صدام عنيف بين ‘البام’ و ‘البيجيدي’ بعد دعوة بنشماش إلى ‘إلغاء’ الإنتخابات و التخلص من حكومة العثماني

زنقة 20 | الرباط

أثار مقال نشره الأمين العام الجديد لحزب الأصالة و المعاصرة “حكيم بنشماش” مؤخراً حفيظة حزب العدالة و التنمية بعدما دعا فيه إلى التخلص من حكومة سعد الدين العثماني لـ”إنقاذ البلد و تحرير المجتمع”.

بنشماش يقول في أحد فقرات مقاله المعنون بـ”بعد ورقة المظلومية .. المقاطعة تسقط أقنعة الحكومة” أن : ” اللحظة تستوجب الوقوف، ليس فقط على معطى جوهري يشكل حلقة مفقودة، لم تحض بالدراسة والبحث المعمقين، ويتمثل في التساؤل المفصلي عن التكلفة التي يؤديها وسيؤديها البلد من جراء “حجز” ورهن وكبح الحكومة لإمكانات وفرص التطور الوطني في مختلف المجالات، وهي إمكانات وفرص موجودة وحقيقية، بل التنبيه أيضا إلى أن هناك اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، حاجة ملحة ومستعجلة إلى “إنقاذ” البلد من حكومة “اعتقلت” المجتمع ورهنته بشكل خطير”.

كلام بنشماش أثار غضب قيادات “البيجيدي” حيث وصفته بـ”الإنقلابي” فيما اعتبر رئيس فريق الحزب المذكور بمجلس المستشارين “نبيل الشيخي” أن ما كتبه بنشماش “خواطر وهواجس متهافتة”.

و كتب “الشيخي” على صفحته الفايسبوكية يقول : ” لا يمكنك،في مثل هذه الحالة إلا أن تستغرب من الجرأة والخلفيات التي تدفع امثال هؤلاء للتطاول على أسس ومنطلقات ومرجعيات في متن الدستور، تشكل أساس البناء الديمقراطي”.

و أضاف : ” بطبيعة الحال، يمكن أن نتفهم توجيه المعارضة لانتقادات للحكومة كيفما كانت درجة حدتها، ويمكن أن نستسيغ الدعوة والتعبئة للإطاحة بها، عند الاقتضاء، وفق مقتضيات الدستور، لكن أن يصل التردي إلى مستوى الدعوة للانقلاب على الشرعية الانتخابية التي تتأسس عليها المؤسسات الدستورية، فإن هذا يدل على أننا بصدد انحراف خطير في مشهدنا السياسي لن ولا يمكن أن يمر مرور الكرام”.

من جهتها شنت البرلمانية عن “البيجيدي” أمينة ماء العينين هجوماً لاذعاً على الأمين العام لحزب “الجرار” معبرةً عن استغرابها من ” أمر سياسي حزبي يعتبر الشخصية البروتكولية الرابعة في البلد من خلال ترؤسه لمجلس منتخب باعتباره شخصا منتخبا ثم ينعت الشرعية الانتخابية- فقط لأنها لم تحمل حزبه لرئاسة الحكومة رغم كل الخسائر الديمقراطية التي تكبدها المغرب لأجل ذلك- ينعتها بالشرعية الزائفة”.

و أضافت أنه ” يعتبر أن شرعية الحزب الأول هي في الحقيقة شرعية منقوصة لأنها لا تمثل إلا شرعية قاعدة انتخابية ضئيلة طيب، اذا كانت حقيقة شرعية الحزب الاول منقوصة بناء على نتائجه الانتخابية فإن شرعية بنشماس وحزبه ستعتبر بمنطق رياضي بسيط منعدمة تماما باعتبار أن قاعدته الانتخابية- خاصة إذا ما احتسبت خارج “الدوباج”- أكثر ضآلة من قاعدة الحزب الأول”.

“وبناء على منطق بنشماس وليس منطق غيره،سيحق للجميع أن يتساءل:بأي صفة يخاطبنا هذا الرجل الطاعن في الشرعيات الانتخابية من أعلى منصة مؤسسة منتخبة؟ خاصة إذا ما استحضرنا “تكرديعته” الشهيرة في حي يعقوب المنصور على يد شباب يافعين من الحزب الذي خلّف لديه -ولسوء حظه- عقدة الانتخابات،فجعل من نفسه أضحوكة عالمية يصلح التنذر بها في باب النكت السياسية: رجل يترأس مؤسسة منتخبة ثم يطعن في شرعية الانتخابات ويعتبرها شرعية زائفة و”كابحة” تضيف “ماء العينين”.

البرلماني الآخر عن حزب “اللامبة” محمد خيي الخمليشي” كتب بدوره مهاجماً بنشماش قائلاً : ” لم يعد الامر سرا … وما كان بالامس حديثا بالهمس صارا اليوم توجها رسميا يدشن به بنشماس قيادته لحزبه ، و بعد الانقلاب الناعم على الشرعية الانتخابية ونتائج 7 أكتوبر 2016 و فرض أغلبية حكومية على رئيس الحكومة ، يبدو ان مسار التراجعات يأخذ اليوم منعطفا جديدا ، فالمطالب “الديمقراطية ” لهذا الحزب الذي ولد من علاقة غير شرعية بين السلطوية ونخب فاشلة تجاوزت ( المطالب) سقف انتظارات من سَخّروه في بداية الامر لمواجهة ما سماه بنشماس ب” الاسلام السياسي”.

و أضاف : ” وهكذا فان بنشماس سائق الجرار -بدون رخصة قيادة طبعا- لا يخفي حنقه و ضيقه الشديد حتى من استمرار تواجد حكومة يتمثل فيها البيجيدي على استحياء … السائق الجديد للتراكتور قالك أسيدي لا يجوز رهن البلاد لشرعيات زائفة … و خصنا نعالجو الدستور من الكوابح والعوائق اللي فيه باش ينطلق قطار الإصلاح في البلاد”.

و استطرد قائلاً : ” اييه أسيدي ، في نظر الزعيم بنشماس اعتماد الشرعية الانتخابية في تشكيل الحكومة هي من العوائق و الكوابح الموجودة في الوثيقة الدستورية … وعليه يرى ان لحزبه الجرأة في المطالبة بازالة هذه العوائق من الدستور … وهذه خاتمة مقال بنشماس : ” هل يستقيم كبح ورهن إمكانات التطور الوطني باسم “شرعية انتخابية” هي في الواقع ليست شيئا آخر غير “شرعية ” قاعدة انتخابية لا تمثل الا نسبة ضئيلة جدا لمجتمع يريد أن يتقدم الى الأمام؟ ” هادوا راهم انقلابيين غير ما لاقو كيفاش والسلام “.

المحلل السياسي “إدريس الكنبوري” قال في تصريح لـRue20.Com أن حزب الأصالة والمعاصرة يحاول اليوم استثمار الوضع الاجتماعي والسياسي لصالحه في إطار صراعه التقليدي مع حزب العدالة والتنمية، وهذا أمر طبيعي تلجأ إليه مختلف الأحزاب السياسية بمن فيها التيار الإسلامي.

و اعتبر “الكنبوري” أن “البام” يرى اليوم أن حملة المقاطعة أظهرت الهامش الضيق للشرعية الانتخابية لدى حزب العدالة والتنمية والأحزاب الأخرى المشاركة في الحكومة.

و أبرز ذات المختص في حديثه للجريدة أن مضمون مقال بنشماس هو أن احتلال الرتبة الأولى في الانتخابات لا يضمن بالضرورة النجاعة الحكومية وهذا أمر سليم، لأننا عادة نربط ما بين الفوز الانتخابي وبين الأداء العملي، بينما لا يوجد ارتباط بين الإثنين.

و زاد الكنبوري في التوضيح أنه يمكن أن يحتل حزب معين الرتبة الأولى في الانتخابات لكنه يأتي بسياسات كارثية على مستوى التدبير خصوصا وأن هشاشة البنية السياسية لدينا وغياب التقاليد الديمقراطية في العمل السياسي يجعل الحصول على الصف الأول في الانتخابات حافزا على الشعور بالتفوق على الآخرين والتعالي السياسي والنزعة الطائفية أو الحزبية الضيقة.

و اعتبر ذات المحلل السياسي أن هذه الأفكار ما كان يجب أن تصدر أن رجل يترأس حزبا سياسيا، بل عن مثقفين مثلا، لأن الرجل السياسي حسب قوله منخرط بشكل طبيعي في الدينامية الانتخابية ولا يمكنه أن يطعن في الشرعية الانتخاببية لأنه بذلك يطعن في شرعيته هو وفي شرعية حزبه.

من جهته قال “رشيد لزرق” دكتور العلوم السياسية” في حديثه لـRue20.Com أن المؤسسات مهددة من طرف قوى تعمل من خارجها، مشيراً إلى أن هناك خلطا بين “حكومة وحدة وطنية”، وحكومة الكفاءات، التي يؤيّد اللجوء إليها لإخراج البلاد من أزمتها.

و أوضح “لزرق” أنّ حكومة الكفاءات ستُبْقي للأحزاب السياسية ممارسة دورها في البرلمان، وكذا على مستوى تسيير الجهات، بيْنما يفوّض شأن تسيير الحكومة لوزراء تكنوقراط، مضيفا: “إعمال حالة الاستثناء هو الخيار المتعقّل والأنسب للمرحلة الحالية، لكونه إجراء دستوريا يدخل ضمن الاختيارات العديدة المُتاحة لرئيس الدولة، ويمكن أن يشكل الضمانة المؤسساتية لصيانة الحقوق الأساسية المنصوص عليها في الدستور”.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد