زنقة 20 . وكالات
كان أوّل نبأ جاد به المكتب المركزي للتحقيقات القضائية، بعد افتتاحه أمام وسائل الإعلام المغربية نهاية الشهر الماضي، هو ورود اسم الناشط العلماني أحمد عصيد في قائمة الشخصيات المهددة بالاغتيال من طرف خلية إرهابية موالية لـ”داعش” تدعى “أحفاد بن تاشفين”.
الأسباب التي ضمت عصيد إلى هذه القائمة معروفة وإن لم يتم الإفصاح عنها، فالحرّكات المتطرّفة لا تتقبل وجود علماني يدعو بشكل دائم إلى الحرية الفردية بعيدًا عن التقاليد والقوانين التي تطبّعت بها المجتمعات الإسلامية.
أحمد عصيد المعروف كذلك بنشاطه من أجل القضية الأمازيغية، تحدث لموقع CNN بالعربية، أن ذِكر اسمه هذه المرة يجعل من كل التهديدات التي تلقاها سابقًا أمرًا واقعيًا، فطالما تعرّض للتحريض من طرف بعض المتشدّدين بسبب أفكاره حول الدين والمجتمع، مشيرًا إلى أن السلطات المغربية أخذت هذا التهديد بعين الجد، وشرعت في تفكيك الكثير من الخلايات الإرهابية، وفي اتباع مقاربة أمنية أظهرت صلابتها.
لكن ماذا تغيّر في حياة أحمد عصيد بعد هذه التهديدات، يجيب ضيفنا بأن لا شيء تغيّر، إذ يحيا بشكل عادٍ:”انتهيت للتو من محاضرة حول المدرسة والقيم، وأنا مسافر الآن إلى مدينة تارودانت الجنوبية للمشاركة في محاضرة هناك، كما سأسافر إلى خارج الوطن لمحاضرة أخرى.. باختصار لا يزال برنامجي كما كان دون أيّ تبديل، فلو أذعنت للخوف من هؤلاء، سأشجعهم على المضيّ في الإرهاب.”
ويضيف عصيد:” لا بد من تكتل شعبي وطني ضد الإرهاب، فخطورة هذا الأخير ليست هي تهديد الأفراد، بل في محاولة زعزعة استقرار المغرب الذي يسير بخطوات نحو المستقبل وإن كانت بطيئة، لا سيما وأن الخيار الديمقراطي صار من ثوابت البلاد وأضحى يشكّل توافقًا وطنيًا بين كل القوى، فحتى وإن كانت السلطة تمارس انتهاكات متعددة في ممارساتها اليومية، إلّا أنه لا يمكن إنكار المكتسبات التي تحققت بفضل نضالات الحركات الديمقراطية.”
لكن لماذا يظهر في غالب الأحيان أحمد عصيد شبه وحيدٍ في خندق العلمانيين المغاربية؟ الأسباب تنقسم حسب الناشط ذاته إلى أربع محاور أساسية. أوّلًا: ارتباط النخب المثقفة القديمة بالأحزاب السياسية، ممّا جعلها تتبنى منظورًا براغماتيا للنقاش المجتمعي لا يتصادم مع الفئات المحافظة. ثانيًا: بحث عدد من المثقفين عن المقاعد في المؤسسات بعيدًا عن النقاش العمومي. ثالثًا: اقتصار البعض الآخر على مجال الأبحاث المؤدى عنها أو انطوائهم في عملهم الجامعي. رابعًا: تزايد مظاهر العنف اللفظي والتشهير بالمثقفين.
يحمل أحمد عصيد الكثير من الأمل رغم المعيقات:” لا بد أن يتحلّى العلمانيون المغاربة بالصبر وأن يمضوا قدمًا في الدفاع عن أفكارهم رغم حملات التهديد والتشهير والتخوين، مشروعنا واضح ولا يسيء لأيّ كان، إذ نبتغي فصل للدين عن السياسة بما يحفظ السلم داخل مجتمعاتنا، خاصة وأن التجربة الإسلامية على مدار قرون، أثبتت استحالة دمقرطة الأنظمة التي تجمع بين الدين والسياسة”.