هويات، كانت مهمشة، كإفريقيا والبلدان الصاعدة، تدعو إلى إعادة صياغة مفهوم الحكامة العالمية”.
وبعد أن تساءل عن وجود مستقبل لحلف الأطلسي في هذا النظام العالمي الجديد، وما ستربحه أوربا من تشكيل دفاعها الخاص، خلص إلى القول أن ” اليقين الوحيد لدينا، هو أنه بعد 70 سنة من التواجد، حان الوقت لمراجعة الذات والاصلاح بالنسبة للحلف الأطلسي”.
أما يوسف محمود، فركز تدخله على مفهوم السلام والأمن، قائلا ” إنه ترسخ لدينا اعتقاد بكون أن السلام، هو النظام الذي يأتي بعد الحرب”.
وبعد أن أبرز أن هناك “سلام سلبي”، دعا يوسف محمود ، إلى إعادة النظر في مفاهيم السلام، ذلك “أن السلام أصبح استثناء، وأن الحديث عن السلام يكون حينما يتعلق الأمر بالنزاع، وأننا نركز كل طاقاتنا حول النزاعات “. وقال في هذا السياق، “إذا أردنا سلاما مستداما، فيتعين علينا حل المشاكل الأساسية والتركيز على الأمور الناجحة”.
وتعرف أشغال المؤتمر الدولي السابع ل”حوارات أطلسية” ، المنظم برعاية الملك محمد السادس على مدى ثلاثة أيام بمبادرة من مركز التفكير المغربي “مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد” حول موضوع “ديناميات أطلسية.. تجاوز نقاط القطيعة”، مشاركة 350 شخصا من 90 دولة.
وتهدف “حوارات أطلسية” إلى بلورة خطاب آخر وبوادر حلول، وذلك عبر مقارنة وجهات نظر مختلف المشاركين المتدخلين من الشمال ومن الجنوب. وتهدف هذه الحوارات المتجذرة في المغرب، البلد الذي يقع على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، إلى تطوير ثقافة التميز الإفريقي، وروح الانفتاح والتنوع الكبير.